دكتورة رحاب التحيوي تكتب .. الأسرة المصرية مابين الدعم والعقاب.
طالما نادينا بدعم الأسر المصرية، ولم نكن نقصد مجرد الدعم المادي والحياة المادية الكريمة .. فلا حياة كريمة بدون الدور التوعوي والثقافي على على كافة المستويات ، والآن تفاجئنا حالات تستوجب عقاب الأسرة المصرية لا دعمها ،وحالات تستوجب مكافحة التكنولوجيا السوداء فبعد انتشار فيديو لفتاة وفتى في سن المراهقة بعمل مناف للآداب في الطريق العام وفي وضح النهار، ثار الجميع وانتفض فقط على مواقع التواصل الاجتماعي .. بمقولة ماهذا الاشمئزاز؟ ؟؟ فأصبح مراهقان هما من يثيرا الاشمئزاز ، ألم ينتفض أحد لنشر هذا الفيديو؟ ؟ ألم يتساءل أحد عن حقارة من نشر هذا الفيديو ولما لم يقدمه للسلطات المختصة مباشرة دون نشره طالما هو بأخلاقه الرافضة لهذا الفعل المشين ؟ أليس الأكثر اشمئزازا نشر هذا الفيديو وجعله مثار التداول والنقاش ؟
.. ماذا يعلم المراهقان عن تأثيم هذا الفعل ؟؟ ماذا يعلم الأب والأم عن حال وحياة أولادهم خلافا للأمور المادية التي أصبحت مع الأسف الطموح والغاية والحافز والعقاب ،في مجتمع شح فيه اعلاء القيم والمبادئ، ندر به الفن الأصيل ، مجتمع غابت عنه أصول التربية والتعليم في مدارسه ،مجتمع يضم جامعات عريقة تغفل عن أبنائها المبتكرين وتأتي بتكريمات واشادات لمن هم دون أدنى مستوى، مجتمع يلمع ويتألق في الشجب والتنديد ،ويتحرك فور اي كارثة لتمر أيام ويهدأ وكأنها نوة من نوات الشتاء... وزاد على كل ذلك غياب دور الأسرة ، وتعظيم الفجوة بين أفراد الاسرة الواحدة . لو نادينا بتطبيق القانون ومعاقبة هؤلاء الأطفال ولو نادينا بدعم للأسرة المصرية... فوجوبا ان نعاقب الأسرة على الاهمال وفوضى التربية .. وجوبا أن نعاقب من صور الفيديو ولم يسلك الطريق السليم للابلاغ عن وقوع جريمة ... ولنطبق القانون على الجميع .. ونمنع الخلاعة والأفعال الفاضحة فيما يعرض من مسلسلات وأفلام .. وعلى الجهات المختصة رفع الفيديوهات المنافية للاداب فورا دون تفرقة بين مقدم محتواها .
نحن ضد هذا الفعل وما شابهه.. ولكن نطالب في هذه الحالات بعقاب الأسرة المسئولة وتوجيه اتهام بالاهمال والمساعدة على انهيار القيم المجتمعية .. نطالب بإعلاء الدور التوعوي ،بالتربية والتعليم، بالاهتمام بالجانب النفسي لأولادنا وشبابنا، نطالب بمراكز الشباب للتي كانت تحتضن أولادنا بمختلف الفئات .
واخيرا نتساءل هل يتصور أصحاب الشعور بالاشمئزاز ان ماورد بهذا الفيديو هو الحالة الوحيدة ، للأسف المشكلة ان مثلها كثيرا ولكن ليست علنية، فقبل الاصابة بالاشمئزاز علينا ألا ندفن رؤسنا في الرمال وننكر واقع انهيار القيم والأخلاق، فصدق قول أمير الشعراء ، إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، ونكرر عاقبوا الأسرة المصرية كما ندعمها.
كاتبة المقال دكتورة رحاب التحيوي رئيس مؤسسة مقام لمحو الأمية القانونية وحقوق الانسان