مفتى الجمهورية: انتصار السادس من أكتوبر كان ملهمًا للمصريين بكثير من المعاني والقيم الراقية
هنَّأ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورجال القوات المسلحة البواسل، والشرطة المصرية والشعب المصري، بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، داعيًا المولى- عز وجل- أن يديم على مصرنا الغالية وأهلها الأمن والسلام.
وقال مفتي الجمهورية- خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية "صدى البلد"، إن انتصار السادس من أكتوبر كان ملهمًا للمصريين بكثير من المعاني والقيم الراقية التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في عصرنا الحاضر، من أجل رفعة الوطن ورخائه، فقد سطَّر الجيش المصري العظيم من خلال حرب 6 أكتوبر المجيدة أمجاد الوطن وفدائية أبطاله العالية وعزيمة قيادته التي لا تَكِلُّ على صفحات التاريخ الحديث بشرف وأمانة وشموخ، وهي تجربة تلاحمت الأمة المصرية جيشًا وشعبًا في خوضها بعزَّة وشرف وعلم وعمل وإيمان، فانتصرت مصر وعلت كلمتها وأزالت بانتصارها المجيد في أكتوبر 1973م آثار الهزيمة وقوضت خطط العدو التوسعية.
وشدَّد على أن الأخذ بالأسباب والتوكُّل على الله وحسن التخطيط والاستعداد والتضحية هو ما يؤدِّي إلى الفوز والنصر، وتحقيقهما لا يكون إلا لمن تدرب وخطط وأخذ بالأسباب.
ولفت النظر إلى أن تلاحم أبناء مصر وتكاتفهم، بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم، خلال حرب السادس من أكتوبر، وتضحياتهم من أجل حماية هذا الوطن، كان سببًا رئيسًا في تحقيق نصر العاشر من رمضان، فكان الجميع- سواء أكانوا محاربين أم مواطنين- على قلب رجل واحد، وكان الجميع يهتف بصيحات الله أكبر، سواء في داخل البيوت أو على جبهات الحرب.
وأردف: وهذا التلاحم هو ما نحتاج إليه في تلك المرحلة؛ من تضافر لجهود المصريين جميعًا على كافة المستويات، كي نصل بمصرنا إلى التنمية الشاملة اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، لتتبوأ مكانتها المستحقة بين الأمم.
وعن المشككين في خيرية الجيش المصري والأحاديث التي وردت وتحدثت عن خيريته.. قال فضيلة المفتي: إن هؤلاء يرددون كلامًا باطلًا من الناحية العلمية والواقعية، فالأحاديث الواردة في خيرية الجيش المصري ثابتة وصحيحة، وأنا أدعو المشاهدين أن ينفضوا عن أنفسهم كل هذه الأكاذيب التي ليس لها أساس من الصحة، مؤكدًا أن هذه المقولات المشككة في خيرية الجيش المصري العظيم لم تتردد إلا بعد أحداث ثورة يونيو 2013، فالجيش المصري العظيم انحاز لإرادة شعبه في جميع التغيرات السياسية، وهذا الانحياز لم يعجب البعض فأخذ يشكك في وطنية الجيش المصري الذي يقف بجانب الشعب على مدار التاريخ.
وبيَّن المفتي أن الأحاديث التي تشهد بأن هذا الجيش في خير وعافية إلى قيام الساعة هي شهادة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتشمل كلَّ من انتسب إلى هذا الجيش، فخيرية الجيش المصري لم تأتِ من فراغ وإنما نتيجة إرادة صادقة لرجال أوفياء.
وأوضح أن جيش مصر يحتل مرتبة عليا وراقية في هذه الخيرية عقيدةً وقيادةً وجندًا عبر الأزمنة والقرون؛ حيث ورد وصفُهم بذلك على لسان الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- وذلك فيما رواه عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إِذَا فَتَحَ عَلَيْكُمْ مِصْرَ؛ فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الْجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ"، فقال أبو بكر الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة".
وشدَّد المفتي على أن الشهادة في سبيل الله رتبة عظيمة للغاية ليس دونها رتبة، وللشهيد منزلة كبيرة عند الله تعالى، ومكرمة عالية، ورزق كريم نظير تقديمه أغلى ما عنده، وهو الجود بنفسه وروحه وحياته في سبيل الدفاع عن الأرض والعِرض، وإبقاء القيم والأخلاق، وتكريس العدالة والسلام، وصون البلاد من المعتدين، وحفظ عزة الأوطان وكرامتها، وتعزيز الاستقلال والحرية، وتحقيق سيادة الدول وحماية مكتسبات الشعوب، واندحار العدوان والظلم.
على أن للشهيد فضلًا كبيرًا لا يُقاربه فضلٌ؛ فإن له الشفاعةَ في سبعين من أقاربه، كما جاء في السنن عن المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: وذكر منها: وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ".
وقال الدكتور شوقي علام: إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات، ويُندب إحياء هذه الذكرى بكافة مظاهر الفرح والسرور، وبكل طاعة يُتقرب بها إلى الله- عز وجل- ويَدخُل في ذلك ما اعتاده الناسُ من شراء الحَلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده- صلى الله عليه وآله وسلم- ومحبةً منهم لما كان يحبه.
وأضاف أن الاحتفال بذكرى ميلاد سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- يمدنا بمزيد منَ الأملِ والنور والبِشرِ لِتَشُدَّ على أيدِينَا وسواعِدِنَا كي تَتَوحَّدَ كلمَتُنا وتَنطلقَ مساعِينَا نحوَ البناء والعمران؛ رغبةً في استعادةِ الرُّوحِ المُحبَّةِ للحياةِ والمقبلةِ عليها.
ولفت النظر إلى أن بعض العلماء كتب سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- منهم القاضي عياض المالكي -رحمه الله- حيث أثبت أجمل الصفات للنبي- صلى الله عليه وسلم- وقال إنه بلغ الكمال في كلِّ صفة بشرية، وضرب لذلك أمثلة كثيرة، فقد كان النبيُّ في مرحلة الشباب نموذجًا وقدوة، وكانوا في قريش عندما يختلفون في شيء يحتكمون إليه، مثلما حدث عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في الكعبة بعد تجديدها، وكادوا يقتتلون، فقالوا نحكِّم أول مَن يدخل علينا، فكان النبي- صلى الله عليه وسلم- هو أول الداخلين، فاستبشروا وقالوا: هذا الأمين! رضينا، هذا محمد، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر، فقال: "هلمَّ إليَّ ثوبًا!" فأتَوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا" ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه. وفي هذا معنى كبير لوأد الفتنة وتحقيق الاستقرار المجتمعي بعدما نال الجميع شرف المشاركة، بل كان ترسيخًا للحكمة والاحتواء ولمِّ الشمل.