وداد محمد كامل تكتب: أطفال فلسطين تحت وطأة العنف الإسرائيلي
من المفارقات الغريبة أنه منذ عامين يوم 12 مايو بعد مقتل طفل إسرائيلي يدعى "ايدو" بسبب صاروخ من صواريخ المقاومة، خرجت علينا وسائل إعلام الإحتلال الإسرائيلي بالهجوم تارة والاستعطاف تارة أخري، فهذا والده يصرخ عبر موقع واللا الإخباري بتاريخ 13 مايو 2021: "نحن في كارثة، لا نعرف كيف نخبر أمه".
ومنذ عدة أيام شن الاحتلال عدة غارات على غزة، حيث شاركت أربعون طائرة في هذا القصف تحت مسمى: (درع وسهم) وهي عملية عسكرية بمقتضاها تم اغتيال ثلاثة من قادة حركة الجهاد الإسلامي واستشهد فيها 13 فلسطينيا، بينهم 4 أطفال و4 سيدات.
في فلسطين، تعرض الأطفال لأشكال عديدة من العنف والقمع على يد الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينها الاغتيالات المروّعة التي تستهدفهم بلا رحمة منذ عام ١٩٤٨ حتي اللحظة.
يشكّل القتل العمد للأطفال جريمة حرب وفقاً للقانون الدولي، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بمثل هذه المعايير الأخلاقية والقانونية الدولية عرض الحائط، بل إن الإحتلال الإسرائيلي تعمد قتل الأطفال ضمن سياسته منذ تأسيس كيانه الغاصب وحتى اليوم، فقد تمّ اغتيال الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات الماضية بالعديد من الطرق منها: عمليات اغتيال مباشرة واستهداف للأطفال أثناء مواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، ودك المدارس ودور الرعاية والمستشفيات. ومنهم من قتل من الرعب، وأقربهم كما تناقل نشطاء خبر مقتل الطفل تميم داود بعمر خمس سنوات، وقالوا إنه "مات بسبب توقف قلبه خوفاً من القصف"، وربطوا بين حالته وحالة مشابهة للطفل ريان سليمان في بيت لحم الذي قالت عنه وزارة الصحة الفلسطينية في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك في سبتمبر أيلول الماضي: "الطواقم الطبية في مستشفى بيت جالا الحكومي تعلن استشهاد الطفل ريان سليمان 7 سنوات، حيث لم تنجح كافة المحاولات لإنعاش قلبه بعد سقوطه من علو أثناء مطاردته من قبل قوات الاحتلال في تقوع".
وعلى سبيل المثال لا الحصر استشهد ما يزيد عن ال 1000 طفل فلسطيني في الانتفاضة الثانية من عام 2000 حتي عام 2005
وفي عملية عملية الجرف الصامد عام 2014 استشهد ما يزيد عن ال550 طفل فلسطيني.
كما أشارت المنظمات الطبية الدولية حينها في احصائتها إلى أن غالبية المرضى "الذين يحتاجون إلى رعاية جراحية أو علاج طبيعي متعلق بإصابات الحرب هم أقل من 18 عاما".
هذا ولم ينتصف العام 2023 بعد لكن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزّة تجاوز 25 طفلاً حتى الساعة، حسب إحصاء "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين"، أي بمعدل 5 أطفال كل شهر.
ووفقًا لتقارير ومعلومات منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA)، يعتبر عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا بسبب العنف الإسرائيلي منذ عام 1948 بالآلاف.
هذا وقضية اعتقال الأطفال الفلسطينين وإهدار طفولتهم وسنوات عمرهم مأساة أخرى، حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين في 20 نوفمبر 2022 اعتقلت سلطات الاحتلال منذ عام 1967 نحو 50 ألف من الأطفال الفلسطينيين؛ جدير بالذكر أن هؤلاء الأطفال عانوا بالمعني الحرفي مثل معاناة الكبار من قسوة التعذيب والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية، التي تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي و"اتفاقية الطفل".
من جهة أخرى، فإن سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ضربت بعرض الحائط حقوق الأطفال المحرومين من حريتهم، وتعاملت معهم "كمشروع مخربين"، كما لم يراعي الاحتلال حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة؛ ولا تشكل لهم محاكم خاصة؛ بالإضافة إلى أن الاحتلال يحدد سن الطفل بما دون ال16 عاماً؛ وذلك وفق الجهاز القضائي الإسرائيلي الذي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم "132"، والذي حدد فيه سن الطفولة، حتى سن السادسة عشرة؛ ما يشكل مخالفة صريحة لنص المادة رقم "1" من "اتفاقية الطفل" التي عرفت الطفل بأنه (كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة).
وأخيراً. لن نسأل عن المنظمات المعنية بردع هذا الوضع والتدخل الفوري لإنهاء هذه المجازر وعلى رأسهم الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل والمؤسسة العالمية لحقوق الإنسان و الدفاع عن المرأة و الطفل.
إن الفلسطنيين والفلسطينيات على خطى مريد البرغوثي رحمه الله عندما قال: "لسنا ذبائح ولسنا ضحايا. بل نضحّي كي نكون"،
أمة صدقوا الله فصدقهم الله.
كاتبة المقال وداد محمد كامل مترجمة وباحثة في الشأن الإسرائيلي