بوابة الدولة
الأحد 2 فبراير 2025 05:56 صـ 4 شعبان 1446 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

مختار محمود يكتب: هل أتاك حديث الحلاج؟!

مختار محمود
مختار محمود

فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ/ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ. وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ/ وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ. إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ/ وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابِ. فَيا لَيتَ شُربي مِن وِدادِكَ صافِياً/ وَشُربِيَ مِن ماءِ الفُراتِ سَرابُ.
هذه أبيات منسوبة للحسين بن منصور الحلاج الذي تحل ذكرى وفاته اليوم؛ حيث قُتل في مثل هذه اليوم قبل 1101 عام. "الحلاج" واحد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي. يراه فريق رجلاً شديد الإيمان والتعلق بالله بمنظور صوفي فلسفي لا يستوعبه إلا قليلون، ويراه كثيرون أقرب للزندقة والإلحاد؛ بسبب مواقفه وأفكاره وأشعاره.
نشأ "الحلاج" في العراق، ثم تنقل بين عدة مدن وولايات، منها: الهند، وقضى فترات في مكة، معتزلاً في الحرم المكي، حيث عرف الناس عنه أنه إذا جلس لا يغير جلسته أو موقعه فى الليل أو فى النهار، فى الحر والبرد، كما عُرف بقلة طعامه، وزهده في كل شيء، وكان له مريدون يتبعونه، ويحفظون عنه.
اصطدم "الحلاج" بأحد المشايخ المتمسكين بالنقل والنص، هو الجنيد البغدادى الذي كان أستاذًا له، ولكنه لم يكن راضيًا عن فكره، وفلسفته، فكان أن قال ذات جدال لـ"الحلاج": "أي خشبةٍ ستفسدها"، كناية عن قتله مصلوبًا، لكن "الجنيد" مات قبل أن يشهد نبوءته قد تحققت بصلب تلميذه "الحلَّاج".
عُرض "الحلاج" للمحاكمة، بتهمة الزندقة والكفر، حيث جادله الفقهاء والقضاة في آرائه، حتى وصل أمره، إلى يد الخليفة المقتدر بالله عن طريق وزيره حامد بن العباس، فوافق الخليفة على إهدار دمه، وصادق على حكم إعدامه الذي أصدره القاضي أبو عمر المالكي، فتم إعدامه بطريقةٍ دموية، حيث أراد وزير الخليفة، أن يجعل منه عبرةً، لكل الصوفيين!!
في السادس والعشرين من مارس عام922 ميلاديًا..اقتيد "الحلاج" من محبسه وجلد جلدًا شديدًا، ثم صُلب حيًا حتى فاضت روحه إلى بارئها، وفي اليوم التالي قُطع رأسه وأُحرق جثمانه، ونُثر رماده في نهر دجلة، وقيل: إن بعض تلاميذه احتفظوا برأسه.
فكرة المؤامرة على "الحلاج" لا تبدو مقبولة بشكل كبير؛ لأن كثيرًا من مواقف الرجل وأقواله وأشعاره لا ينصفه ولا يثير التعاطف معه على أي حال، كما إن شهادات معاصريه لم تخرجه من دائرة الشك والريبة والتطجين، ولا يصح أن علماء زمنه جميعًا يأتمرون عليه ويكيدون به ويمكرون له.
كان "الحلاج" يقول عن نفسه: "أنا الله"، وأمر زوجة ابنه بالسجود له، ولما قالت مستنكرة: "أو يُسجَد لغير الله"؟ فأجابها: "إلهٌ في السماء وإلهٌ في الأرض". تلك الواقعة يؤكدها قوله بالحلول والاتحاد، وزعمه بأن الله تعالى قد حَلَّ فيه ، وصار هو والله شيئًا واحدًا، تعالى الله عن ذلك علًوًا كبيرًا. ويعتقد المؤرخون أن تلك الإشكالية الأخيرة جعلت "الحلاج" محبوبًا مقبولاً عند المستشرقين وكارهي الإسلام بالسليقة! كما يُنسب إليه أنه ادعى قدرته على الإتيان بمثل القرآن الكريم. ومن أشعاره التي فتحت عليه باب الاتهام بالتكفير والزندقة قوله: عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدًا/ وأنا اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه؛ إذ لا يصح للمرء أن يجمع بين التوحيد والشرك في آن واحد، وزاد على ذلك إبطاله أركان الإسلام. كان "الحلاج" يزعم أن أرواح الأنبياء أعيدت إلى أجساد أصحابه وتلامذته، فكان يقول لأحدهم: "أنت نوح"، ولآخر:"أنت موسى"، ولآخر: "أنت محمد"!!
فإن صحَّت نسبة هذه الأمور -وغيرها كثير- إليه فإنه لا يمكن فهمها بعيدًا عن سياقها أو تأويلها على النحو الذي يتبناه أصحاب نظرية المؤامرة على "الحلاج"، وإظهاره في صورة الشهيد المغلوب على أمره.
عندما سُئل ابن تيمية رحمه الله عن "الحلاج" أجاب : "مَنْ اعتقد ما يعتقده الْحَلاجُ مِنْ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلحادِ كَقَوْلِهِ : أَنَا اللَّهُ . وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ . . . وَالْحَلاجُ كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنْ الآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلاجُ"، مردفًا: "وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلاجَ بِخَيْرِ لا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلا مِنْ الْمَشَايِخِ; وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ; لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَهُ".

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى30 يناير 2025

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 50.1883 50.2883
يورو 52.1758 52.2848
جنيه إسترلينى 62.3690 62.5185
فرنك سويسرى 55.2431 55.3897
100 ين يابانى 32.4907 32.5575
ريال سعودى 13.3793 13.4066
دينار كويتى 162.6218 163.0515
درهم اماراتى 13.6630 13.6928
اليوان الصينى 6.9206 6.9357

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4457 جنيه 4440 جنيه $90.02
سعر ذهب 22 4086 جنيه 4070 جنيه $82.52
سعر ذهب 21 3900 جنيه 3885 جنيه $78.77
سعر ذهب 18 3343 جنيه 3330 جنيه $67.51
سعر ذهب 14 2600 جنيه 2590 جنيه $52.51
سعر ذهب 12 2229 جنيه 2220 جنيه $45.01
سعر الأونصة 138633 جنيه 138100 جنيه $2799.86
الجنيه الذهب 31200 جنيه 31080 جنيه $630.12
الأونصة بالدولار 2799.86 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى