الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. نواب التليفون الأرضى
الحصول على خط تليفون أرضى أصبح الآن أسهل من الحصول على قطعة بيتزا، أو سندوتش برجر، بل إن شركة "we"، صاحبه امتياز الخطوط الأرضية فى مصر، تقدم هدايا وإغراءات لجذب الزبائن للحصول على خط تليفون أرضى خلال ٢٤ساعة. وربما فى القريب العاجل، نسمع عن منح خط أرضى مجانا لكل من يحصل عل خط أرضى باشتراك.
هذه الحقيقة التى يعرفها، ويعيشها الجيل الحالى من أبنائنا وأحفادنا، فى ظل شعار "تليفون أرضى لكل مواطن"، تجعلنا نحن أبناء أجيال الخمسينيات والستينيات حتى التسعينيات، نتذكر كيف كان حلم الحصول على خط تليفون أرضى مستحيلا، وكيف كانت قوائم الانتظار للحصول على خط فى بعض سنترالات القاهرة تتجاوز مدة قد تصل إلى عشر سنوات، حتى أن البعض كانوا يقيمون احتفالات بمناسبة دخول التليفون الأرضى لمنازلهم.
وأتذكر عندما تزوجت عام ١٩٨٤، وقدمت على خط تليفون أرضى، كان علييَّ الانتظار ثلاثة أعوام، لولا انى قدمت طلبا للمستشار حلمى عبد الآخر، وزير شئون مجلس الشعب وقتها، وزكى الطلب لوزير النقل والمواصلات سليمان متولى، وتم دخول التليفون خلال ٦ شهور، حيث كان هو وسيلة الاتصال الوحيدة.
وكانت مشكلة عدم وجود خطوط للتليفون الأرضى مثارة باستمرار تحت قبه مجلس الشعب، وسببت صداعا برلمانيا مزمنا لوزير النقل والمواصلات وقتها سليمان متولى، الذى ظل فى منصبه لمدة ١٩عاما متصلة من ١٩٨٠حتى ١٩٩٩.
وقد أراد الوزير سليمان متولى أن يخفف ضغوط النواب عليه، فقرر أن يمنح كل نائب الحق فى تزكية طلب تليفون أرضى لأحد المواطنين، ويتم دخوله الخدمة خلال أسبوع، ثم رفع الحصة لكل نائب الى تزكية ٣ طلبات حسب السعة المتاحة فى السنترال.
وفجأة وبدون سابق إنذار، اصدر الوزير قرارا بالغاء تلك الحصة، وقرر السماح بإدخال خط أرضى مقابل ألف جنيه لمن يرغب فى ذلك من المواطنين، وهو الأمر الذى أثار عاصفة برلمانية شديدة ضد الوزير تحت القبة، وقدم له ١٠٠ طلب إحاطة وسؤال.
وهناك قصة علمت بها كانت وراء قرار الوزير، وهى أن أحد أصدقاء الوزير عاد من الخارج، وأراد ان يستقر فى مصر ويفتح مكتبا لمباشرة اعماله، وذهب للوزير لمساعدته فى إدخال خط تليفون أرضى، إلا أن الوزير اعتذر له لصعوبة ذلك. وبعد شهر عاد الى الوزير وقدم له كارته الشخصي وبه رقم تليفون أرضى، فاندهش الوزير، وساله:" كيف حصلت على الخط الأرضى؟"، فابلغه أن أحد النواب - لم يذكر اسمه - زكى له الطلب مقابل حصوله على ألف جنيه.
وعلى الفور، قرر الوزير اتخاذ هذا القرار حتى تستفيد خزانه الدولة بدلا من جيوب بعض النواب الذين باعوا الحصة المقررة لهم بألف جنية لكل خط ووقتها كان مبلغ ألف جنيه كبيرا.
وحصل الوزير على قائمة كاملة من جميع السنترالات بالتزكيات التى وقعها النواب للراغبين فى الحصول على التليفون الأرضى، ومدى صله القرابة من عدمها بينهم وبين النواب.
وذهب الوزير سليمان متولى الى قاعة مجلس النواب لمواجهة العاصفة البرلمانية متسلحا بهذا الكشف، ووقف على منبر المجلس مدافعا عن قراره. وعندما قاطعه النواب، طلب من الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس، ان يسمح له بقراءة اسماء النواب الذين تربحوا من وراء التليفون الأرضى، إلا أن الدكتور المحجوب رفض قائلا:" نكتفي بهذا القدر من المناقشة"، وشكر الوزير وصفق له بعض الأعضاء وليس جميعهم.
وظل القرار ساريا ونافذا لعدة سنوات، واستفادت منه خزانه الدولة، وظل اسماء نواب التليفون الأرضى سرا فى سجلات وزارة النقل والمواصلات، حتى اصبح التليفون الأرضى يبحث عمن يحصل عليه "ولو ببلاش"، وليس بألف جنيه.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع
مقالات قد تهمك:-
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. أغرب طلب برلمانى من وزير الداخلية اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. أنا وأقارب الرئيس مبارك بالبرلمان اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. سقوط نَمَّر على رئاسة لجنة التعليم اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. رسالة ”ملك الغابة” إلى رئيس الوزراء اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. ركن السَلطة فى البرلمان اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. معارضون ضلوا طريقهم للأغلبية اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. قصة ”الدبة التى قتلت صاحبها رئيس الوزراء” اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. لا خير فينا.. ولا خير فيكم اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. النائب ”الحوت” وأبناؤه فى البرلمان اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب ”السادات” ضحية الصراع بين الشاذلى و”الأخوين كامل” اضغط هنا
الكاتب محمود نفادي يكتب.. رسالة ”الدرى” والخطوط الحمراء اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. النائبة دى أمى اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمودنفادي يكتب.. الجرعة بعشر أمثالها اضغط هنا
الكاتب الصحفى .. محمود نفادى .. يكتب .. الحكومة ضد الحكومة اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. حذاء رئيس الوزراء اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. الفيديوهات الجنسية للنواب اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”انسف مطبخك البرلمانى القديم” اضغط هنا