الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. أشهر واقعة كذب تحت قبة مجلس الشورى
خلال مسيرتى الصحفية تحت قبة البرلمان المصرى بمجلسيه، الشعب والشورى الملغى، عاصرت العديد من وقائع الكذب، سواء من جانب بعض النواب، وايضا بعض الوزراء فى ردودهم على طلبات الإحاطة والاسئلة، واحيانا الاستجوابات، ولم يحاسب او يعاقب وزير او نائب على ارتكاب واقعة الكذب.
ومن بين الوقائع الشهيرة التى عاصرتها تحت قبة مجلس الشعب فى الثمانينيات، ولكنها كانت واقعة كذب من النوع الأبيض وليس الكذب الاسود، هى واقعة الكذب من جانب الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد، وكان وزيرا للتخطيط عام ١٩٧٧ فى عهد الرئيس الراحل انور السادات ثم نائبا لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية فى الفترة من ١٩٨٠حتى ١٩٨٢.
وفى برلمان ١٩٧٩، قدمت مجموعة من الأسئلة وطلبات الإحاطة، وتحديدا بعد ان تولى الرئيس مبارك الحكم، وكان رئيس البرلمان الدكتور صوفى ابو طالب، واتهمت طلبات الإحاطة الحكومة بالمسؤولية عن تحريك سعر الدولار من ٦٨ قرشا الى ٧٥ قرشا. نعم ٧٥ قرشا، اى اقل من جنيه مصرى، وهذه كانت اسعار الدولار مقابل الجنيه وقتها قبل ان ينهار الجنيه ليصبح الدولار الآن يعادل ١٥جنيها.
وجاءت لحظة المواجهة البرلمانية بين الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد داخل قاعة المجلس، وتبارى النواب فى تقديم كل الادلة على حدوث ارتفاع فى سعر الدولار مقابل الجنيه، وانه وصل إلى ٧٥ قرشا، وظهور السوق السوداء فى شارع الشواربى لشراء وبيع الدولار.
ولم يجد نائب رئيس الوزراء من محاولة لاقناع النواب سوى أن يقسم بالطلاق ان الدولار لم يرتفع، ثم اقسم برحمة أمه، وهو ممسك بالمصحف الشريف بيده حتى يصدقه النواب. وكانت كذبة بيضاء وليست كذبة سوداء، وليت الدولار ظل على حاله، ولكنه قفز فوق الجنيه بسبب سياسات مالية واقتصادية خاطئة منذ ١٩٨٠ وحتى مرحلة تعويم الجنيه.
اما اشهر وأسوأ واقعة كذبة سوداء شهدها مجلس الشورى المصرى، فكانت عام ١٩٨٣بعد مرور ٣ سنوات من تاسيس المجلس، وعند اجراء اول وآخر قرعة للتجديد النصفى لاعضاء المجلس طبقا للقانون، الذى كان ينص على تجديد نصف الاعضاء كل ٣ سنوات، وكان وقتها الدكتور صبحى عبد الحكيم رئيسا للمجلس.
وبدأت جلسة سحب القرعة بالمناداة على كل عضو بالمجلس للتوجه الى منتصف القاعة لسحب ورقة، ويقوم بقراءتها، إما يكون مكتوبا فيها "يبقى"، وبذلك لا يخرج من المجلس، او "لا يبقى"، ويخرج من المجلس.
وعندما جاء الدور على الدكتور عادل عز، وكان عميدا لتجارة القاهرة، وقبل ان يختار وزيرا للبحث العلمى وقت وقوع اخطر زلزال شهدته مصر فى عام ١٩٩٢، وأطلق عليه وقتها "عادل هز"، نسبة الى الزلزال، واختار الدكتور عادل عز ورقة القرعة وفتحها ثم قال "يبقى". وبسرعة شك الدكتور صبحى عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى فيه، وطلب منه ان يعطى الورقة للأمين العام للمجلس لقراءتها، وكان المستشار الشربينى وقتها، فوجد ان الورقة مكتوب فيها "لا يبقى"، وغادر الدكتور عادل عز قاعة المجلس على الفور.
والغريب ان واقعة الكذب الاشهر والاسوأ تحت قبة مجلس الشورى، وبطلها الدكتور عادل عز لم تسبب له أي مشاكل فى مسيرته السياسية، بل صعدت به الى مقعد الوزير، والدليل هو اختياره وزير دولة للبحث العلمى عام ١٩٩٠، وقائما بعمل وزير التعليم عقب اختيار الدكتور فتحى سرور رئيسا لمجلس الشعب.
واذا كانت هناك مقولة يعرفها رجال السلك القضائي، وهى "إظلم تشتهر بالعدل"، فان واقعة الدكتور عادل عز، أضافت مقولة جديدة فى الوسط السياسى والبرلمانى والحكومى، الا وهى :"اكذب تصبح وزيرا"، وهذه الواقعة مسجلة فى مضابط مجلس الشورى، وهناك بعض الشهود الأحياء عليها من اعضاء مجلس الشورى، وقتها، ولم تتكرر مرة أخرى لأن قرعة التجديد النصفى أجريت مرة واحدة فقط، ونحمد الله ان القرعة لم تجرى مرة أخرى، والا كنا شاهدنا وقائع كذب جديدة وأصحابها أصبحوا وزراء.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع
مقالات قد تهمك:-
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. ”نقيب الممنوعين” اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. قصة تزوير الانتخابات فى الدائرة الانتخابية للرئيس اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”النائب الوَحش” بقرار جمهوري اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. لماذا يصدق الشعب الرئيس السيسي؟ اضغط هنا