فشلت المعارضة في تعطيلها.. الجولة الثانية للانتخابات التشريعية التونسية في موعدها
المستشار فاروق بوعسكر: كل المستلزمات والمواد الانتخابية جاهزة.
د.الطيب اليوسفى: المعارضة تعانى من التشرذم فى ظل القطيعة بينها وبين الرأى العام
محمد زهير حمدى: الرئيس قيس سعيد التزم بشكل قطعى بالمواعيد المحددة للاستحقاقات السياسية
د. رافع طبيب: الملايين مع قرارات 25 يوليو لكنهم لا يهتمون بالبرلمان
عادل البوسالمى: ما حدث يوم 25 يناير ضربة قاصمة لجماعة الإخوان وأعوانهم
تؤكد كل المؤشرات على الأرض، أن محاولات المعارضة التونسية أخيرا فشلت فى تعطيل أو عرقلة الجولة الثانية للانتخابات التشريعية، التى ستجرى فى موعدها، خصوصا أن الاستعدادات للانتخابات تمت على الوجه الأكمل، لاستكمال الاستحقاقات السياسية لقرارات 25 يوليو، بدءا من الدستور الجديد وانتهاء بالبرلمان.
يؤكد المستشار فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، أنه تم تحديد الأحد 29 يناير 2023 يوم الاقتراع بالنسبة إلى الدور الثانى للانتخابات التشريعية، قائلا: فى الحقيقـة إن إدارة العمليـــة الانتخابية لم تتوقف بين الدورتين، حيث ظلت الاستعدادات جاريـــة على قدم وساق داخل أروقة وكواليس الهيئـــة، وكل المستلزمات والمواد الانتخابية جاهزة تقريبا، كما أن لدى الهيئـــة خطة اتصالية وإعلامية جاهزة، تهدف بالأساس إلى مزيد من التعريف بالمترشحين للدورة الثانية، وبأولئك الذين فازوا بمقاعد نيابية منذ الدورة الأولى، وحث الناخب التونسى على المشاركة فى هذه الانتخابات واختيار من يمثلهم فى المؤسسة البرلمانية المقبلة.
وأشار بوعسكر، إلى أن الصمت الانتخابى سيكون يومى 28 و29 الشهر الجارى إلى حدود غلق آخر مكتب اقتراع، وسيكون الإعلان عن النتائج الأولية لنتائج الدور الثانى يوم 1 فبراير المقبل، والنتائج النهائية يوم 4 مارس القادم بعد الانتهاء من جميع الطعون.
ويرى الدكتور الطيب اليوسفى، كاتب وباحث فى العلوم السياسية أنه من الطبيعى أن يكون هناك معارضة، فهى من مقومات الحياة الديمقراطية، وهذا يدخل ضمن إطار حرية التعبير، لكن من المهم أن تقوم بدورها، والسؤال المهم: هل هى قادرة على قلب الموازين، فى رأيى هى ليست قادرة على فعل شىء، فهى تعانى من التشرذم والتشتت، فى ظل القطيعة بينها وبين الرأى العام الوطنى.
وبالنسبة للانتخابات التشريعية، أريد أن أوضح أن نسبة المشاركة التى يتحدث عنها الجميع على أساس أنها نسبة ضعيفة، فهذا ليس جديدا، فمنذ انتخابات 2011، وحتى الوقت الراهن، هناك تراجع كبير ومتواصل فى نسبة المشاركة، نظرا لتقلص نسبة المهتمين بالشأن السياسى، وأصبح الأمر مقصورا على فئة معينة وهى الطبقة السياسية بصفة عامة والأحزاب بصفة خاصة، نتيجة ما عانته تونس من مشاكل اقتصادية واجتماعية فى العشرية السوداء، وبالتالى ابتعد الناس عن الأحزاب، فهناك تراكمات على امتداد عشر سنوات، والناس زهدت الأحزاب التى تعاملت دون برامج واضحة، وبسياسات خاصة لخدمة مصالحهم الشخصية، فقد تعاملت بمنطق الغنيمة، ولم يهتموا لأمر الناس، وبالتالى فإن عزوف الناس عن الانتخابات شيئا منطقيا.
أما الدكتور رافع طبيب، أستاذ العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية، فيرى أنه المعارضة التونسية قد أخطأت فى النزول إلى الشارع، فى ذكرى 14 يناير، لأنها أظهرت حجمها الحقيقى وكشفت عن وضعها، وهى التى زعمت أنها تمثل 90% من الشعب التونسى، وهى النسبة التى لم تشارك أو عزفت عن انتخابات الدور الأول من الانتخابات التشريعية، وهذه المعارضة لم تنجح فى حشد الشارع التونسى، بل والأكثر من ذلك أن المظاهرات كانت هزيلة جدا، وأظهرت إلى أى حد أن النخب السياسية المعارضة فى تونس بعيدة كل البعد عن الشارع التونسى، سواء فى خياراته أم مطالبه، وهذا ظهر من خلال أجندتها وشعاراتها، لكن لا ننسى شيئا مهما أن العزوف عن الانتخابات التشريعية فى تونس، هو أساسا فى صميم مشروع 25 يوليو، الذى أقر رسالته الرئيس قيس سعيد، بمعنى أن الشعب التونسى عندما انتفض فى 25 يوليو 2021، لم ينتفض ضد الإخوان فقط، إنما انتفض ضد النظام البرلمانى الذى شكل السلطة وشتتها، وأعطى تلك الصورة السيئة جدا عن العمل البرلمانى، ولا ننسى أن الشعب التونسى ظل يشاهد هذه المسرحيات، والترهات والعنف لمدة 10 سنوات، وبالتالى فالشعب أصبح ضد النظام البرلمانى والصالون البرلمانى، حتى عندما طلب الرئيس قيس سعيد من الشعب التونسى التوجه لانتخاب البرلمان، لم يتحرك الشارع التونسى الذى لم يعد مؤمنا بأهمية وجود برلمان، وهذه إحدى مفارقات السياسة، عندما ننظر إلى 25 يوليه 2022 نزل 3 ملايين تونسى، فى درجات حرارة مرتفعة جدا للمشاركة فى الاستفتاء على الدستور، وبعد أشهر قليلة فقط عندما طلب منهم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، لم يتوجه الشعب إلى الانتخابات إلا بنسبة بسيطة، وبالتالى حتى الدور الثانى من الانتخابات ستكون نسبة المشاركة متقاربة مع فارق صغير أن المرشحين أصبحوا معروفين بدرجة أكبر، كذلك يجب أن نعلم أن نسبة 11%، فهى تعنى مليون ناخب تقريبا، وهم يمثلون المربع الأكثر التزاما بخط 25 يوليو، فهناك ملايين مع قرارات 25 يوليو، لكنهم لا يهتمون لأمر البرلمان.
ويرى محمد زهير حمدى، أمين عام التيار الشعبى، أن الدور الثانى من الانتخابات التشريعية، هو آخر موعد فى الاستحقاقات السياسية للرئيس قيس سعيد، حيث التزم بشكل قطعى بالمواعيد المحددة، انطلاقا من الاستشارة حتى الاستفتاء، والآن الانتخابات التشريعية، وهذا جيد حيث لم يتم تمديد المرحلة الاستثنائية، صحيح أن نسبة المشاركة كانت ضعيفة فى الدور الأول لعدة أسباب منها: البطء فى المحاسبة والأوضاع الاجتماعية، لكن أيضا فإن ماكينات المال السياسى الفاسد التى كانت تقوم بتعبئة ضخمة، تم تعطيلها إلى حد ما، ونأمل فى ارتفاع نسبة التصويت فى الدور الثانى، فالأمر يسهم فى تعزيز شرعية البرلمان، ويخفف الضغط الداخلى والخارجى على بلادنا.
ويؤكد النائب البرلمانى عادل البوسالمى، أن ما حدث فى يوم 25 يناير هو ضربة قاصمة لجماعة الإخوان وأعوانهم، ومن يطلقون على أنفسهم معارضة، فقد أثبت الشعب التونسى أنه تعلم الدرس، ولن ينخدع مرة أخرى بالأكاذيب والشعارات الجوفاء، ويكفى المظهر المضحك لما حاولوا أن يطلقوا عليه مليونية، فى مظاهرة ضمت العشرات فقط، فما حدث هو تأكيد نجاح مسار 25 يوليو، وأن الشعب التونسى الذى عانى العشرية السوداء، لن يسمح بعودة هؤلاء الدمى التى تحركهم جهات خارجية، كما يجب التأكيد على أن تنظيم الانتخابات فى موعدها يعد أمرا إيجابيا فى حد ذاته، بالنظر إلى الكم الكبير من التشكيك، ومحاولات بعض الأطراف لإفسادها أو إلغائها، ثم إن خلو الانتخابات من المال السياسى الفاسد، والعدد القليل من المخالفات الانتخابية الخطيرة يعطى الجميع أملا فى مستقبل أفضل، إن تونس مقبلة على محطات دقيقة ومفصلية فى تاريخها، وحجم الرهان فيها كبير جدا، خصوصا على المستوى الاقتصادى والاجتماعى، ونجاح هذه المرحلة الانتخابية سيمثل صمام أمان وبداية جيدة بالنسبة لشركاء تونس فى الخارج، والفاعلين فى الداخل لكسب هذا الرهان الوطنى الكبير.