الكاتب الصحفي إسلام كمال يكتب: هذه تحفظاتى على فتح الحدود للسودانيين!
المفروض أن تجارب العراق ولبنان والأردن وحتى تركيا مع اللاجئين السوريين، كانت منبها كافيا حتى لا نتورط مع السودانيين، خاصة في أزمتنا الاقتصادية الطاحنة، ومع أبعاد هذا المشهد الأمنية لأن الكيزان "إخوان السودان" والبرو إثيوبيا والبرو إسرائيل وغيرهم كثيرين جدا في السودان، فكيف نستقبلهم دونما مراجعة حتى، وكيف نستقبلهم أساسا!
إننا فتحنا علينا بابا ملئ بالأهوال، لا يعرف أحد إلا الله مداها، وكان من الممكن البحث عن مساحة لنا في السودان بدون هذا التورط..فأى إجراء تنظيمى بعد ذلك سيحسب علينا، ومن الممكن أن تقع مواجهات بين المصريين والسودانيين، ومن ضمن الأخطار مساس نسب السكان في المثلث الحدودى الذي تعتبره السودان متنازع عليه في حلايب وشلاتين وأبو رماد، أنا متحفظ على طريقة التعامل هذه بالمرة.
ماذا تريدون إثباته، أن المصريين شعب قوى ومضياف، ويرد السيئة بالحسنة، هذا أمر طبيعي، ولا يحتاج فعلا، معروف عنا بالتجارب العملية، ومع كل الشعوب العربية التى عانت وتعانى.
وهل هذا رد لما يعتبره البعض ردا للجميل السودانى، عندما وقف السودانيون معنا بعد هزيمة ٦٧، عندما فتحوا لنا قواعدهم لاستقبال مقاتلاتنا والتدريب فيها، ولدور السودان المهم في ملف النيل والسد؟!، معكم بالطبع في ضرورة التعامل مع السودانيين من هذا المنطلق، لكن باستقبال منظم، والدخول في مبادرة تهدئة حاسمة تنهى الصراع، وتعيد الهدوء والاستقرار للسودانيين، لا التشجيع على الهروب من بيوتهم، والتسهيل على المتصارعين، بل والناهبين، الذين خططوا لهذا النزوج الجماعى للمدنيين بإرهابهم ونهب بيوتهم والقتل العشوائي وإخراج المجرمين من السجون.
تذكروا عندما اقتحم الفلسطينيون الحدود في عام ٢٠٠٨ تحت ضغط منظم من ولايات الحرب الأهلية بين حماس وفتح، استقبلناهم وأعدناهم فورا .. لا لعب مع الحدود، ولا تورط في أزمات اللاجئيين، هذه مؤامرات مفضوحة، ما كان يجب أن نقع فيها.
وتذكروا عندما وقعت أزمة مواجهات بين الشرطة المصرية واللاجئين السودانيين من الشمال والجنوب في ميدان مصطفي محمود بالمهندسين في أوائل الألفينات، هل تريدون تكرار ذلك، خاصة إن الصراع سيتعقد، والموجات لن تتوقف.
وطالما تورطنا، ولا ينفع الكلام الآن، فلماذا لا نفعل مثل تركيا، ونقيم منطقة أمنية فاصلة آمنة بالدخول في الحدود، وتكون في الأراضي السودانية لا في الأراضي المصرية لخطورة ذلك، ومن الضرورى أن يتولى المسئولية المادية فيه منظمة اللاجئين الأممية.
أنا في غاية الصدمة من هذا القرار، فهو توريط لمصر وتهديد مباشر للحدود، ودافع لدخول عناصر حتى من الچناجويد، ويجب آلا نستبعد أى دور لداعش في إقليم الصحراء ووسط وغرب إفريقيا مع استمرار الأزمة، وليس مستبعدا بالمرة أن يصل لنا من هناك، وداعش الإفريقي في تكتيكاته وشراسته مختلف تماما عن داعش العربى والسيناوى إن صح التعبير لتقريب وجهة النظر فقط.
لماذا لم نرسل لهم مساعدات كما فعلت إثيوبيا، ولا نقول أن نغلق الحدود كما فعلت تشاد، لكن فقط استقبال من لهم أرباب وأهالى في القاهرة، دون هذا الفتح التام، خاصة أننا لو حاولنا اتخاذ اجراءات تنظيمية فيما بعد مع الموجات المتوقعة، ستحسب علينا، بل والعكس من الممكن أن تتحول لمواجهات، ويقال وقتها أن مصر تضرب وتتعالى على السودانيين، ومن الممكن أن يكون هذا كله مرتب له، ويكون مدعاه لإدخال مصر طرف رئيسي في الأزمة، وتدور الدوائر.
ولا تنسوا ياسادة أن محركى هاشتاج فتح الحدود والغاء التأشيرات ، كانوا من إخوان الخارج، وسار وراءهم البسطاء وغير المدركين لأبعاده، فهل هكذا تسير الأمور في الملفات الاستراتيجية الحيوية؟!
حمى الله مصر.
كاتب المقال الكاتب الصحفى اسلام كمال رئيس التحرير التنفيذى لروزليوسف السابق