هل يجوز اعتكاف الرجل في المنزل؟.. «الإفتاء» تُجيب
ورد إلى دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه، هل يجوز اعتكاف الرجل في المنزل؟.
وعرفت دار الإفتاء، أن الاعتكاف في اللغة، افتعالٌ، مِن عَكَف على الشيء؛ إذا لازمه وواظب عليه؛ قال تعالى: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَﱠ﴾ [الأنبياء: 52]، ويقال: عكفتُ الشيء؛ أي: حبسته؛ قال تعالى: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾[الفتح: 25]، ومنه: الاعتكاف؛ لأنه حبس النفس عن التصرفات العادية، "المصباح المنير" للفيومي (2/ 424، ط. المكتبة العلمية).
وتابعت الدار، أن الاعتكاف شرعًا هو"اللبث في المسجد على صفةٍ مخصوصةٍ بنيةٍ. "فتح القدير" لابن الهمام (2/ 305، ط. دار إحياء التراث)، و"المغني" لابن قدامة (3/ 186، ط. مكتبة القاهرة).
وأوضحت دار الإفتاء، أنه قد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنَّه لا يصح اعتكاف الرَّجُل إلَّا في المسجد؛ وذلك لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧].
فالآية دالة على اشتراط المسجد في صحة الاعتكاف؛ وذلك لأنَّه لو صحَّ الاعتكاف في غيرِ المسجد لم يختَصَّ تحريمُ المباشرةِ به؛ وذلك لأنَّ إتيان الرجل المرأة ينافي الاعتكاف إجماعًا، فعُلِمَ مِن تخصيص ذكر المساجد أنَّ الاعتكافَ لا يكونُ إلَّا فيها. "شرح الزرقاني على الموطأ" بتصرف يسير (2/ 306، ط. مكتبة الثقافة الدينية).
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "وإن كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لَيُدْخِلُ عليَّ رأسَه وهو في المسجِدِ، فأُرَجِّلُهُ، وكان لا يدخُلُ البيتَ إلَّا لحاجةٍ إذا كان مُعتَكِفًا" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
يقول العَلَّامة ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (2/ 226، ط. دار النشر): [وقد يستدل بهذه الأحاديث على أَنَّ المسجد شرط في الاعتكاف من حيث إنَّه قصد لذلك، وفيه مخالفة العادة في الاختلاط بالناس لا سيما النساء، فلو جاز الاعتكاف في البيوت لما خالف المقتضى؛ لعدم الاختلاط بالناس في المسجد وتحمل المشقة في الخروج لعوارض الخِلْقة] اهـ.
ولفتت الدار، إلى أنه قد نَقَل الإجماع على اشتراط المسجد في صحة الاعتكاف للرَّجُل.