وكيل الأزهر الأسبق: تاريخ الأزهر يقارب 11 قرنًا ولم يصبه وهن وسيبقى فتيًّا أمد الدهر
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر الشريف الذي نحتفي اليوم بذكرى تأسيسه شاءت إرادة الله أن ينشأ مؤسسة إنسانية من يومه الأول، فمع أنه مؤسسة سنية إلا أنه يحتفظ بعلاقات جيدة في عهوده السابقة مع أتباع الديانات والثقافات، ويؤمن الأزهر ورجاله بأن اختلاف المعتقد ليس سببا للعداء، تطبيقا لقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، مع الفصل التام بين العمل والتعاون المشترك مع أتباع الديانات كافة؛ وبين سلامة المعتقد، فإن العمل المشترك مع المخالف في الدين يقره كتاب الله، ومعاملات رسولنا الكريم ﷺ التي نحتج بها إلى اليوم في فقهنا.
وأضاف فضيلته خلال كلمته باحتفالية الأزهر السنوية بمناسبة مرور 1083 عامًا على تأسيس الجامع الأزهر، أن الأزهر على مدار تاريخه يعيش في سلام وأمان، لا يحمل له أي أتباع دين يعرفون الأزهر ومنهجه أي عداء، والأزهر تتعدد أدواره فهو مؤسسة تعليمية اجتماعية وطنية إنسانية، والأزهر يعمل على هذه المحاور كلها في وقت واحد، وهو اليوم لديه 11 ألف معهد أزهري يدرس فيها أكثر من مليوني طالب، وجامعة الأزهر أكبر جامعة على وجه الأرض، ومن أقدمها ما لم تكن الأقدم بالفعل، كادت تصل إلى المئة كلية، يدرس فيها أكثر من نصف مليون طالب من بينهم أكثر من 40 ألفا، من أكثر من مئة دولة يدرسون في جامعة الأزهر وفي معاهد الأزهر جنبا إلى جنب مع إخوانهم المصريين، على نفقة الدولة المصرية من خلال ميزانية الأزهر.
وأوضح فضيلته أن علماء الأزهر لا يكتفون باستقبالهم أبنائهم الوافدين من كافة دول العالم؛ بل إنهم يذهبون إليها، فلدينا مجمع البحوث الإسلامية وقطاع المعاهد الأزهرية يرسل المبعوثين لتولي مسألة التدريس في العديد من الدول ومسألة الدعوة الإسلامية، بخلاف جهود مجمع البحوث الإسلامية في الداخل من خلال وعاظه، وجهود نخبة متميزة من أساتذة جامعة الأزهر من الكليات الشرعية، كلهم يعملون جنبا إلى جنب، لتوجيه المجتمع ونشر الأمن والسلام بين ربوعه، وملاحقة المشكلات التي تطرأ بين الناس ووضع الحلول العاجلة لها.
وبيَّن فضيلته أنه في مجال الدعوة امتدت جهود الأزهر إلى أقصى الأرض، فإذا ذهبت إلى دول آسيا رأيت الأزهر وما فعله فيها، وإذا ذهبت حتى إلى الدول الأوروبية وجدت آثار الأزهر بادية على أبنائه هناك، مضيفًا أن الأزهر في خلال عهده الطويل لم يوجه إليه نقد حقيقي من أي دولة من دول العالم، ولم تشتك دولة من دول العالم من خريجيها من أبنائها الذين درسوا في الأزهر أو قالت إنهم تسببوا في قلاقل مجتمعية بعد عودتهم، بل دائمًا هما وسيلة السلام وإطفاء الحرائق والجمع بين الناس في ود واحترام، لأنهم تعلموا في الأزهر الشريف الوسطية والاعتدال وفهموا دينهم فهما صحيحا.
وأشار فضيلته إلى دور الأزهر المجتمعي، فجميع الناس يتابعون قوافل الأزهر التي تساعد الفقراء وتقوم بها الحسابات الخاصة بمشيخة الأزهر، وآلاف البسطاء الذين يتولاهم بيت الزكاة والصدقات المصري والحسابات الخاصة، وقوافل جامعة الأزهر الطبيَّة والإغاثية، وهذا هو دأب الأزهر بقيادة شيخنا فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حفظه الله.
ولفت فضيلته إلى الدور الوطني الذي قام به الأزهر على مدار تاريخه، فعلى منبر الأزهر تعانق الهلال الصليب، وتعاهد على دحر الاعتداء والعدوان، وخرجت من الأزهر الشريف الثورات التي سحقت كل من فكر في النيل من مصرنا، وفي صحنه هذا تحطمت الغزوات التي جاء بها الصليبيون وغيرهم، واضطر قادة هذه الحملات إلى التقرب إلى علماء الأزهر، بل أعلن بعضهم إسلامه عله يستدرج علماء الأزهر، لكن بقي الأزهر وبقي علماء الأزهر يدافعون عن دينهم وعن وطنهم، لا يخلطون بين هذا وذاك.
واختتم فضيلته كلمته بالقول: "إن الأزهر الشريف يكاد يكمل قرنه الحادي عشر، ومع ذلك لم يتطرق إليه الوهن ولن يكون، ولم يضعف ولم يكبر ولم يشِخ، وإنما هو فتي منذ وجد وإلى يوم أن يزول الكون كله، إنه الأزهر مع قدمه هو مؤسسة تسير على قدم وساق مع أحدث المؤسسات التي تأسست تمتلك أحدث وسائل التكنولوجيا، وقد أنشأ مراكز بحثية متطورة مثل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وكذلك لجان الفتوى القديمة بعد أن تحولت الآن إلى العمل الحديث، فكلها تعمل مستخدمة سبل التواصل الحديثة، وهنا لجنة الفتوى بالجامع الأزهر أقدم لجنة للإفتاء في العالم، وهنا الجامع الأزهر وجهوده في خدمة طلاب العلم والزائرين من كل مكان".
وكان المجلس الأعلى للأزهر قد قرر في مايو 2018 برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اعتبار مناسبة افتتاح الجامع الأزهر في السابع من رمضان عام 361هـ يومًا سنويًّا للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع الأزهر، ونظم الأزهر هذا الاحتفال اليوم بحضور فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، ونواب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، والدكتور إسماعيل الحداد، الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر، والدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، والدكتور أتى خضر، رئيس قطاع مكتب شيخ الأزهر، والدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، ولفيف من علماء وقيادات الأزهر الشريف.