فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمحلل المالى .. يكتب .. اَلتَعَدِياَتُ .. عَديِدةٌ .. وخَطِيِرَةٌ
فى توجيه واضح وحازم " بل وغاضب – إذا جاز لنا التعبير " وفيما يشبه التوجيه " بإستخدام القوة الغاشمة مع الإرهاب فى سيناء " وجه الرئيس الحكومة بإزالة التعديات على المجاري المائية وتغريم المتعدى قيمة تكلفة الإزالة ومعاقبته بالحرمان من بعض أنواع الدعم التى قد يحصل عليها.
توجيه الرئيس بإزالة ومجابهة التعديات على المجارى المائية, صائب ومطلوب تطبيقه على مدار الساعة ليس فقط على التعديات على المجارى المائية, بل مطلوب تطبيقه على كافة أنواع وأشكال التعديات القديم منها والحديث.
مثْبَتٌ بالسجلات:
فى ظل ما كان سائدا قبل 30 يونيو 2013 , من محسوبية ورشوة وطرمخة والحفاظ على شعبية الأسرة الحاكمة وتلاها مصلحة الجماعة أيضا " الحاكمة ", إعتاد أفراد الحاشية وأصحاب الحظوة التعدى على ممتلكات الشعب والإستيلاء عليها بل ونجحوا فى تقنيين هذا التعدى والإستيلاء عليها وامتلكوا مستندات رسمية أصلية ومسجلة فى دفاتر الدولة القانونية, وهذا يسهل إثباته وقد ثبت فعلا بالعودة الى السجلات الرسمية, وقد شاهدنا بعد ثورة 30 يونيو إزالات عديدة, وتوفيق أوضاع فى ظل القانون.
مثْبَتٌ بالواقع والحُجة فى خرائط الهيئة المصرية العامة للمساحة منذ عام 1898م , و مصلحة الأملاك الأميرية منذ عام 1913م:
وكما أن للحق مَنطِقْ فللباطل أيضا وجهة نظر, وجهة نظر الباطل هذه تقول:
( إذا لقيت أبوك بيهد بيت العيلة إلحق لك منه قالب), بهذا الفكر الهدام تعامل أعوان النظام والجماعة مع المال العام, حيث تعاون الأفراد والعائلات المُسيسة والمنتمية وغيرهم مع صغار وكبار موظفى الدولة فى قرى ومراكز وإدارات الأقاليم معا فى:
أولاً .. الإستيلاء على حق 58 مليون مواطن فى الطريق:
الطرق الرئيسية والفرعية والطرقات التى تربط بين النجوع والعزب بالقرى التابعين لها, وتلك التى تربط القرى ببعضها وتربطها بالمراكز, فى الطفولة كنت أرى الطريق بين العزبة التى ولدت فيها والقرية التى بها مدرستى الإيتدائية طريقا واسعا يسعنا نحن الأطفال والأستاذ والأبلة وعربات الكرو ومن خلفها الحمير والمواشى والجرارات الزراعية , الجميع يمشى فى أمان والكل يجد حقه فى الطريق, وإذا ضاق أحيانا لكثرة الماره كنا نلجأ الى حرم الطريق فى باطن الأرض الزراعية أو على حافة مساقيها, أما بيوت العزبة وكذلك القرية فكان بين مداخلها " أبوابها " وبين أول الطريق مسافة لا تقل عن 15 خمسة عشرة متر " حرم واقي لقاطني العزبة والقرية وخصوصا الأطفال" , وعرض الطريق لا يقل عن 10 عشرة أمتار والطرقات بين أحواض الحقول لا تقل عن 4 أربعة أمتار.
كل ذلك كان زمان, أما الآن فلا حَرَامٌ ولاحَرَمٌ للطريق بل لم يتبقى هناك طريق أصلاً , حرم الطريق والقسم الأكبر من الطريق أُقِيِمَتْ عليه المساكن التى تفتح أبوابها فيما تبقى من الطريق مباشرة, والمحال التجارية والمقاهي التى تفرش أساسها على شط الترعة من الجانب الآخر للطريق, أما المسافة بين القُرى والعِزب فقد تفنن الفلاحُ هو الآخر فى نحت الطريق عاما بعد عام وضم نحت الطريق الى أرضه مُوَسِعاً مساحتها " وأَكَلَ سُحتاً " حتى أصبحت الطرق الرئيسية عبارة عن طرقات ضيقة تشبه مدقات الصحراء, لاتسع الكثافة المرورية التى تتزايد عاما بعد الآخر.
هذا وصف ينطبق على جانبي التُرع وكذلك المصارف الرئيسية والفرعية والتى تمثل شرايين وأوردة الزراعة فى مصر والتى هى بدورها شرايين وأوردة أهم ركائز الإقتصاد والأمن القومى المصري.
*** نرى الحجم المفزع للفساد والظلم فيما يخص الطرق الرئيسية والفرعية والطرقات عند مقارنة الواقع بما سنجده فى بيانات وخرائط الهيئة المصرية العامة للمساحة منذ عام 1898م و مصلحة الأملاك الأميرية منذ عام 1913م.
ثانياً.. إنكار حق 58 مليون مواطن فى المواصلات العامة:
فى الطفولة أيضا كنت أشاهد على بُعد " الكافوري " ذلك الأتوبيس الضخم بلونه الأصفر الزاهي ونوافذه التى تُطِل منها رؤوس أعمامنا وعماتنا وكبار الإخوة والأخوات وهم ذاهبين أو عائدين فى مواعيد معروفة سواء من والى العمل أو المدارس أو الأسواق.
وسط ضائقة العيش كان يوجد العديد من الأمور فى غاية الإنتظام والإستقرار: التعليم والصحة والمواصلات " رغم أن الطريق لم يكن مُعبداً – غير مرصوف".
ونتيجة لما كان سائداً قبل 30 يونيو 2013 , إختفى الكافوري واختفى من بعده أتوبيس المحافظة ثم إختفى أتوبيس مجلس المدينة, وتُرِكَ المواطن للمواطن, لا مواعيد تُحترم ولا قواعد تُراعى ولا قانون يُطبق, بنات وأبناء القرى والنجوع لكى يذهبوا الى المدرسة او الجامعة او حتى المستشفى تراهم ينتظرون طويلا حتى تصل سيارة ميكروباص تسع 11 راكب يتزاحم ويتدافع عليها العشرات بنين وبنات ورجال وسيدات وأطفال , والغلبة لمن كان قويا وعديم الإحساس ولا يراعى حُرمة او أخلاق يدفع الجميع دفعاً ليصعد ويجلس ولايُبالى. على مسارات أخرى تجد الناس يعانون من قلة أو شُح المواصلات, على مسارات أخرى لايوجد قطعيا خط سير مرورى مُسجل لدى المركز او المحافظة للميكروباص كباقى المسارات الأخرى والتى يعانى القاطنون على جانبيها كما أسلفت, ولكن هناك شيء.
ما نأمله أن تشمل المبادرة الذكية " حياة كريمة " هذين العنصرين المهمين من عناصر تحقيق الأمن والأمان والسِلْمْ والاستقرار والتعليم والتَعلـُم والثقافة والرفاهية والتى تهدف مبادرة حياة كريمة الى تحقيقها لـ 58 ثمانية وخمسون مليون مواطن مصرى يقطنون القرى والعزب والنجوع, إن الطريق الآمن المؤمن ووسيلة الإنتقال والنقل المُريحة فى مواعيد مناسبة ومنتظمة ومستمرة, ضروريان للوصول الى المدرسة والجامعة والمستشفى والنادى والمسرح والسوق والتواصل مع الأهل وكذا التواصل بين القرية والمركز والمدينة, ولنقل المحاصيل الزراعية والخضراوات والفاكهة والمنتجات الحيوانية والداجنة و..... الخ.
إن مسيرة نشر الوعى والتنمية طويلة وشاقة ومستمرة ما دامت الحياة وعلينا أن نُيَسِر الطريق والطرقات والمواصلات لأبناء القُرى والنُجُوع والعِزَب " 58 مليون " كى لا يَضِيع وقتَهُم فى مسيرة شاقة بين المَطَبْات والخُفَر وضِيق الطريق وحوادث السير وشُـح المواصلات وانعدامها أحيانا , وليلحقوا بالمسيرة الوطنية وليكن لهم حظا مما أُوُتِىَ إخوانَهم فى الوطن من أبناء العاصمة والمدن الكبيرة والسياحية.
الحق فى الطريق الآمن والحق فى المواصلات العامة, هما إثنين من " حقوق الإنسان " المصرى الذى يقطن القرية والعزبة والنجع.
حقوق المواطن المصرى فى القرية والعزبة والنجع ..... أمن قومى.