الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. رسالة ”ملك الغابة” إلى رئيس الوزراء
حديقة الحيوان في الجيزة أو "جنينة الحيوانات"، كما يطلق عليها العامة، تأسست سنة 1891، وهي أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، حيث تبلغ مساحتها 80 فدانا، وتعد أول وأعرق حدائق الحيوانات في أفريقيا، وكانت تسمى "جوهرة التاج لحدائق الحيوان في القارة السوداء".
ورغم اننى اقيم بمنطقة المساحة بالدقى، وعلى بعد أمتار قليلة من هذه الحديقة، الا اننى لم أزرها سوى مرة واحدة منذ ٥ سنوات.
ويوم أمس، كانت زيارتي الثانية للحديقة، من اجل عيون حفيدي مراد احمد حسن ٦ سنوات، ويحيى مصطفى عوض ٧ شهور، حتى اقوم بتصوير فيلم عن الحيوانات يدخل البهجة والسرور عليهما.
وبمجرد دخولى الحديقة، هالنى ما رأيته من اوضاع متردية داخلها، بما يوضح جليا أنها لا تحظى بأية عناية من وزارة الزراعة "الوزارة التي تتبعها الحديقة".
وقد شعرت بذلك وانا اتفقد الحديقة خاصة، ان الفيل الوحيد بها قد مات، ولم يتم إحضار آخر غيره. والمعروف أن الفيل من أكثر الحيوانات مشاهدة فى حدائق الحيوان حول العالم.
وظللت أسأل نفسي:" أين حديقة الشاي الشهيرة التي كانت تصور فيها الأفلام في قديم الزمان لتظهر تميزها وملاءمتهاا للجلوس وتناول الطعام أو المشروبات في أجواء مبهجة.
وتواصلت الأسئلة لنفسي، أيضا:" هل هذه هي نفس الحديقة التي كانت تقوم مريم فخر الدين، وإلى جانبها صلاح ذوالفقار، في الفيلم الشهير "الأيدي الناعمة" برسم لوحات تعبر عن جمال الحديقة وروعة بنائها وأشجارها العريقة".
وانتابتني حالة من الحزن، والأسى، حين شاهدت فى عيون الحيوانات مرارة الشكوى من قلة الغذاء المقدم إليها، وخاصة الأسد ملك الغابة، الذى ظهر ذليلا منكسرا على غيرعادته بسبب ترشيد الدعم المقرر له وتخفيض كمية اللحوم، كما ابلغنى احد حراس الحديقة.
ورأيت في عيني ملك الغابة ما يريد أن يقوله، وهو:" ارحموا عزيز قوم ذل". ولما لا يقول ذلك، وقد بات جلدا على عظم من قلة الغذاء، كحال سائر أصدقائه في الحديقة التي كانت يوما درة الحدائق، حتى أنه تم إنشاء استراحة ملكية بها عام 1949.
حتى الزرافة، تبدو فروع الشجر من حولها بلا أوراق تتغذى عليها، والقرود فى الجبلاية تصيح وتهتف "فين الموز.. فين الموز؟ كل يوم سودانى.. كل يوم سوداني".. على غرار قصة الأرنب الذي قال:"كل يوم خس وجزر.. كل يوم حس وجزر".
حتى فرس البحر، يعوم فى بركة مياة ملوثة، وبيت الزواحف بلا زواحف، حيث الأقفاص الزجاجية خالية منها، وباقى الحيوانات والطيور الموجودة في الحديقة، يمكن تربيتها فى المنازل، وليس في حديقة الحيوان، ومنها الديك الرومى، والبجع، والنعام.
ولم يفتني مشاهدة العديد من العاملين بالحديقة خاملين مستكينين، دون أن يكلفوا أنفسهم ببذل أي جهد في خدمة الحديقة وحيواناتها، أو حتى أرضها وخضرتها (التي كانت)، وكأن لا رقيب عليهم ولا محاسبة ولا ثواب وعقاب.
وقبل ان أغادر حديقة الحيوان، زأر الأسد الحزين غاضبا، طالبا منى نقل رسالة باسمه ونيابة عن جميع حيوانات الحديقة، مفادها "انهم سوف ينظمون وقفة احتجاجية على الأوضاع المتردية التى وصلوا اليها، حتى أنهم يخشون من شبح الموت الذى طال الفيل".
وطلب مني ملك الغابة (أو الحديقة التي كانت يوما غابة مصغرة) ان ادعو الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء إلى زيارة الحديقة والاستماع الى مطالب الحيوانات القليلة الموجودة بها، كما يزور المشروعات العملاقة في شتى أرجاء مصر.
ونبهني الأسد إلى أن حديقة الحيوان بالجيزة يمكن ان تصبح مصدرا للدخل القومى لو تم الاعتناء بها، وتطويرها، كونها المكان الأول الذي تفضله العائلات مصطحبة أبناءها، في مراحلهم السنية الأولى ليقضوا وقتا ممتعا، كما كان يحدث في قديم الزمان.
وقد سرحت بعد سماعي كلمات ملك الغابة، وتذكرت حال زملائي حين كنت تلميذا في مقتبل العمر، بعد زيارتهم لحديقة الحيوان، والسعادة التي كانت تكسو وجوههم لما شاهدوه، وكيف كانوا يظلون أياما يتحدثون عن زيارتهم لهذا المكان الرائع.
وما أن أنهى الأسد كلامه، حتى تدخل عدد من الحيوانات الغلابة الجائعة، مقترحا رفع ثمن تذكرة زيارة الحديقة الى ١٠ جنيات بدلا من ٥ جنيهات حاليا، لتوجه الزيادة إلى توفير مزيد من الغذاء للحيوانات حتى يستطيعوا البقاء على قيد الحياة من أجل إسعاد العدد القليل من الزوار الذين يترددون على الحديقة.
ووصل الأمر بالحيوانات، أنهم هددوا بتنظيم وقفة احتجاجية تحت شعار "مدبولى بيه.. مدبولى بيه.. حرام عليك..هي الحيوانات مش صعبانة عليك؟". او تقديم طلب لقسم شرطة الجيزة التابعة له الحديقة للحصول على تصريح لتنظيم مظاهرة سلمية طبقا لنصوص قانون تنظيم التظاهر .
وها انا أنقل رسالة الحيوانات، وكبيرهم الأسد كما طلبوا مني، لعل الدولة تتحرك وتنقذ الحديقة، سواء بتطويرها، أو إسناد إدارتها إلى شركة متخصصة لتديرها وتعمر أقفاصها الخاوية، وتعيد زراعة نجيلتها، وتنظيف عنابر الحيوانات والزواحف، وكل ذلك بعد أن تجلب إليها الحيوانات، التي كان عددها يوما بالحديقة يقارب الستة آلاف حيوان من نحو 175 نوعا، من بينها أنواع عديدة نادرة.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع
مقالات قد تهمك:-
الكاتب محمود نفادي يكتب.. معارضون ضلوا طريقهم للأغلبية اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. قصة ”الدبة التى قتلت صاحبها رئيس الوزراء” اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. لا خير فينا.. ولا خير فيكم اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. النائب ”الحوت” وأبناؤه فى البرلمان اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب ”السادات” ضحية الصراع بين الشاذلى و”الأخوين كامل” اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. رسالة ”الدرى” والخطوط الحمراء اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. النائبة دى أمى اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمودنفادي يكتب.. الجرعة بعشر أمثالها اضغط هنا
الكاتب الصحفى .. محمود نفادى .. يكتب .. الحكومة ضد الحكومة اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. حذاء رئيس الوزراء اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. الفيديوهات الجنسية للنواب اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”انسف مطبخك البرلمانى القديم” اضغط هنا