جريمة قتل ومنشطات.. أبرز قصص مونديال الولايات المتحدة 1994
نفخت نسخة الولايات المتحدة 1994 الروح في كأس العالم بعد رتابة 1990، رغم احتلال كرة القدم مرتبة متدنيّة في بلاد العمّ سام، فتُوّجت البرازيل بلقب رابع بعد انتظار ربع قرن ولو بأداء أقلّ فرجة، فيما ختمت المنشطات مسيرة الأسطورة مارادونا وأنهت ست رصاصات حياة لاعب كولومبي سجّل هدفاً عكسياً في مرمى فريقه.
كانت شعبية كرة القدم أو "سوكر" هزيلة بين سائر الرياضيات، خصوصاً كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والبيسبول. حاول الأمريكيون إنعاشها بعد فشل دوري أمريكا الشمالية (أن ايه أس أل) عام 1984، مطلقين دوري النخبة (أم أل أس) في 1996 ومستضيفين مونديال 94 على حساب المغرب.
رغم آلاف الكيلومترات بين بوسطن ولوس أنجلوس أو سان فرانسيسكو، وفارق في التوقيت بلغ 3 ساعات، نجح المونديال الأوّل في أمريكا الشمالية، فحُطّمت أرقام قياسية في أعداد الحضور، نظراً لضخامة الملاعب المستعارة من كرة القدم الأمريكية (أميريكان فوتبول).
خيّمت النكهة الأمريكية على الحدث، فخلال الافتتاح بين ألمانيا وبوليفيا، طغى بث مباشر لمطاردة الشرطة لاعب كرة القدم الأمريكية أو جاي سيمسون المتهم بقتل زوجته وصديقها.
- ست رصاصات -
ليست جريمة القتل الوحيدة المرتبطة بنسخة 94.
كانت كولومبيا لم تخسر سوى مرّة يتيمة في 26 مباراة قبل المونديال، ورشّحها الأسطورة البرازيلية بيليه لنيل اللقب، بعد أن سحقت الأرجنتين 5-0 في عقر دارها خلال التصفيات.
بعد خسارتها افتتاحاً أمام رومانيا (1-3)، إحدى مفاجآت الدورة لبلوغها ربع النهائي، سقطت في الثانية أمام المضيف 1-2 تخللها هدف عكسي للمدافع أندريس إسكوبار، فأقصيت بخفّي حُنين.
حثّ المدرب فرانسيسكو ماتورانا لاعبيه على البقاء في الولايات المتحدة كي يهدأ الغضب المحلي. رفض إسكوبار وعاد فوراً إلى مسقط رأسه ميديين، معتبراً أن كل الناس تحبّ لاعبي المنتخب هناك.
كان ابن الـ27 المعروف بكياسته في سيارته خارج إحدى الحانات، عندما انقض عليه ثلاثة مسلحين. انتهى الجدال بست رصاصات، تردّد أن مطلقها كان يصرخ مع كل رصاصة "جول" (هدف)، كما فعل معلّق المباراة بعد تسجيل إسكوبار الهدف العكسي.
قُبض على القاتل اليوم التالي وثبت انتماؤه لعصابة مخدرات زُعم إنها خسرت كثيراً جراء المراهنات على نتيجة المباراة. مشى 120 ألف شخص في جنازة إسكوبار!
- استبعاد مارادونا -
كان الأسطورة الأرجنتينية دييجو مارادونا قد بنى أمجاد نابولي على مدى سبع سنوات في جوار المافيا الإيطالية. سجّل هدفاً رائعاً ضد اليونان افتتاحاً، وبعد المباراة الثانية ضد نيجيريا، ثبت تعاطي ابن الثالثة والثلاثين الإيفيدرين وأربع مواد محظورة، فاستُبعد من النهائيات.
فقدت بطلة 86 ووصيفة 90 بقيادة الولد الذهبي، توازنها، فخسرت أمام رومانيا جورجي هاجي 2-3 في دور الـ16.
قال هاجي "تأسفنا لعدم مشاركة مارادونا. أردنا الفوز عليهم بحضوره". وعن الخسارة أمام السويد بركلات الترجيح في ربع النهائي، قال "ستبقى تؤلمنا هذه الخسارة إلى الأبد... أنا مقتنع انه بأدائنا كنا قادرين أن نفوز على البرازيل".
- العويران أفعواني -
للمرّة الأولى مُنحت ثلاث نقاط للفائز بدل اثنتين، تشجيعاً للعب الهجومي، وظهرت أسماء اللاعبين على القمصان.
خسرت السعودية بصعوبة أمام هولندا في مشاركتها الأولى، قبل أن تتغلب على المغرب (2-1) في أول لقاء عربي في النهائيات. هزمت بلجيكا بأفضل طريقة ممكنة، لتسجيل مهاجمها سعيد العويران هدفاً تاريخياً بعدما سار بالكرة أكثر من 60 متراً، قبل أن تخسر أمام السويد ثالثة البطولة 1-3 في الدور الثاني.
لعبت نيجيريا بشكل رائع، ولا يزال مشهد رشيدي يكيني يحتفل مع الشباك بعد التسجيل ضد بلغاريا عالقاً في الأذهان، فيما أصبح الكاميروني روجيه ميلا، العائد بضغط جماهيري، أكبر مسجل بعمر الثانية والأربعين، خلال الخسارة ضد روسيا 1-6.
- بلغاريا تبدع -
في تلك المباراة سجّل الروسي أوليج سالينكو خماسية، فنال لقب الهداف بالتساوي مع البلغاري خريستو ستويتشكوف (6) "التقيت ستويتشكوف أكثر من مرة في إسبانيا. كان يقول لي يجب أن تكون ممتناً لأني لم أسجّل هدفاً إضافيا. كنت أردّ عليه يجب أن تكون ممتناً لأني لم أسجل هدفاً إضافياً ضد الكاميرون!".
قاد ستويتشكوف تشكيلة بلغارية رائعة، أطاحت فرنسا في الرمق الأخير من التصفيات. لم تكن بلغاريا قد فازت في ست مشاركات بكأس العالم، لكنها أطاحت ألمانيا الموحّدة وحاملة اللقب من ربع النهائي 2-1، وصولاً إلى مركز رابع غير متوقع.
- ذيل الحصان -
بلغ سبعة أوروبيين ربع النهائي بمواجهة البرازيل الوحيدة دون خسارة.
كان روبرتو باجو أفضل لاعب في العالم والأغلى. أنقذ صاحب تسريحة ذيل الحصان إيطاليا أمام نيجيريا بهدفين متأخرين (2-1 بعد التمديد)، ثم إسبانيا في ربع النهائي بهدف متأخر أيضا (2-1). حسم نصف النهائي ضد بلغاريا بثنائية (2-1)، قبل أن يعانده الحظ مهدرا ركلة ترجيح في النهائي ضد البرازيل. حلقت ركلته عالياً في سماء كاليفورنيا الزرقاء.
- البرازيل تضحي بالفرجة -
لم يكن التشاؤم محيطاً إلى هذا الحدّ بالبرازيل غير المتوّجة منذ 24 سنة، وخاضت البطولة حزينة بعد وفاة بطل العالم للفورمولا واحد أيرتون سينا بحادث على حلبة إيمولا الإيطالية.
كانت النظرة أن تشكيلة المدرّب كارلوس ألبرتو باريرا لا توازي عظمة التشكيلات البرازيلية السابقة.
قال مساعده ماريو زاجالو العائد إلى الجهاز الفني بعد صولات وجولات "اعترض الناس بأنها ليست كرة القدم البرازيلية. لكن كنا نعرف ماذا نفعل: كنا نبني فريقاً قوياً وتنافسياً، ليس للترفيه إنما للفوز بكأس العالم".
خاضت ضد هولندا (3-2) أجمل مباريات البطولة، مع الهداف القاتل وصاحب الأعصاب الباردة روماريو الذي انتقد باريرا سابقاً لاستبعاده.
مشهدٌ تاريخي بعد تسجيل بيبيتو هدف التقدم الثاني "صلّيت عشية المباراة كي اسجّل واهدي الهدف لمولودي الجديد. عندما سجّلت فكرت به وتظاهرت بهزّه بين ذراعي. لاحظت أن روماريو ومازينيو يقومان بالحركة عينها".
- "أيها الأوغاد" -
في نهائي باسادينا (كاليفورنيا) أمام 95 ألف متفرّج، انتهى النهائي الوحيد في تاريخ البطولة حتى الآن دون تسجيل أي هدف، فحسمته البرازيل بركلات الترجيح 3-2.
أعطى باريرا البرازيليين ما يريدون وليس بالطريقة التي يرغبونها. بقي عنيداً في وجه الانتقادات بعد سلسلة من النتائج السيئة قبل المونديال "هذه خامس كأس عالم لي. لن يخبرني عالم اجتماع، ممثل كوميدي أو نجم موسيقى روك ماذا أفعل! لن أغيّر رأيي".
تابع "انه شعور رائع لأني مثل فرانك سيناترا في تلك الأغنية: فعلت ذلك على طريقتي (آي ديد إيت ماي واي)".
أمسك القائد كارلوس دونجا الكأس وصرخ رداً على الانتقادات "هذه لكم أيها الأوغاد الخونة! ماذا ستقولون الآن؟ التقطوا الصور أيها الأوغاد!".