ننشر نص كلمة الرئيس السيسي فى أعمال الدورة الثانية لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن العراق واجه على مدار سنوات طويلة، انعكاسات بالغة السلبية، لانتشار الإرهاب والفكر المتطرف، وويلات الصراعات والحروب طويلة الأمد فى سياق لم يخل من تدخلات خارجية على نحو أثقل كاهل العراقيين وارتدت آثاره إلى كل شعوب المنطقة.
وأعرب الرئيس السيسى، عن أن مصر تثمن عاليًا فى هذا الصدد، الجهود والتضحيات الباسلة والغالية، التى تكبدها الشعب العراقى الشقيق بكافة أطيافه، فى مواجهة هذه التحديات وما حققته الدولة العراقية من إنجازات مهمة سمحت باسترجاع دور مؤسسات الدولة، والقضاء على مشروعات الإرهاب الظلامية، وتحقيق أمن واستقرار وسيادة البلاد، وصون وحدة نسيجها الوطني.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال أعمال الدورة الثانية لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى جلالة الملك/ عبد الله الثانى بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الشقيقة والصديقة
السيدات والسادة،
يسعدنى أن أتواجد معكم اليوم، فى المملكة الأردنية الهاشمية وأن أتوجه بهذه المناسبة بخالص الشكر والتقدير، إلى صاحب الجلالة الملك "عبد الله الثاني"، على مبادرته لاستضافة هذه القمة بالبحر الميت وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال وعلى جهوده، وفخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون"، رئيس الجمهورية الفرنسية، فى الحفاظ على دورية انعقاد هذه القمة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى،
يلتئم هذا الجمع الكريم للمرة الثانية، بعد قمتنا الأولى التى احتضنتها "بغداد"، فى أغسطس عام ۲۰۲۱ حين تعاهدنا معًا، على دعم الجهود الوطنية لأشقائنا فى العراق، حكومةً وشعبًا، فى سبيل تحقيق أمن واستقرار بلادهم، وحفظ سيادتها، واستعادة مكانتها التاريخية، ودورها العربى والإقليمى الفاعل.
ويأتى اجتماعنا اليوم، ونحن نشهد تحسنًا ملموسًا فى الأوضاع بالعراق وأغتنم هذه المناسبة، لكى أتقدم بخالص التهنئة، إلى دولة رئيس الوزراء العراقى "محمد شياع السوداني"، وللشعب العراقى العزيز، على استكمال مراحل الاستحقاق الدستورية وبما يفتح المجال للانطلاق نحو المستقبل.
السادة الحضور،
إن انعقاد قمتنا اليوم، يحمل معه دلالةً سياسية مهمة، على اعتزامنا مواصلة توفير كافة سبل الدعم للعراق الشقيق ورغبةً صادقة، فى الانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة من خلال تعزيز العمل فى أطر التعاون الثنائى، أو المتعدد، كآلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن، أو غيرها.
كما يمثل اجتماعنا فرصة لتبادل وجهات النظر، واستكشاف آفاق جديدة، للتنسيق والتعاون بين بلادنا والعراق، دعمًا لمسيرته نحو الاستقرار وبما يعزز قدراتنا فى مواجهة التحديات المرتبطة بالأزمات الدولية وما يستتبعها من تحديات عابرة للحدود فى مجالات؛ الصحة، وأمن الغذاء، والطاقة، وسلاسل الإمداد وغيرها، وبما يحقق مصالح شعوبنا.
لقد واجه العراق على مدار سنوات طويلة، انعكاسات بالغة السلبية، لانتشار الإرهاب والفكر المتطرف، وويلات الصراعات والحروب طويلة الأمد فى سياق لم يخل من تدخلات خارجية على نحو أثقل كاهل العراقيين وارتدت آثاره إلى كل شعوب المنطقة
وتثمن مصر عاليًا فى هذا الصدد، الجهود والتضحيات الباسلة والغالية، التى تكبدها الشعب العراقى الشقيق بكافة أطيافه، فى مواجهة هذه التحديات وما حققته الدولة العراقية من إنجازات مهمة سمحت باسترجاع دور مؤسسات الدولة، والقضاء على مشروعات الإرهاب الظلامية، وتحقيق أمن واستقرار وسيادة البلاد، وصون وحدة نسيجها الوطني.
كما لا يفوتنى، أن أشيد بمساعى الدولة العراقية، على صعيد إطلاق مشروعات إعادة الإعمار وتمهيد الطريق لتحقيق نقلة تنموية شاملة من خلال التوظيف الأمثل لإمكانيات وقدرات وموارد البلاد.
واسمحوا لى من هذا المنبر، أن أجدد التأكيد، على دعم مصر الكامل لهذه الجهود الدؤوبة والتى تسهم بشكلٍ ملموس، فى ترسيخ مفهوم الوطن الآمن والمستقر ففى نجاح العراق.. نجاح لنا جميعًا.
لقد أثبتت الأزمات المتعاقبة، التى شهدتها العديد من دول المنطقة، على مدار العقود الماضية، أن تحقيق الاستقرار الكامل له متطلبات لا غنى عنها تبدأ بتعزيز دور الدولة الوطنية الجامعة وتمكين مؤسساتها من الاضطلاع بمهامها فى حفظ الأمن، وإعلاء سيادة القانون، والتصدى للقوات الخارجة عنه، وصون مقدرات وثروات الشعوب، وهو ما سيوفر المناخ المناسب، لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية المستدامة، وترسيخ دعائم الحكم الرشيد.
وفى إطار من المصارحة، فإن هذه الأهداف لن تتحقق، ما لم يتم إعلاء ثقافة الاعتدال والتسامح وقبول الآخر وبما يضمن التمتع بالحق فى حرية الدين والمعتقد وتجاوز مفاهيم الطائفية، والتشدد والانقسام، والأفكار الرجعية التى لا مكان لها فى عصرنا الراهن فالعالم يتسع للجميع والاختلاف لا يمكن التعاطى معه، بالاستمرار فى صراعات ممتدة لا غالب فيها، ولا مغلوب.
وفى هذا السياق، يأتى انعقاد قمتنا اليوم لتجديد الالتزام بالمبادئ الثابتة فى العلاقات الدولية والتى ينص عليها روح ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده وفى مقدمتها حسن الجوار، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وعدم الاعتداء والاحترام المتبادل لسيادة الدول، والتوقف عن فرض سياسة الأمر الواقع، وأهمية العمل على تحقيق المنفعة المشتركة.
وتأسيسًا على ما تقدم، تؤكد مصر على رفضها، لأى تدخلات خارجية فى شئون العراق وأهمية مواصلة الجهود المشتركة، لرفع قدرات مؤسسات الدولة العراقية فى مختلف المجالات كون ذلك هو السبيل الأمثل، فى الحفاظ على أمن وسيادة هذا البلد العريق، وهو ما ستنعكس آثاره على أمن سائر دول المنطقة.
وإيمانًا من مصر، بفوائد التعاون المتبادل البناء فقد شاركنا مع العراق والأردن، فى تدشين آلية التعاون الثلاثى بين الدول الثلاث، كأحد أطر العمل العربى المشترك الرامية إلى تحقيق التكامل، على نحو يخدم مصالح شعوبنا الشقيقة، فى ضوء ما يربطها من علاقات تاريخية وأخوية، ووحدة مصير وأهـداف مشـتركة.
وأجدد التأكيد فى هذا الخصوص على اعتزامنا المضى قدمًا، فى تنفيذ المشروعات المشتركة، الجارى دراستها حاليًا فى إطار الآلية وبما يسهم فى تحقيق التنمية المأمولة لشعوبنا ويتيح المجال لهم، للاستفادة المتبادلة من قدرات بعضها.
وختامًا أود أن أتوجه بكلمة إلى شعب العراق الشقيق، فأقول: "يا شعب بلاد الرافدين العظيم إننى على ثقة تامة، فى قدرتكم على المضى قدمًا، صوب مستقبل أكثر ازدهارًا متسقًا مع حضارتكم العريقة، التى أسهمت فى تشكيل تاريخ الإنسانية وكلى يقين، أن ما تتسمون به من تعددية، وما تمتلكونه من إمكانيات، سيتيح لكم تجاوز أى تحديات مهما بلغت، لقد حققتم الكثير فى سبيل استعادة بلادكم وعليكم استكمال إنجازاتكم، على طريق البناء والتنمية والتطوير وستجدون فى مصر دائمًا عونًا لكم، وسندًا لتطلعاتكم وخياراتكم ليبقى العراق دائمًا، إحدى قلاع العروبة، ومن أهم مراكز الحضارة فى العالمين العربى والإسلامي