رغم الغياب... للمونديال تقاليده في الجزائر والمقاهي ملاذ الجماهير
رغم خيبة عدم وصول محاربي الصحراء إلى العرس الكروي العالمي الذي تستضيفه قطر في نسخته الـ 22، بعدما كانوا على بعد خطوة لتحقيق ذلك، دخلت الشوارع والمدن الجزائرية أجواء مونديالية مميزة تصنعها الجماهير الجزائرية العاشقة للكرة، ولا سيما أن مونديال قطر هو الأول على أرض عربية.
ولعلّ أبرز المستفيدين في الجزائر من مونديال قطر 2022 هم أصحاب المقاهي والفضاءات الترفيهية الذين دخلوا في سباق مع الزمن من أجل تجهيز محلاتهم وتثبيت شاشات التلفاز العملاقة لاستقطاب المشجعين وعشاق الكرة، وخصوصاً أن كثيرين منهم عاجزون عن تسديد الاشتراك الشهري لقنوات "بي إن سبور" من متوسطي الدخل والفقراء.
الملاذ الوحيد
يقول محمد، صاحب أحد المقاهي في قهوة شرق (الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية)، إن "كل المنافسات الكروية، سواء المحلية أم العالمية، تُنعش الحركة التجارية داخل المقاهي التي تعكف خلال هذه الفترة على تقديم عروض مميزة لاستقطاب الجماهير، وخصوصاً أن فترة العرس الكروي العالمي تزامنت مع فترة إجراء فروض الفصل الأول والامتحانات الرسمية الخاصة بالأطوار التعليمية الثلاثة (الابتدائي، المتوسط والثانوي)".
وبحسب محمد فإن "الطاقم المشرف على تسيير المقهى وضع عُروضاً استثنائية خاصة بالمونديال انطلاقاً من منتصف النهار، سواء بالنسبة الى عروض القهوة المعشوقة السوداء لدى الجزائريين والتي تعتبرُ سيدة السهرات، بالأخص إن تم إعدادها بالطريقة التقليدية ومن دون أي إضافات تنغص مرتشفها. فهناك علاقة حميمة بين فنجان القهوة والرجل الجزائري".
إضافة إلى ذلك، يذكر محمد "الشاي الصحراوي، إذ لا يحلو الحديث والنقاش من دون ارتشافه، فعشق الجزائريين له صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً يتساوى مع عشقهم للمعشوقة السوداء، فهو تقليد اجتماعي عريق ويمثل جزءاً لا يتجزأ من هوية الجنوب الجزائري".
وترفق هذه المشروبات الساخنة بمجموعة من المرطبات والتحليات على غرار "المقروط" (الذي يعتبر ملك الحلويات الجزائرية في الأعياد والأفراح، وعلامة مسجلة بالمطبخ منذ قرون خلت)، وكعكة البسبوسة المصنوعة أساساً من دقيق السميد وتحظى بشعبية في جميع دول الشرق الأوسط وكذلك شمال أفريقيا.
ولذلك يعتبر العرس الكروي العالمي الذي تستضيفه قطر في نسخته الـ 22، فرصة مناسبة للنسوة الماكثات في البيت من أجل العمل وتحقيق ربح من خلال إعداد الحلويات التقليدية الأكثر طلباً في المقاهي والأماكن التي خصصت من أجل استيعاب الأعداد الكبيرة من المتفرجين، وقال محمد صاحب المقهى إن "العروض ستتطور مع اقتراب موعد المباريات النهائية، بخاصة في ظل ارتفاع أسعار الاشتراكات في القنوات المعنية ببث المباريات".
وقال إبراهيم، وهو صاحب مطعم للوجبات السريعة، إنه ورغم عدم تأهل الجزائر إلى المونديال غير أن الجماهير الجزائرية لم تتخلف عن حفل افتتاح كأس العالم في قطر، ولا حتى عن المباراة الأولى للمونديال التي جمعت بين قطر والإكوادور.
وحظيت المباراة الأولى بمتابعة قياسية، ويقول ابراهيم: "بمجرد أن دخل اللاعبون أرض الميدان سادت أجواء الحماسة في المقاهي، فالكل هنا يترقب رؤية عمداء المونديال في أرض المعركة".
أي منتخب يشجع الجزائريون؟
اسم المنتخب البرازيلي، الضيف الدائم الذي يبحث على الأراضي القطرية عن مجد سادس، يتردد كثيراً على ألسنة الجزائريين وأيضاً على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، لأسباب عدة يذكر من بينها الشاب أسامة أن "مشاهير كرة القدم في البرازيل هم مفجرو المتعة الكروية، كما أنهم يلعبون من أجل الفوز دائماً".
وفي جولة بين مختلف الصفحات الخاصة بالجماهير الجزائرية على المنصات الاجتماعية، بخاصة "فايسبوك"، تكرر اسم المنتخب التونسي كثيراً كمرشح أول يشجعه الجمهور الجزائري.
وكتبت صفحة "الجزائر تونس"، منشوراً عبر "فايسبوك": "لمناسبة اليوم الافتتاحي للمونديال المنتخب التونسي الشقيق بكل جوارحي... خاوة خاوة" وهو الشعار الذي يؤكد روح الأخوة والتضامن بين الشعبين الجزائري والتونسي.
وكتب ناشط آخر: "أتمنى التوفيق لجميع العرب والأمازيغ، كمواطن جزائري أشجع بالدرجة الأولى المنتخب التونسي وكل التوفيق للمنتخب السعودي وكل التوفيق لشعب وحكومة قطر لتنظيم هذا العرس الكروي العالمي".
واستند ناشط آخر إلى مقولة المعلق الرياضي عصام الشوالي: "أنا لا أتعصب إلا لمنتخب بلدي ولا أتعصب إلا لمن يمثلني من لغة الضاد وأشجع الأفارقة لأنها أفريقيا"، وذلك استناداً إلى علاقة الجوار التي تربط الجزائر بتونس والروابط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين البلدين. لكن في الوقت نفسه لا يحظى منتخب المغرب المشارك كذلك في المونديال بالتشجيع الجزائري نفسه الذي لتونس، بسبب استفحال الأزمة السياسية بين الجزائر والمغرب على خلفية قضية الصحراء، ما ينعكس على جوانب عدة بين البلدين، منها مسألة الدعم والتشجيع في كأس العالم.