غداً الاحد ذكرى وفاة الفنان حسن عابدين
يحل غداً الاحد عام 1989 ذكرى وفاة الفنان حسن عابدين عن عمر يناهز 58 عاما، بعد صراع طويل مع مرض سرطان الدم، حيث نشأ في محافظة بني سويف، وقدم عددًا من الأدوار المهمة التي تركت بصمة كبيرة مع الجمهور .
لم يستكمل حسن عابدين دراسته الجامعية لأن والده خشي عليه من هوايته للتمثيل، وأن يلتحق بالمعهد، لكنه لم يمل من موهبته، وانضم لعدد من فرق التمثيل التابعة لقصور الثقافة، ثم إلى فرقة "يوسف وهبي" وغيرها.
تأخر حسه الكوميدي كثيرًا في أن يأخذ مكانته المناسبة على الشاشة بعدما ظلمته ملامحه الجادة وفرضت عليه أدوار الأب والوقار، لذا فتأخرت شهرته كثيرا وعرف في عمر متأخر، لكنه قدم أدوارًا مميزة في السينما والمسرح، ومن بعدهما التلفزيون
بدأ حسن عابدين التمثيل رسميا عبر المسرح العسكري بعدما تطوع في الجيش وشارك في حرب فلسطين عام 1984، وتم أسره والحكم عليه بالإعدام لكن زملائه تمكنوا من تحريره في اللحظات الأخيرة.
ورغم مسيرته الصعبة إلى أنه قام ببطولة العديد من المسلسلات والسهرات التلفزيونية الناجحة، منها فرصة العمر، أرض النفاق، أهلا بالسكان، أنا وأنت وبابا في المشمش، أبنائي الأعزاء وغيرهم، ومن أبرز أفلامه أيضا ريا وسكينة، سنة أولى حب، على من نطلق الرصاص، الأنثى والذئب.
بدأ في المسرح العسكري عندما كان متطوعاً في الجيش وقد شارك في حرب فلسطين سنة ١٩٤٨ وأصيب فيها. لم يدخل عالم الفن بالصدفة بل كانت هناك بيئة ثقافية حاضنة لموهبته فوالده كان من أعيان بنى سويف وكان يهتم بالثقافة والفكر والسياسة وكان يعقد صالونا سياسيا وثقافيا كل خميس في القرية يجمع فيه أعيان بنى سويف وفى هذا المناخ تربى عابدين وأحب التمثيل الذي كان موهوبا فيه ولم يكن في ذهن والده أبدا أن ابنه سيحترف الفن فقد كان الوالد يرى التمثيل عيبا جدا، ولا يليق باسم العائلة وتحايل حسن على ذلك بنقل وظيفته إلى القاهرة وكان رئيس قلم محضر في وزارة العدل وأفادته هذه الخطوة بأن دفعت به لأحضان المسرح العسكري وكان من دفعته وأصدقائه الفنان حسن حسنى. ولعب «عابدين»، أدوار الأب والموظف المطحون والإنسان الحريص على القيم، ولعب الأدوار الكوميدية كما لعب الأدوار التراجيدية. ومن الأفلام التي شارك فيها: الأشقياء وسترك يارب وريا وسكينة ودرب الهوى والشيطان امرأة والعذاب فوق شفاه تبتسم وعلى من نطلق الرصاص والأنثى والذئب. وسنة أولى حب وعنبر الموت. ومن المسلسلات التي شارك فيها: فرصة العمر وأرض النفاق وآه يا زمن وفيه حاجة غلط ونهاية العالم ليست غداً وأهلاً بالسكان ١٩٨٤، وأنا وأنت وبابا في المشمش. ومن المسرحيات التي شارك فيها نرجس ( كانت هذه المسرحية سبب شهرته ) وعش المجانين وع الرصيف والمشاكس. ولحسن عابدين سهرة تليفزيونية بعنوان الثانوية العامة تأليف يوسف أبو عوف. وقد توفى في 6 نوفمبر ١٩٨٩
الفنان الراحل حسن عابدين متزوج ولدية ألربعة من الابناء هم خالد، وطارق الذى توفى عام 2016، إيمان، وهبة التى توفيت فى عام 2019
حسن عابدين والعمرة ..مُنع من لمس قبر الرسول:
قال ابنه الأصغر «خالد»، أن والده حسن عابدين، واجه موقفا محرجا أثناء أدائه لمناسك العمرة، حيث طلب منه أحد حراس قبر الرسول الابتعاد عن القبر لأنه «ممثل»، ومن هنا قرر الاعتزال وكان وقتها يعرض مسرحية «عش المجانين»، لكن تدخل أحد أصدقائه وتحديداً الممثل الراحل إبراهيم الشامي وأشار عليه زيارة أحد الشيوخ واستشارته في هذا الأمر، فذهبا إلى الشيخ الشعراوي.
الشيخ الشعراوي أقنعه بالابتعاد عن الاعتزال:
لم يتوقع الفنان حسن عابدين حين ذهب للقاء الشيخ الشعراوى الذي لم يقابله من قبل أن يستقبله إمام الدعاة هذا الاستقبال، حيث وقف الشيخ الشعراوى فاتحًا ذراعيه قائلاً: «حبيبى.. حبيبى»، لم يصدق الفنان الكبير نفسه وارتمى في حضن الشيخ، وقال مندهشًا: «أنت تعرفنى يا مولانا»، فبادره الشيخ الشعراوى قائلاً: «طبعًا أعرفك وباتفرج عليك في التليفزيون»، فقال له :«أنا جايلك عشان اعتزل التمثيل؟» فرد: «لما أنت والناس الحلوة اللى بتتكلم عن المبادئ يسيبوا الفن أمال الناس تسمع لمين، وأنت بتقول كلمة طيبة وبعيدة عن الابتذال»
أول ممثل يقدم حملة إعلانات:
مع دخول المنتج طارق نور للسوق الإعلاني، قدم سلسلة وحملة إعلانات مياه غازية وكانت حملة الاعلانات الأولى من نوعها، واختار الفنان حسن عابدين لتقديمها، وقدمها بالفعل وتعرض لحملة هجوم كبيرة وقتها، جعلته يندم في قرارة نفسه على تقديم هذه الحملة.
سبب وفاة الفنان حسن عابدين
كان في أيماه الأخيرة، يقدم مسرحية بولوتيكا على مسرج المنتزه في الإسكندرية، وخلال احد العروض تعرض لتعب مفاجئ وتم نقله إلى المستشفى، وبعد إجراء الفحوص تبين أن حسن عابدين مصاب بسرطان الدم، فتقرر علاجه في لندن ولكنه رحل بعد شهور قليلة في 5 نوفمبر 1989.
تزوج حسن عابدين من ابنة عمه وأنجب منها 4 أبناء، هم: طارق وخالد وإيمان وهبة، ورفض أن يلتحق أي منهم بالعمل الفني أو التمثيل، وظلّ أغلب سنوات عمره محافظا لا يفضل الإفصاح عن حياته الشخصية، سريع الغضب لكنه يمتلك قلب رقيق، ولم ينل التكريم في حياته.
ماذا نتذكر عن حسن عابدين؟
مع توالي الأجيال، قد يسقط نجم ذائع الصيت من الحسابات، ويغفل الناس عن أعماله، ولكن هناك فنانون مع مرور السنوات يتم غدراك قيمة ما قدموه، وتصبح لزماتهم مرافقة لنا، من بينهم حسن عابدين، الذي نتذكر له:
"أنا عاوز واحدة تهزأني تهزأني"
يظهر فحسن عابدين في فيلم درب الهوي عام 1983 بدور "عبد الحفيظ باشا"، الذي يدعي الفضيلة وينادي بمهاجمة بيوت الدعارة خلال فترة الأربعينات وغلقها، بينما هو دائم التردد عليها ليلا، وفي الفيلم يأتي مشهده مرتديا الملابس الداخلية ويحيط بطنه بحزام للرقص، ويقف أمام سيدة قائلا "أنا عاوز واحدة تهزأني تهزأني تهزأني"
بعد رؤيته العرض الأول للفيلم مع المخرج حسام الدين مصطفى، شعر حسن عابدين بغضب شديد ورفض أن تكون تلك هي الصورة التي يتركها، ومن بعدها صارت أعماله السينمائية أقل.
"آه يا دماغي"
في مسرحية "ع الرصيف" التي اشترك في بطولتها حسن عابدين مع سهير البابلي وحسن حسني وأحمد بدير وأخرجها جلال الشرقاوي عام 1987، تمكن الفنان القدير أن يخرج من الأحداث بكلمة معبرة "آه يا دماغي"، فالمسرحية سياسية ويسعبر عابدين عن مواطن عادي لا يملك شيئا أمام العثرات، فمن حين لآخر يعبر عن وجيعته بـ "آه يا دماغي".
"ده إحنا هنضحك ضُحك.. مش ضِحك ضُحك"
فور أن يباغته محمد نجم بكلمته الشهيرة "شفيق يااا راجل" يقف حسن عابدين متلعثما يجاريه ويحاول أن يكتشف من المقصود، في واحد من أشهر المشاهد المسرحية في مسرحية "عش المجانين" عام 1979، ولكنه استطاع أن يخرج من هذا المأزق بكل عفوية وبجملة أخرى شهيرة ما زالت حاضرة في أحاديثنا اليومية، مرددا "ده إحنا هنضحك ضُحك.. مش ضِحك ضُحك".