مختار محمود يكتب: ماذا لو فعلها محمد نوَّار؟!
شهور قليلة تفصل رئيس الإذاعة الأستاذ محمد نوار عن إنهاء سنة التجديد بعد بلوغه سن التقاعد مؤخرًا.
ولمن لا يعلم.. فإنَّ عدم التجديد مرة أخرى لـ"نوار" ومن ثمَّ خروجه نهائيًا من ماسبيرو سوف يفاقم وضع شبكة القرآن الكريم سوءً وترديًا، وسوف يُضاعف من أوجاع دولة التلاوة المصرية التي دخلت مرحلة الموت الإكلينيكي؛ فالرجل لا يخشى في الله لومة لائم، ويعلن دومًا عدم رضاه عن معظم القراء المعتمدين خلال السنوات الأخيرة؛ لا سيما أن كثيرًا منهم تم اعتماده في عهود سابقة على تعيينه رئيسًا للإذاعة، عندما كان يتم تمرير القراء دون اختبارات، وبالأمر المباشر، و"الجمل" الصغير نموذج واقعي ومعلوم للقاصي والداني.
ولمن يعلم أيضًا.. فإن "نوار" هو مَن أصدر قبل ثلاث سنوات تقريبًا قرارًا بوقف وتجميد القاريء صلاح الجمل؛ بسبب تهافت مستواه، وكان قد تم اعتماده رغم أنوف أعضاء لجنة الاستماع في عهد سلفه بتوصية من رئيس الوزراء حينها المهندس إبراهيم محلب، ثم أصدر قرارًا بوقف القاريء محمد حامد السلكاوي المعروف إعلاميًا بـ"القاريء الراقص"؛ على خلفية الواقعة الشهيرة بتراقصه أثناء التلاوة في أحد المحافل، كما أوقف القارئين: محمد الطاروطي وحلمي الجمل؛ على خلفية أخطاء فادحة في التلاوات المنقولة على الهواء مباشرة، ولم يأبه بمقاضاة الأخير له، وبعد التجديد له رفض أن تنقل إذاعة القرآن الكريم صلاة التراويح من المسجد الحسيني في ظل إمامة القاريء المشلوح صلاح الجمل للمصلين، وهو الجدول الذي تم وضعه على حين غفلة، حيث كان "نوار" في بيته بعد بلوغ سن التقاعد، ولم يكن قد تم التجديد له بعد.
في ظل هذه الغضبة العارمة من الرأي العام ضد عدد كبير جدًا من القراء الذين تم تمريرهم عن غير جدارة ودون استحقاق في عهود سابقة على تعيينه رئيسًا للإذاعة، يستطيع "نوار" بما يملكه من شخصية نافذة ورأي سديد، أن يحقق ما تصبو إليه قلوب محبي القرآن الكريم الذين شبَّوا وعاشوا في كنف أصوات الأكابر المغاوير من القراء النحارير الذين صنعوا تاريخًا ذهبيًا لدولة التلاوة المصرية، لا يزال ممتدًا حتى الآن، رغم العواصف والأعاصير، وهو اتخاذ قرار، أو الإسهام والضغط لاستصداره من أولى الطول، بإعادة عرض واختبار القراء غير المتقنين وغير المجيدين وغير الحافظين على لجنة موضوعية ومحايدة لا يأتيها الباطل من بين أياديها ولا من خلفها، فلا تجيز إلا من يستحق شرف الإجازة، وتستبعد أصحاب الرداءة من السادة المجعراتية وضعاف الحفظ، ومَن لا يفقهون أبسط أحكام الوقف والابتداء.
لقد شهدت السنوات السابقة تمرير قراء لا يحفظون من القرآن الكريم سوى النذر اليسير جدًا، ولم يتتلمذوا على أيدي الحفاظ الفقهاء ذوي الأفهام، ولم يكن يشغلهم سوى الحصول على لقب: "القاريء بالإذاعة والتليفزيون"؛ حتى تقفز أجورهم في الحفلات والمناسب والمآتم إلى عشرات الآلاف من الجنيهات؛ في ظل انتشار حالة من تردي الذوق العام وعدم القدرة على التمييز بين الغث والثمين، واستحسان القبيح، وامتداح الذميم، والدفاع عنه وتحصينه من ذوي النفوذ الطاغي كما في حالة "الجمل" الصغير.
نأمل من أستاذ “نوار” أن يُزين مسيرته المهنية، وهي تستحق دون شك، بالتمكين لمثل هذا القرار أن يُبصر النور في وقت قريب، وأن يتم تفعيله دون استثناء وبعيدًا عن المجاملات الرخيصة التي أفسدت كل شيء داخل “ماسبيرو”، وأن يكون مشمولاً بإصدار لائحة جديدة تتضمن شروطًا صارمة لمن يتم قبولهم وتمريرهم في قادم المواعيد..فهل يفعلها "نوار"، وحينئذ سوف نكون له من الشاكرين؟
افعلها يا أستاذ “نوار” ولا تخجل ولا تخف ولا تتردد؛ فالله تعالى تعهَّد بأن ينصر مَن ينصره.."وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"..