معهد بروكينجز: ثروة أفريقيا من المعادن النادرة ستكون مفاتحا للنمو وإنهاء الفقر بالقارة
أكدت دراسة صادرة عن مؤسسة بروكينجز الامريكية للبحوث اهمية استثمار أفريقيا فى قطاعات إنتاج المعادن النادرة، نظرا لما تذخر به القارة من مخزونات هائلة غير مستغلة من تلك المعادن تكفى للقضاء على الفقر وتحسين أوجه الحياة فى عموم القارة.
وأشارت الدراسة إلى قدرة أفريقيا على تجاوز مكانة الصين كأكبر مصر للمعادن الأرضية النادرة، وهو ما يعطى لاقتصاديات دول القارة مساحة واسعة للانطلاق فى السوق العالمى للمعادن النادرة التى تشمل 17 نوعا تدخل فى إنتاج مكونات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية.
كما أكدت الدراسة أن أفريقيا التى تذخر بثروات معدنية هائلة تمتلك ثروات لا تقل فى أهميتها عن المعادن التقليدية وهى المعادن النادرة، إلا أن تعظيم الإنتاج الأفريقى من تلك المعادن النادرة لا يزال يحتاج مزيدا من الاستثمارات الضخمة وهو ما يتطلب مخططا أفريقيا واضحا لجذب تلك الاستثمارات الغربية، وقبل ذلك تعظيم وتفعيل "اتفاق التجارة الأفريقية الحرة" بصورة تسهل تعامل العالم واستثماره فى مشروعات إنتاج المعادن النادرة من جوف القارة الأفريقية.
وأشارت الدراسة إلى وجوب استثمار البلدان الأفريقية لمورد استثمارى قيمته 165 مليون دولار أمريكى لإنتاج المعادن النادرة فى أفريقيا أعلنت عنه "جانتت يالين" وزيرة الخزانة الأمريكية فى جولتها الأفريقية قبل أيام، والعمل على تعظيم تلك الاستثمارات الأمريكية.
وأشارت الدراسة إلى أن جنوب أفريقيا تعد الأنشط حتى الآن فى هذا الصدد، حيث تمتلك جنوب أفريقيا مشروعات لإنتاج المعادن النادرة بلغت إيراداتها فى العام 2017 – وفق آخر البيانات المتاحة – نسبة 3ر7 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى لجنوب أفريقيا.
وجاء فى الدراسة "أنه بالنظر إلى خطورة البيانات الصادرة عن البنك الدولى حول الفقر فى أفريقيا والتى تتوقع أن تكون القارة مأوى لنحو 90 فى المائة من فقراء العالم بحلول العام 2030 تبدو أهمية الاتجاه إلى تعدين المواد النادرة لتعظيم المردود الاقتصادى للأفارقة وتوجيه الإيرادات الناشئة عن هذا النشاط صوب مسارات تنمية محددة".
كما أشارت الدراسة كذلك إلى امتلاك أراضى القارة الأفريقية لما لا يقل عن 17 عنصرا معدنيا نادرا من تلك النوعيات التى تدخل فى صناعة الحواسيب والرقائق الإلكترونية والهواتف الذكية والتليفزيونات، كما تدخل فى صناعة تكنولوجيا الألواح الشمسية المولدة للطاقة وتوربينات الرياح التى تولد الكهرباء، فضلا عن إنتاج بطاريات الليثيوم الممتدة المفعول التى تشكل حاليا عماد صناعة وإنتاج السيارات الكهربائية.
وفى المجالات الدفاعية تتمتع القارة الأفريقية بحسب الدراسة بنوعيات نادرة من المعادن التى تدخل فى انتاج الصواريخ الذكية والموجهة والاقمار الاصطناعية والأجهزة التى تعمل بنظام تحديد الموضع (جى بى إس)، كما يمكن إنتاج نظائر مشعة من معدن الپروميثيوم النادر والذى يدخل فى تكنولوجيا المحطات النووية، لكنه أقل شيوعا عن معدن اليورانيوم.
كان معدن الكادولنيت هو أول معدن أرضي نادر تم اكتشافه فى السويد عام (1787) وهو معدن أسود يتكون من السيريوم والإيتريوم والحديد والسليكون وعناصر أخرى، و مع تصاعد الثورة التكنولوجية حتى وقتنا الراهن تعاظم الاهتمام العالمى بتلك المعادن النادرة ومشتقاتها لا سيما معدن الليثيوم.
وفى العام 2021 بلغ حجم الطلب العالمى على المعادن النادرة 125 الف طن وهو الرقم الذى سيرتفع بحلول العام 2030 الى 315 الف طن ، و تعد الصين هى المصدر الاول فى العالم لانتاج المعادن النادرة حيث لبى انتاجها منها نحو 60 فى المائة من حجم الطلب العالمى على المعادن النادرة ، كما تنتج الصين حاليا نسبة لا تقل عن 85 فى المائة من الانتاج العالمى المصنع " غير الخام " لتلك المعادن التى تعد الولايات المتحدة و استراليا و كندا اكبر مستهلك لها.
وأشارت الدراسة إلى أن التوترات الاقليمية الحاصلة فى محيط الصين و صراعها مع تايوان و نذر الحرب التى تنطلق من وقت الى اخر فى شرق اسيا تدفع المؤسسات فى كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وبلدان الغرب الصناعية المتقدمة الأخرى إلى البحث عن مصدر بديل للمعادن النادرة المستوردة من الصين وهو ما يعطى القارة الافريقية قوة كبيرة كمصدر بديل للمعادن النادرة التى تحتاجها الاسواق الغربية الصناعية.
وبصورة عامة لا تتمتع بلدان افريقيا بقدر كبير من الاستثمارات التعدينية ، ففى العام 2021 كانت موازنات التعدين عامة و التعدين المعادن النادرة فى افريقيا هى الاقل على مستوى قارات العالم ، و لم تتعد استثمارات التعدين فى دول افريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال العام الماضى نصف ما تم ضخه من استثمارات فى دول امريكا اللاتينية مجتمعة فى مشروعات التعدين.
وفى المقابل زادت استثمارات الاستكشاف التعدينى الكندية فى العام الماضى بنسبة 62 فى المائة عنها فى العام 2021 و كانت نسبة الزيادة فى استراليا هى 39 فى الماءة و فى الولايات المتحدة 37 فى المائة وفى امريكا اللاتينية 29 فى المائة اما فى افريقيا فقد زادت استثمارات الاستكشافات التعدينية عامة وتعدين المعادن النادرة خاصة بنسبة 12 فى المائة خلال العام الماضى مقارنة بسابقه.
ويقول خبراء الاتحاد الدولى للكيمياء البحثة والتطبيقية أن الذهب والفضة لا ينتميا إلى عائلة المعادن الارضية النادرة المعروفة علميا بأسم lanthanides و التى يتزايد الطلب العالمى عليها بنسبة 7 فى المائة سنويا ، ويقولون كذلك أنه لكون المعادن النادرة لا توجد كغيرها من المعادن الاساسية بكميات متكتلة أو مرئية مثل الحديد أو الألومنيوم، فإن أسمائها وخصائصها غير مألوفة في الحياة اليومية ، لكنا معروفة جدا فى اوساط الصناعيين و منها معادن پراسيوديميوم، سيريوم، لناثانم، نيوديميوم، سماريوم، و گادولینیوم ، كما انها تحتاج على معاملات خاصة لاستخلاصها تعدينيا حيث تتشوه هذه المعادن النادرة ببطء في الهواء عند درجة حرارة الغرفة، وتتفاعل ببطء مع الماء البارد لتكوين الهيدروكسيدات.
تجدر الإشارة إلى أن المعادن الأرضية النادرة تتوافر في قشرة الأرض، ويحتل معدن السيريوم المرتبة 25 من العناصر الأكثر وفرة بمعدل 68 جزءاً فى المليون، وهو أكثر وفرة من النحاس.