فتحي ندا الخبير الاقتصادي يكتب.. الاقتصاد والسياسة في قرار ”أوبك بلس”
أمس الاول الأربعاء الموافق الخامس من أكتوبر 2022م اتخذ تحالف دول إتفاق أوبك بلس – التي من بينها روسيا - قرارا بخفض إنتاجها اليومى من البترول بمقدار مليوني برميل ليصبح إنتاج دول التحالف الثلاثة وعشرون (23 دولة) 41,856 مليون برميل بدلا من 43,856 برميل يوميا.
( أوبك بلس هو اتفاق يضم 23 دولة مُصَدِرة للنفط منها 13 دولة عضوا في منظمة (أوبك). جرى التوصل لهذا الاتفاق في نوفمبر 2016 بهدف خفض إنتاج البترول لتحسين أسعار النفط في الأسواق.
تشمل الدول الأعضاء في أوبك حاليًا: الجزائر، وأنغولا، وغينيا الاستوائية، والجابون، وإيران، والعراق، والكويت، وليبيا، ونيجيريا، وجمهورية الكونغو، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وفنزويلا.
العشر دول المنضمة لإتفاق أوبك + هى:- روسيا و أذربيجان و البحرين و بروناي و كازاخستان و ماليزيا و المكسيك و عُمان و جنوب السودان و السودان. )
الجدير بالذكر أن روسيا والسعودية تحملتا أكثر من 50% من تخفيض الإنتاج ( روسيا 526 برميل – السعودية 526 برميل = 26.3% لكل منهما)
سياسيا:-
المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار إعتبرت قرار أوبك بلس دعما لروسيا، بينما أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض بأن بايدن "يشعر بخيبة أمل من قرار أوبك بلاس القصير النظر" في حين إعتبر الكريملن القرار سيؤدى الى استقرار الأسواق، بينما سعى وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الى طمأنة الأسواق.
هذا القرار يأتي في وقت يسعى فيه الحزب الديموقراطى الأمريكي لخفض أسعار المحروقات في الداخل الأمريكي دعما للرئيس بايدن وللحزب في انتخابات التجديد النصفى للكونجرس في الثامن من نوفمبر المقبل.
كما يعتبره الغرب ردا على اتفاق وزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان) خلال قمة عبر الإنترنت، على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي "بصورة عاجلة"، داعين "ائتلافا واسعا" من الدول إلى الانضمام لهذا الإجراء لحرمان روسيا من جزء من مواردها من قطاع الطاقة.
كما يعتبرونه أيضا دعما إستباقيا لروسيا في مواجهة ما قد تتخذه << المجموعة السياسية الأوروبية >> في إجتماعها الأول اليوم في مدينة براغ من قرارات للضعط على بوتين إقتصاديا حيث أن قرار أوبك بلس سيحرم الأسواق من مليوني برميل يوميا مما يزيد من معاناة الشعوب الأوروبية إقتصاديا والحكومات سياسيا.
رغم الضغوط التي مارستها حكومة الديموقراطين الأمريكان على منظمة أوبك وخاصة العضو الأبرز والمؤثر "السعودية" إلا أن السعودية لم تنصاع لتلك الضغوط، في رسالة مفادها أن السعودية لا ترغب في إستمرار الكونجرس بتركيبته الحالية كداعما لبايدن وحكم الديموقراطين وتعبيرا عن دعمها غير المعلن للجمهورين الأمريكان، كما ينم ذلك عن إستقلالية القرار السعودى.
إقتصاديا:
يصب إقتصاديا هذا القرار في مصلحة دول اتفاق أوبك بلس الـ 23 وخصوصا روسيا التي تسعى الى دعم عملتها "الروبل" وزيادة حصيلتها من صادرات البترول والغاز مما يدعمها في حربها على أوكرانيا وتخفيفا من أثار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من أمريكا والإتحاد الأوروبي وحلفاؤهم.
جراء هذا القرار قد يضطر الرئيس الأمريكي جو بايدن الى إتخاذ قرار بخفض الإحتياطى النفطي وضخ مايقرب من 10 عشرة ملايين برميل بترول خلال الأيام القليلة القادمة في محاولة لخفض أسعار المحروقات في الداخل الأمريكي والحد من الزيادة في أسعار النفط في الأسواق التي بدأت والتي من المتوقع تفاقمها خلال الفترة المقبلة.
لاشك أن إرتفاع أسعار البترول سيؤثر سلبا على موقف الحكومات الأوروبية جراء زيادة معدلات التضخم مما قد يؤدى الى ما أطلق عليه سلفا " ثورات الربيع الأوروبى " نتيجة عجز قدرة الشعوب الأوروبية المادية عن مواجهة غلاء الأسعار ونقص المعروض منها بل عدم توفر البعض الآخر منها.
أيضا من المؤكد أن المعاناة الإضافية لقرار أوبك بلس ستطال جميع الإقتصادات الناشئة وباقى دول العالم التي تعانى حتى من قبل جائحة كورونا ثم أزمة أوكرانيا.
يأتي كل ذلك في ظل تصريحات الروس والسعوديين بأن قرار أوبك بلس خفض الإنتاج سيؤدى الى إستقرار الأسواق !!!
كاتب المقال فتحي ندا الخبير الاقتصادي والمحلل المالي