الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. قصة تزوير الانتخابات فى الدائرة الانتخابية للرئيس
وقائع بطلان عضوية بعض اعضاء البرلمان بناء على تقارير محكمة النقض، والتحقيقات القضائية التى تجريها استنادا للطعون الانتخابية، تكاد تعد على اصابع اليد الواحدة على مدار تاريخنا البرلمانى، لان مقولة "المجلس سيد قراره"، هى المقولة الأعلى والاقوى حتى هذه اللحظة رغم نسف الدستور الحالى لهذه المقولة بالمادة ١٠٧ من الدستور.
ومن وقائع بطلان العضوية الاشهر، والتى عاصرت كل فصولها داخل المجلس، واقعة الطعن الانتخابى الذى قدمه الدكتور حمدى السيد طبيب القلب الشهير ورئيس لجنة الصحة الأسبق بالبرلمان لعدة سنوات ونقيب الاطباء الأسبق، ايضا، وقدمه لمحكمة النقض فى انتخابات ١٩٩٥وحمل رقم ١٤لسنة ٦١ قضائية.
وطعن الدكتور حمدى السيد فى صحة انتخابات دائرة مصر الجديدة والتى شهدت وقائع تزوير ضده من المرشح بدر الدين خطاب، حيث باشرت محكمة النقض التحقيق فى الطعن، وتأكدت من وجود وقائع تزوير، واصدرت تقريرا ببطلان الانتخابات، وبالتالى بطلان عضوية النائب بدر الدين خطاب، وزميله فى الدائرة النائب العمالى محمد محمود رجب.
وكعادة كل الطعون الانتخابية، وضع ذلك الطعن فى درج رئيس البرلمان، مما دعا الدكتور حمدى السيد الى اللجوء للرئيس حسنى مبارك وابلاغه بقصة الطعن، وان مجلس الشعب لم يتخذ اجراء لتنفيذ تقرير محكمة النقض.
وقد اصدر الرئيس مبارك توجيهات الى قيادات الحزب الوطنى بضرورة النظر في تقرير محكمة النقض، وقال لهم :"هل يجوز وقوع تزوير فى الدائرة الانتخابية لرئيس الجمهورية التى أدلى فيها بصوته ونسكت على ذلك؟"، وهى دائرة مصر الجديدة حيث تم إخراج الطعن من الثلاجة البرلمانية الى السخان التشريعي.
وعلى الفور، انعقدت اللجنة التشريعية، وقررت بالإجماع، بطلان عضوية نائبي دائرة مصر الجديدة بدر الدين خطاب، وزميله محمد محمود رجب، تنفيذا لما ورد فى تحقيق محكمة النقض، واحيل التقرير لرئيس البرلمان لعرضه على الجلسة العامة للتصويت عليه.
ولأن قرارات البرلمان، دائما، تحكمها السياسة وليس الدستور والقانون، الى جانب التربيطات الحزبية، واحيانا المصالح الفئوية، بدأ تحرك حزبى عمالى تحت القبة، قاده النائب العمالى حسين مجاور، الذى تولى منصب رئيس اتحاد عمال مصر بعد ذلك، بهدف إنقاذ النائب العمالى محمد محمود رجب، وعدم بطلان عضويته، خاصة ان نصف عدد اعضاء المجلس من العمال والفلاحين.
وابلغ مجاور الدكتور فتحى سرور رئيس المجلس ان التصويت جملة واحدة على تقرير اللجنة التشريعية ربما يؤدى إلى عدم توافر النصاب القانونى، وهو ثلثا عدد اعضاء المجلس، ولا بد من التصويت على كل نائب على حدة، رغم ان تقرير محكمة النقض وتقرير تشريعية البرلمان انتهيا الى بطلان عضوية النائبين، لان التزوير استفاد منه بدر خطاب ومحمد محمود رجب، والتزوير تم بالجملة وليس "قطاعى".
وتم الاتفاق على السيناريو البرلمانى لتنفيذ هذا المطلب وبطلان عضوية بدر خطاب فقط، ولان الدكتور فتحى سرور رجل قانون كبير وقدير اضاف تفسيرا جديدا للائحة المجلس، وسابقة برلمانية جديدة سجلت فى سجل السوابق والتقاليد البرلمانية.
وبدأت عملية التصويت على تقرير اللجنة التشريعية، حيث اقترح ان يتم التصويت ببطلان عضوية كل نائب على حدة، معلنا - فى حسم- أن هذا هو قرار المنصة وانه هو المسئول عن الاجراءات.
وردا على بعض المعترضين، قال دكتور سرور بحسم:" اقول للذين يعلمون القانون اننى هنا لا أعرض بطلان عضوية اعضاء بالجملة. انا هنا أعرض بطلان عضوية كل عضو على حدة لاننا امام انتخاب فردى وليس بالقائمة، ودوت القاعة بتصفيق أغلبية النواب، وخاصة نواب العمال والفلاحين.
وكشف الدكتور سرور -علانية - عن اسباب هذا القرار قائلا:" لو عرضت التصويت جملة على النائبين، فان الاعضاء سيكونون حيارى، ومنكم من هو مع الثانى، وليس الاول، فكيف يراد منى وانا اعلم بالمواقف والسرائر بحكم اتصالى، بكم ان أعرض الاثنين معا، واى عدل يتحدث عنه المعارضون، واى منطق يتشدق به بعض المعارضين لأسلوب التصويت. ان التاريخ سوف يحكم ان مجلس الشعب قد حكم ضمير العدل قبل ان يحكم ضمير القانون". ودوت القاعة بتصفيق أشد.
والغريب عند اجراء التصويت، ان بعض اعضاء اللجنة التشريعية الذين وافقوا على تقرير اللجنة والتصويت عليه داخل اللجنة ببطلان عضوية النائبين معا، تراجعوا عند التصويت داخل القاعة ووافقوا على بطلان عضوية بدر خطاب وعدم بطلان عضوية محمد محمود رجب.
وانتهى قرار المجلس بخروج النائب بدر خطاب من مجلس الشعب. وحاول بعد ذلك مرات كثيرة العودة اليه وخاض انتخابات، ولكنه لم يوفق، ومن يزر مدينه نصر، وفى شارع مصطفى النحاس سيجد مسجدا يحمل اسمه وهو مسجد بدر نورى خطاب، ومن يطالع مدونة السوابق والتقاليد البرلمانية، سيجد اسمه مسجلا تحت بند ٣٦٨.
وبقى النائب العمالى محمد محمود رجب تحت قبة المجلس متمتعا بالحماية الحزبية والمظلة القانونية التى وفرها له الدكتور فتحى سرور، لتظل عبارته :"ان ضمير العدل أقوى وابقى من ضمير القانون"، من العبارات البرلمانية الشهيرة رغم ان القانون والعدل وجهان لعملة واحدة ولا تناقض بينهما ولكنها السياسة.
وهكذا، انتهت فصول هذة الراوية واجريت انتخابات تكميلية فى دائرة الرئيس، وفاز فيها الدكتور حمدى السيد، وعاد الى مقعده تحت قبة البرلمان، ليستمر فيه حتى عام ٢٠١٠، حيث كان نائبا محظوظا انه فى دائرة الرئيس، بينما هناك عشرات المرشحين الآخرين لم يكونوا محظوظين، وحصلوا على احكام من محكمة النقض لم تنفذ وبعضهم صرف تعويضات مالية من وزارة الداخلية، وبعضهم مات محسورا على ضياع حقه، ووضع الورثة تقرير محكمه النقض فى برواز على حائط صالون المنزل لان هؤلاء غاب عنهم ضمير العدل وضمير القانون.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع
مقالات قد تهمك:-
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”النائب الوَحش” بقرار جمهوري اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. لماذا يصدق الشعب الرئيس السيسي؟ اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب..مجلس الشورى المجنى عليه بشهادة النائب كمال قنديل اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. قصة استجواب الأغذية الفاسدة اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. خلى بالك من رقبتك اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. من أنقذ ”نواب سميحة”؟ اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. مهنة البحث عن ”المكاسب” اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. ”نائب الرصاص”.. بين الاتهام والتكريم اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. الجمهورية الجديدة بلا طوارئ اضغط هنا