الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”انسف مطبخك البرلمانى القديم”
يعد تعبير "المطبخ البرلمانى" تعبيرًا سياسيًا، وليس تعبيرًا منزليًا، ويستخدم من جانب جميع برلمانات العالم وليس البرلمان المصرى فقط. ويطلق هذا التعبير على اللجان النوعية للبرلمان المختصة بتجهيز وإعداد التقارير التشريعية والرقابية التى تعرض على البرلمان لمناقشتها واصدارها.
وإذا كان المطبخ المنزلى يضم احيانًا طباخًا ماهرًا يفهم فى أصول الطبخ وإعداد الوجبات الشهية التى يتم الاقبال عليها، واحيانا اخرى طباخًا غير ماهر لا يجيد فنون الطبخ ويهرب أفراد الأسرة إلى مطبخ المطاعم وشراء الوجبات منها.، فهكذا الحال داخل "المطبخ البرلمانى" المسئول عن إعداد الوجبات البرلمانية للمجلس.
وبنظرة تأمل ورصد وتدقيق على عمل "المطبخ البرلمانى" لمجلس النواب فى سنة اولى برلمان، ووفقا لما تضمنه تقرير رئيس مجلس النواب المستشار حنفى الجبالى، فإن "لمطبخ البرلمانى"، على المستوى الكمى وليس الكيفى، أعد للمجلس ٨٥٦ تقريرًا برلمانيًا، وقامت اللجان بـ ١٨ زيارة برلمانية، أى بمتوسط نصف زيارة لكل لجنة، لأن عدد اللجان ٢٥ لجنة، وعقدت ١٥٠٢ اجتماع بمتوسط ٦٠ اجتماعًا لكل لجنة.
وهذا التقييم الكمى الذى ورد فى تقرير رئيس مجلس النواب عن حصاد عمل "المطبخ البرلمانى" للمجلس لم يتضمن رصد التقييم الكيفى لعمل "المطبخ البرلمانى"، وتحديد من أجاد فى العمل من رؤساء هذه اللجان ويتطلب الأمر استمراره فى سنه ثانية برلمان، ومن من رؤساء اللجان قصر فى إدارة عمل اللجنة ويتطلب الأمر إعطاء الفرصة لآخرين فى رئاسة اللجنة فى السنه الثانية للبرلمان.
وعملًا بالوصف البرلمانى الذى اطلقته عام ١٩٨٩، وهو لقب "أبوالهول" على النواب الصامتين تحت القبة، فإن هذا اللقب ينطبق على ١٠ لجان برلمانية على الأقل خلال سنة أولى برلمان، بل لا أبالغ إذا قلت إن هذه اللجان البرلمانية كانت خارج الخدمة دون تسويف او تهويل.
واللجان العشرة هى لجنه الشئون الإفريقية، ورئيسها هو شريف الجبلى، حيث خلا حصاد عملها من أى موضوع يذكر أو تقرير قدمته للمناقشة تحت القبة، بل لم تطرح أهم وأخطر ملف يهم المصريين وهو ملف سد النهضة على أجندة عملها.
وأيضا، لجنة الشئون العربية، ويرأسها يسرى المغازي وهو متخصص فى شئون الإسكان. فلم نسمع حتى عن إصدار التقارير وهي المهمة التقليدية للجان، ولم تطرح هذه اللجنة قضية العلاقات المصرية العربية على مائدة الحوار داخلها، ومنها على سبيل المثال العلاقات المصرية القطرية الى أين؟، وأيضا تشكيل تجمع جديد طرحته العراق مؤخرًا وشارك فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى وعاهل الأردن. حتى المساعدات المصرية لبعض الدول العربية، ومنها لبنان وتونس، وأيضا مبادرة الرئيس السيسى لإعمار غزة بمبلغ ١٠٠ مليون دولار لم تفكر اللجنه فى مناقشتها.
وكذلك الأمر في لجنة الإعلام والثقافة التي ترأسها المذيعة والوزيرة السابقة للإعلام درية شرف الدين والتي اعتبرت أن الإطاحة بوزير الدولة السابق للإعلام السابق أسامة هيكل من منصبه هو أهم إنجاز لها، ثم دخلت اللجنة الكهف بعد ذلك دون طرح قضايا وتحديات الإعلام المصرى على مائدة الحوارأ، وان اهتمامها بكتابة مقال اسبوعى بجريدة المصرى اليوم يفوق اهتمامها بلجنة الثقافة والاعلام و لسان حالها يقول إن تغيير وضع الإعلام من المحال.ويبقى الحال على ماهو عليه وعلى المتضرر من الاعلام المصرى يلجأ للاعلام البديل
أما لجنة الشئون الدينية ورئيسها الدكتور على جمعة - ولا أحد يجادل فى علمه الدينى والفقهى- ولكن أثبتت التجربة فى سنة أولى برلمان أن الملعب البرلمانى ليس ملعبه، وأن تجديد الخطاب الدينى الذى طالب به كثيرًا الرئيس عبدالفتاح السيسى ليس مسئولية اللجنة الدينية في مجلس النواب.
ونأتي إلى لجنة الطاقة والبيئة ورئيسها حسام صالح عوض الله - وهو نجل النائب الراحل صالح عوض الله الذى عاصرته منذ عام ١٩٩٠حتى عام ٢٠٠٠ - فنجد أن ابن الوز ليس عوامًا، والدليل أن هذه اللجنة فى سنة أولى برلمان خرجت ولم تعد، وأن شكاوى المستهلكين من فواتير الكهرباء والغاز لم تطرح داخل اللجنة، وكانت قضية التلوث البيئى وجباية أموال للنظافة على فواتير الكهرباء دون تقديم خدمات مقابل ذلك قضية مجهولة للجنة.
ولجنة الشباب والرياضة ورئيسها النائب الشاب محمود حسين - الذى عرفته فى دورة ٢٠٠٠ /٢٠٠٥ عندما كان يزور المجلس مرافقًا لنائب بورسعيد السابق الحسينى أبوقمر- ورغم تفائلي الكبير بتوجيه رئاسة اللجنة، لكن سرعان ما تبدد هذا التفاؤل، لأن جميع الأحداث الساخنة على الساحة الرياضية، سواء ما حدث فى دورة طوكيو الأولمبية، وتدخل الفيفا فى شئون كرة القدم وتوالي اللجان المعينة من قبل الفيفا لإدارة الجبلاية، وتدخل وزير الشباب فى شئون نادى الزمالك، ثم مخالفة اللجنة الحالية لاتحاد كرة القدم لتوجيهات الرئيس السيسي بعدم الاعتماد على مدير فنى أجنبى للمنتخب الوطنى.وايضا قضية عودة الجماهير للملاعب وشراء الاندية وليس اللاعبين فقك كل هذه القضايا المهمة لم تفكر اللجنة فى طرحها للنقاش، وكأن اللجنة "شاهد ماشفش حاجة".
وأيضا، لجنة الصحة ويراسها وزير سابق وهو الدكتور اشرف حاتم، فإنها لم تطرح هموم المصريين الصحية على مائدة الحوار، ورحلات العذاب للمرضى فى بعض المستشفيات، وأسعار العلاج فى المستشفيات الخاصة، ونقص العديد من الأدوية من الصيدليات. كل هذه القضايا الهامة سقطت من اهتمام معالى الوزير الأسبق الذى لم يرتد حتى الآن ثوب نائب الشعب، ولا يزال مرتديًا الثوب الوزارى.
أما اللجنة الاقتصادية ، فنجد أن رئيسها أحمد سمير لايعرف الكثيرون تحت قبه البرلمان وخارجها ما هي علاقته بالاقتصاد، وهو المسئول عن ذلك لأنه يتجنب الرد على أسئلة الصحفيين دائمًا ويعيش فى حالة إنزواء برلمانية أثرت على عمل ونشاط اللجنة التى عاصرتها شعلة نشاط عندما كان رئيسها الراحل الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد االأسبق، وايضا الراحلان عبد الله طايل وسعيد الألفى.
وكما لدينا الاقتصاد الخفى، فإن لجنة أحمد سمير اختفت من خريطة سنة أولى برلمان.
وحتى لا أكرر الكلام، فإن قائمة اللجان البرلمانية التى يمكن ان تحصل على تقدير ضعيف فى سنة أولى برلمان، تضم لجنة القوى العاملة ورئيسها عادل عبد الفضيل، ولجنة السياحة والطيران ورئيستها نورا على.
وهذا الرصد والتقيم هو نتاج خبرة برلمانية امتدت لنحو ٤٥عاما، تابعت خلالها عمل وأداء "المطبخ البرلمانى"، ولا يستهدف الرصد والتقييم أشخاصًا بعينهم، ولا رؤساء هذه اللجان، فلهم منى كل احترام، ولكنني استهدف تقييمًا موضوعيًا لأدائهم فى إدارة هذه اللجان خلال سنة أولى برلمان، مما يجعلنى أطالبهم بأن يتخذوا زمام المبادرة بأنفسهم، ويتركوا رئاسة اللجان لنواب آخرين مقدمين المثل والقدوة البرلمانية اللتين نفتقدهما كثيرًا
واذا لم يحدث ذلك، فان حزب "مستقبل وطن"، وهو حزب الأغلبية،وزعيم الاغلبية النائب اشرف رشاد عليه اتخاذ قرار التغيير داخل هذه اللجان لأن مهمة حزب الاغلبية هى قدرته على اتخاذ قرارات التطوير والتغيير داخل هيكله البرلمانى،
فى الوقت المناسب وليس فى الوقت الضائع والدفع برؤساء لجان قادرين على تفعيل دور ومهمة
المطبخ البرلمانى" وتقديم وجبات برلمانية جيدة لصالح الشعب، لأن "المطبخ البرلمانى" هو مطبخ الشعب وليس مطبخًا عائليًا.
مقالات تهمك
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. مصر لن تكون اورشليم اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. سر أمنى فى مظروف مفتوح اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. خليك في البيت أرنب اضغط هنا
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى نائب رئيس جريدة الجمهورية ومستشار تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية وعميد المحررين البرلمانيين