الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب ..الدولة الفاطمية .. وبداية إستخدام ” فانوس رمضان
أصبح لشهر رمضان المبارك فى مصر شكل آخر عما كان عليه قبل وصول الدولة الفاطمية إلى حكم البلاد ، وعلى الرغم من أن الدولة الفاطمية تعتنق المذهب الشيعى إلا أن ذلك لم يكن مانعاً لإتباع بعض العادات والتقاليد التى أضفت جانب كبير من التبجيل والتهليل لقدوم الشهر العظيم .. تمكن الفاطميون من تكريس العديد من الطقوس الإحتفالية التى عبرت عن مشاعر البهجة والسرور التى تسيطر على الجميع لمجرد أن يُعلن عن قدوم الضيف الكريم شهر الخير واليمن والبركات رمضان المعظم.
ولذلك فسوف تكون لنا أكثر من وقفة للتعرف على بعض تلك الطقوس التى تربط بين الشهر الكريم وبين الدولة الفاطمية .
أصل الحكاية
نجح الفاطميون فى إستمالة المصريين لهم حتى من قبل أن تطأ قدم زعيم وقائد الدولة الفاطمية وهو " المعز لدين الله " أرض مصر .. حيث إستخدم الفاطميون وسائل دعاية واسعة النطاق لهم ولزعيمهم واستطاع " جوهر الصقلى " قائد الجيش الفاطمى الذى دخل مصر ليلة ١٧ شعبان سنة ٣٥٨ الموافق عام ٩٦٩ ميلادية وتمكن من الترويج بشكل متميز لصفات " المُعز " و التى تتسم بالتقوى والورع وحب الخير وكراهية الظلم بكل أشكاله .. مع الإستشهاد ببعض الروايات والمواقف التى ظهر فيها المعز بصورة الحاكم العادل الذى يرغب فى إشاعة الخير والعدل بين الأهالى فى أرجاء البلاد .
إنعكست تلك المقدمة العظيمة عن المُعز على الأهالى الذين عشقوا ذلك الرجل قبل أن يرونه أو يتعرفون على أسلوبه فى حكم البلاد .
إتفاقية
وحين وطأت قدم قائد الجيش الفاطمى جوهر الصقلى أرض مصر خرج وفد من أعيان البلاد لمقابلته وتم الإتفاق على آعزاز المصريين وحمايتهم من أى خطر ، ومعالجة الحالة الإقتصادية وترميم الجوامع وتزيينها مع صرف مرتبات المؤذنين والأئمة من بيت المال ، وتوفير الحرية الدينية للمصريين وحق كلٌ منهم فى إختيار مذهبه ، وتوفير الحريات للأقليات الدينية مثل المسيحيين واليهود بلا أى أضطهاد.
وقد تعهد بتنفيذ تلك البنود جوهر الصقلى بإعتباره ممثلا عن الحاكم الجديد للبلاد " المعز لدين الله " ، وحين وصل كل ذلك إلى عامة الشعب إزدادوا عشقاً للمعزبل وللفاطميين رغم علم بعضهم أن هؤلاء الفاطميين يتبعون المذهب ولكن الكل سعر أنهم مُقبلون على دولة ديمقراطية جديدة تنشد الرخاء والتقدم وتتعهد بالعدل والإستقرار.
الإستقبال العظيم
حين تم الإعلان عن قدوم المعز لدين الله إلى مصر خرج المصريون يوم ٥ رمضان عام ٣٥٨ هجرية ليستقبلوا الحاكم الجديد الذى سيحل إلى مصر ويمكث بها بصفة دائمة بإعتباره خليفة المسلمين. خرحوا جميعا على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة وكوًن المصريون موكبا كبير جدا إشترك فيه النساء والأطفال جنبا إلى جنب الرجال يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق .
ووصل المعز لدين الله وسط فرحة كبيرة من الأهالى وإستقبلته السيدات بالزعاريد والرجال والأطفال بالتهليل وظل الطريق إلى مدينة الفسطاط مضاءً بالفوانيس وهو الأمر الذى تحول فيما بعد إلى عادة خاصة عند الأطفال يستقبلون بها ضيفاً آخر أكثر كرماً وأعظم مكانةً من المعز لدين الله وهو شهر رمضان المعظم.
وبذلك أصبح المصريون هم أول من إستخدم الفانوس للتعبير عن الإحتفال بقدوم شهر رمضان المعظم ، ثم إقتبست الشعوب العربية والإسلامية هذه الفكرة وقامت بمحاكاة المصريين ، وأخذ التطوير يطرأ على الفانوس وتحول من الفانوس " أبو شمعة " المصنوع من الصاج والزجاج الملون إلى وضع لمبة صغيرة بدلا من الشمعة لإنارته ، ثم تركيب سماعات بداخله مسجل بداخلها أغانى رمضان مثل " وحوى يا وحوى و حاللو يا حاللو " .
وتحول الفانوس من مجرد دمية يلهو بها الأطفال خلال شهر الصوم إلى وسيلة يعبر بها الجميع عن فرحتهم بإستقبال شهر رمضان المبارك وإستخدامه فى التعليق بالشوارع والأماكن العامة والحوانيت والمنازل إحتفالا بالشهر المعظم.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد مدير تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية