بين أبى ذر الغفاري وتشى جيفارا !
من قاطع طريق ولص يهاجم القوافل التجارية إلى الزاهد العابد الثائر ومن فتى مغمور يعتنق الأفكار الماركسية إلى أيقونة الحرية والنضال فى القرن العشرين
هناك قاسم مشترك بين أبى ذر الغفاري وتشى جيفارا هذا القاسم المشترك هو التمرد على ماهو مخالف لقناعتهما والثورة عليه ومقاومته حتى لو كانت نتيجة ذلك النفى الاختيارى فى حالة أبى ذر الغفاري والقتل رميا بالرصاص في حالة تشى جيفارا .وان اختلف الاثنان فى الوسيلة .فابو ذر الغفاري هذا العابد الزاهد فى متع الدنيا عاش معاصرا للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ومن بعده ابوبكر الصديق ثم عمر بن الخطاب وهى فترات اتسمت ببساطة الحياة وفقر الحال والزهد فى متع الحياة ثم توالت الفتوحات الإسلامية واقبلت الدنيا على المسلمين وتغير نمط الحياة وزاد الغنى والثراء ووجد ابوذر نفسه وسط هذا التغير فكان عليه أن يقاومه ويقف أمامه وهذا ليس غريبا عليه أليس هو من وقف وسط قريش وحده يعلن اسلامه دون خوف أو خشيه من العواقب فيجتمع عليه القوم ضربا لا ينقذه سوى العباس. وتشى جيفارا ذلك الطبيب الثائر الأرجنتيني المولد الكويى الجنسية المعتنق للأفكار الماركسية المتمرد أحد زعماء الثورة فى كوبا والذى صار من اقرب المقربين إلى زعيم الثورة فيدل كاسترو حتى أنه تولى وزارة الصناعة بعد نجاح الثورة الكوبية وهذا من أهم مناصب فى حكومة كاسترو لكن الثائر الكوبى الحالم بالمثالية والقيم المطلقة رفض رغد العيش والمناصب العليا ترك كل ذلك وراءه لينشر فكره وقناعاته خارج حدود كوبا . وكان جيفارا يقول ( مكان لا يوجد فيه ظلام هذا هو وطنى )وكان يقول أيضا (احس على وجهى بالم كل صفعة توجه إلى مظلوم فى هذه الدنيا أينما وجد الظلم فذاك هو وطنى ) .كان ابو ذر ذلك الزاهد العابد معارضا لتلك التغييرات التي تمت في العالم الاسلامى تغييرات لم يألفها فى عهد النبى (صلى الله عليه وسلم) ولا فى عهد خليفتيه لكن فى عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان الذى كان يتميز بالرقة واللين و الذى اختلفت سياساته عن سابقه عمر بن الخطاب فتوغل الولاة على سلطاته وانتشر الثراء والغنى وترف الحياة . كان علي أبى ذر أن يثور على واليه فى الشام معاوية بن أبى سفيان فيحدث التصادم مع معاوية ثم مع الخليفة الراشد عثمان بن عفان ليختار ابوذر نهايته بنفسه منفيا فى مكان قاحل لا حياة فيه وهى الربذة وتنتهى حياة ذلك العابد الزاهد الثائر دون ضجيج أو صخب بل يموت وحده .قال عنه الذهبى فى ترجمته فى كتابه سير اعلام النبلاء (كان رأسا فى الزهد والصدق والعلم والعمل قوالا بالحق لا تأخذه فى الله لومة لائم على حده فيه ) .وتشى جيفارا ذلك الثائر الحالم بالقضاء على النظم الإمبريالية والرأسمالية الجشعة يترك كل مغريات الوزارة في كوبا وسلطاتها ولو أراد لعاش منعما مثل باقى رفاقه من ثوار كوبا فى بلد يعيش فيه عيش الأغنياء فتنتهى حياته قتلا بالرصاص على يد جنود الجيش البوليفى بعد وشاية أحد الرعاة فى تلك المنطقة فيقبض على تشى جيفارا وبدون محاكمة يتم إعدامه بلا محاكمة.الفارق بين الاثنين أن أباذر كان مناضلا سلميا ام تشى جيفارا فكان منغمسا فى الكفاح المسلح