الاعلامية مها عبد الفتاح تكتب هنا راحة البال
لسنوات عديدة مضت كان شغلى الشاغل هو كيف يصل الإنسان إلى الراحة وسعادة البال ؟ كيف يطمئن قلبه ويرتاح باله؟ كيف ينجو بنفسه من كل الضغوط والأمراض النفسية التى أصبحت تحيط بنا من جميع الاتجاهات، لهذا قرأت كثيراً في علم النفس، وحاولت أن أجمع منه كل ما يساعدنى ويساعد كل إنسان فى الوصول إلى غايتنا المنشودة، وهى الراحة والسعادة واطمئنان البال، خاصة وإن أعظم النعم في الحياة راحة البال ، وإن شعرت بها فأنت تملك كل شيء،اللهم أرزقنا راحة البال.
هنا أجزم أنه لا يمكن الفصل بين راحة الإنسان، وتنميته، وتحسين قلبه وجسده، وبين دينه، وتعلُّمه عن ربه، ومعرفته به، فكل طرق السعادة، وسبل الراحة، ووسائل التقدم ستكون غير مكتملة دائمًا إذا نقصها العلم بالله، ولا سيما العلم عنه بأسمائه وصفاته
لذلك علينا أن نعى إن الفقر ليس عيبا كما أن الغنى ليس ميزة لكن الأهم أن تعيش سليم الصدر وتحقق راحة البال التي تعد أفضل كنز يطلبه الكثيرون.
راحة البال تعني في أبسط معانيها صفاء الذهن من التفكير بشئون الحياة وأحوالها، والبعد عن أسباب المشاكل، وهي أيضًا الشعور بالسكينة والطمأنينة على الدوام.. وهذه وحدها نعمة تجعلك مستقر النفس صافي التفكير مطمئنا مرتاحا تعيش الحياة بطولها وعرضها وانت لا تدخر حقدا لأحد ولا تضمر شرا لإنسان، فراحة البال هي إذًا نعمة من النعم التي يعطينا إياها الله تعالى وتتمثل بالتصالح الداخلي مع النفس.
كثيرون معهم أموال كثيرة لكن يفتقدون راحة البال؛ إذ ينصرف همهم لكيفية استثمار ما لديهم من أموال وكيف يحافظون على أموالهم وممتلكاتهم فيتعاملون مع الآخرين بحيطة وحذر مخافة أن يقعوا فريسة نصب واحتيال حتى نومهم ليس راحة فأحلامهم تراودهم بالخسارة وهو ما يقلقهم ليل نهار.
راحة البال نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان وأكثر ما يتمتع بها الفقراء المحرومون من أشياء كثيرة؛ فالله لم يجمع عليهم كل شيء، وهذه النعمة يحسدهم عليها الأغنياء،وهناك مفاتيح أخرى لراحة البال منها إصلاح الجسد بالرياضة وبالغذاء الصحي، وإشباع العقل بالقراءة والاطلاع النافع والاستماع المفيد، وإرواء الروح بالعبادة والتأمل، وبهذا تكتمل الراحة ولا يتبقى إلا أن يدرب الإنسان نفسه على القفز فوق الأحزان، فالحياة مهما طابت فلا تخلو من المشاق والصعوبات وتكمن السعادة في السيطرة عليها ومعالجتها برفق لا الاستسلام لها. كما أنه ينبغي لمن ينشد راحة البال أن يتجنب العوامل التي من شأنها القضاء على راحة البال، ومن أهمها: تجنب مصاحبة المتذمرين كثيري الشكوى من كل شيء، فمثل هؤلاء مصادر للقلق ، وعليه أيضا القناعة بما في يده وأن يتصالح مع نفسه ويثق بها وبمن حوله من الأهل والأصدقاء. بشوش حين يلاقيهم ساعيا في قضاء حوائجهم. إن راحة البال نعمة عظيمة.
راحة البال إذن هي بقعة ضوء تعيش داخلنا تتغذى بالإيمان وتكبر بالاستغفار وتعلو بالصدقات. تمتدّ بالصمت وتشتدّ بالصبر على البلاء وتنتعش بهجر الناس، قد تصطدم بمن يقول لك "لا" أو يرفض لك طلب معين أو يرجع الحسنة بإساءة أو يدير لك ظهره متى احتجت إليه أو يمتنع عن زيارتك وقت المرض والشدة. …لأجل كل هؤلاء اترك بقعة ضوء داخلي حتى متى ألمّ بي ضيق وحزن خلقت لأجلهم الأعذار وتركتهم يتطهّرون وسط بقعة الضوء هذه هي راحة البال.
نحتاج اليوم إلى تغيير بعض المصطلحات، الصواب لا يعني الحقيقة الخالصة ، الخطأ لا يعني عدم اكتساب الإجابة ،كل شيء يمكن تداركه كل شيء قابل للتعديل وتحديده مرتبط بالتعليل، من الضروري تكسير كل الحواجز والأصنام والاتجاه نحو حرث الأرض البور لا الاكتفاء بالمشاهدة والتنظير.