وزير الأوقاف: نحذر من مخاطر العملات الافتراضية المشفرة والمستريح الإلكترونى
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: "المال عصب الحياة وقوامها، ولا شك أن الاقتصاد القوى يُمكِّن الدول من الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية ومن توفير حياة كريمة لمواطنيها، ويسهم فى استقرارها وتحقيق أمنها وأمانها، فجيش قوى واقتصاد قوى يعنى دولة ذات شأن ومكانة، ومواطنًا ذا عزة وكرامة، ومن ثمة كان حث الإسلام على العمل والإتقان وعمارة الكون، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن باتَ كالًّا مِن عملِه باتَ مغفورًا لهُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ"، وسُئِل (صلى الله عليه وسلم) عن أطيَبِ الكَسْبِ؟ فقال: "عمَلُ الرَّجُلِ بيدِه وكلُّ بَيْعٍ مبرورٍ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "لَأَنْ يَغْدُوَ أحَدُكم فَيَحْتَطِبَ على ظَهرِهِ، فيَتَصَدَّقَ مِنهُ، و يَسْتَغْنِى به عنِ النَّاسِ، خَيرٌ له من أنْ يَسألَ رَجُلًا، أعطاهُ أو مَنَعهُ، ذَلكَ بِأنَّ اليَدَ العُلْيَا، أفضَلُ من اليدِ السُّفْلَى، و ابْدأْ بِمنْ تَعُولُ" .
وأضاف جمعة في مقال له اليوم: "والاقتصادات كلها تقوم على أسس من أهمها: زيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك، وهو ما أشار إليه النص القرآنى فى قصة سيدنا يوسف (عليه السلام): "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ"، فضلًا عن منع الغرر، حيث نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عن كل ألوان الغش، والاحتكار، والمعاملات المالية التى تتضمن غررًا بأحد المتبايعين أو كليهما، مثل نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر، كما قال (صلى الله عليه وسلم): "لا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِى الماءِ، فَإِنَّهُ غَرَرٌ"، وذلك لما يشكله الغرر من خطر داهم على الاقتصاد، ومن تأثير سلبى على الحياة الاجتماعية والمجتمعية .
وتابع جمعة: "ومع التطور الاقتصادى الهائل الذى يشهده عالمنا اليوم دخلت عوامل عديدة لتشكل روافد هامة للاقتصاد القومى والدولى والعالمى، وتنوعت مصادر الدخل، وكذلك عوامل التأثير فى الاقتصاد سلبًا أو إيجابًا ، وبرزت على الساحة الدولية ظاهرة العملات الافتراضية المشفرة وهو ما دعانا فى المؤتمر الدولى الثالث والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذى عقد فى القاهرة سبتمبر الماضى تحت عنوان: "الاجتهاد ضرورة العصر صوره .. ضوابطه .. رجاله .. الحاجة إليه" إلى دراستها دراسة عميقة، انتهت إلى أن النقود القانونية المعتبرة هى تلك النقود التى تصدرها الدول وتضمن قيمتها، أما العملات الافتراضية المشفرة فيُصدِرها مبرمجون محترفون دون الحصول على ترخيص معتبر أو ضمانات كافية ".
واستطرد وزير الأوقاف: "وأن إصدار النقود هى مسئولية الدول وليس الأفراد ولا الجماعات ولا الأحزاب ولا القبائل، بحيث تكون الدولة هى الضامن لقيمة النقد المُصْدَر عنها، كما تبين أن الغرض الرئيس من إصدار النقود هو الاستجابة لحاجة الدولة وتحقيق مصلحتها، لا لجنى الأرباح من إصدارها أو الاتجار فيها، وأن العملات الافتراضية المشفرة بوضعها الراهن لا يجوز التعامل بها لكثرة الغرر، وحِدّة المخاطرة، فضلًا عن جهالة المُصْدِر وجهالة المتعَاملين والتقلب الشديد والسريع فى قيمتها، وما يشوبها من مخاطر على الأمن الاقتصادى والاجتماعى والأمن العام للدول والشعوب" .
واختتم وزير الأوقاف: "ومن ثمة فإننا نحذر من مخاطر الانسياق خلف وهم الثراء السريع و المجازفة والمخاطرة الشديدة فى التعامل بالعملات الافتراضية المشفرة حيث لا ضمانة لها، كما نحذر من التعامل مع من يعرفون أو يطلق عليهم صفة " المستريح " الذى يخادع الناس بوهم المكاسب غير المنطقية سواء أكان مستريحا عاديا أم إلكترونيا ."