الكاتب الصحفى إسلام كمال يكتب .. يصل ويسلم إلى السيد أحمد أبو الغيط شخصيا!
إلى السيد المقدر أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية الحالى، ووزير خارجية مصر الأسبق.
بعد كل التحية والإجلال
إحتراما وتقديرا لتاريخك، الذي تعلمنا منه الكثير، إنقذنا أو استقيل من منصب يرحمك الله، لتترك الفرصة لغيرك، ليحاول.
لو لم تسافر الخرطوم بالتنسيق مع الدول العربية والقوى الدولية، وتحاول الترويج لمبادرة تهدئة بين طرفي النزاع، فلتستقيل
مهما كانت الصعاب والتحديات، عليك أن تحاول، أو تستقيل، وتكشف للرأى العام العربي والدولى، من عرقلك، بشكل دبلوماسي، لم أقل لسيادتك أن تحولها لمواجهة حنجورية لا طائل منها.
ماذا تنتظر ياسيد أحم ؟!
إنك حتى لم تتحجج مثل مسئول مجلس الأمن الإفريقي، بأنهم لم يذهبوا بسبب الأحوال الميدانية وغلق المطارات، وعندما تستقر الأمور سيسافرون، وها هى الهدنة الهشة إنتهت ولم يسافروا للخرطوم!
الأجواء فتحت، وهناك مطارات متوفرة الآن، وتستخدم في الاجلاءات، وأنت رجل خبير ياسيد أحمد، وتعرف ماذا سيحدث بعد الإجلاءات الأجنبية والعربية.
من أجل تاريخك ومصريتك، تدخل لتنقذ الأخوة السوادنيين، يكفي أن أغلب الشعوب العربية تعيش بين الفوضى والدم والفقر والموت، فحاول آلا تتورط في إضافة شعب عربي آخر للقائمة السوداء.
تدخل لأنك تعرف مدى تضرر مصر من المؤامرة، وطبعا من الصعب أن تتدخل الدولة المصرية بشكل مباشر لحسابات ما، تعرفها سيادتك، أكثر منا..على الأقل لن يكون من الأفضل أن يكون التدخل المصري المباشر، الخيار الأول.
دماء وأموال وأرض وسيادة السودان ستكون في رقبتك أنت أيضا، وليس المتورطين في الدم والنهب بشكل مباشر فقط، لأنك ساكت لا تحرك ساكنا، ومنصبك يفرض عليك ذلك، مهما كانت الضغوط والتحديات، احتراما لسنك وتاريخك، يجب أن تحاول، حتى أمام الرأى العام العربي والدولى لتكشف الجميع أمام العالم، ولتكن القدوة والنموذج..كما علمتنا دائما، وكما نقرأ في كتبك.
ولا تقل إن الأمر ليس بهذه البساطة، ومهام عملى تمنحنى مساحات محددة، نعرف هذا كله، لكن الرجال المحفورة أسماءهم في كتب التاريخ، كانوا استثنائيين ومبادرين ومختلفين، وأنت من طينة هؤلاء.
أغلب الدول العربية لن ترفض تدخلك، ومن يرفض سيتوارى، حتى لا يفتضح أمره بشكل علنى، ومن الممكن أن تكون لجنة ممثلة من الدول العربية الكبري وغير ذات الصلة بالشأن السودانى بشكل مباشر بسبب حساسيات البعض، ولتضف مسؤولا مراقبا أو داعما من الأمم المتحدة مثلا.
أرجوك تدخل، لأن الآوان قد فات بالفعل، والأيام القليلة القادمة كارثية على أطراف عدة، في مقدمتها بالإضافة للسودان مصر، ونحن لدينا تحديات كثيرة جدا، تدركها سيادتك بالتأكيد، لا يمكننا إضافة تحدي آخر بهذه الخطورة لنا الآن، فالأمر لا يتعلق بأمن النيل وأمن البحر الأحمر ومثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد، وغيره من رواسخ الأمن القومى المصري المتصل بالجنوب، المعرضة للتهديد، لكن القصة تتعلق أيضا بموجات النزوح الجماعى المتوقعة الذي سيكون اختبارا بشعا للحدود المصرية، وأتصور أن الاختبار السودانى سيكون أكثر تعقيدا من الاختبار الليبي أو الغزاوى- الإسرائيلي أو المتوسطى بتنويعاته.
انه حياتك العملية ياسيد أحمد بإنجاز دبلوماسي سياسي تاريخى، يضاف لإنجازاتك التاريخية، أعرف أن الكلام سهل، ويعتبره البعض غير منطقي أو بعيد عن الواقع، إلا إننا لا نملك سوى المحاولة، والمحاولة الجادة، من أجل كل شئ، ذكرناه ولم نذكره.
مبادرتك ستدعمها الشعوب العربية كلها، والشعوب المحبة للسلام والاستقرار، وإنجازك سيكون فارقا بمعنى الكلمة لمصر والسودان وإقليمك ووطنك العربي كله، وستعيد به الجامعة من موت، لا تتحمله بالطبع، لكنك أصبحت مشاركا فيه، بتوآماتك الاضطرارية بالتأكيد، التى تلزمك مساحات عملك وإجواء الإقليم بها.
ليس لدى أقوال أخرى، سوى التشديد على إننا كلنا داعمون لسيادتك، ويتعلق أملنا بالتجاوب مع دعوتنا، التى ندرك جدا إن سيادتك وفريقك بقيادة مساعدك الصديق العزيز السيد السفير حسام زكى، تحاولون بكل ما أتيتم من قوة لإحراز تغيير، لكن التحديات كثيرة بالطبع، إلا إنكم أقوى من أى أجواء صعبة.
مع كامل تقديرى ومحبتى - أتمنى أن تجد دعوتى مساحة لدى سيادتكم - وبالتأكيد ستقدر غيرتى على بلدى وحماستى للمصلحة العامة والخاصة
كاتب المقال الكاتب الصحفى إسلام كمال رئيس التحرير التنفيذى لروزاليوسف سابقا