نميرة نجم : العالم سيواجه هجرة غير مسبوقة بسبب التغير المناخي.
ألقت السفيرة الدكتورة نميرة نجم مديرة المرصد الأفريقي للهجرة بمنظمة الإتحاد الأفريقي محاضرة في المعهد الدولى لسيادة القانون والعدالة بمالطا حول بناء القدرات وأهميته فيما يتعلق بمكافحة الارهاب والهجرة غير النظامية وغيرها من انواع الجريمة المنظمة التى تتطلب تعاون دولى فعال.
واشارت نجم في محاضرتها إلي أهمية ان يتناول المدربين جوانب جديدة تحمل أوجه لها واقع عملي يمكن تنفيذه على الارض ،وإستخدام الإحصاءات المتوافرة للإشارة وإستخلاص النتائج عن التطورات الإيجابية او السلبية الناجمة عن التطبيقات المختلفة .
وأضافت السفيرة أنه في ضوء المتوقع من بيانات مؤشرات المؤسسات الدولية من زيادة المنحني المتوقع للهجرة بأعداد ضخمة بجانب الهجرة التقليدية بسبب الحروب و النزاعات السياسية و صعوبة الظروف الإقتصادية في أفريقيا فأن النزوح و الهجرة بسبب الكوارث الطبيعية والتغير المناخي سيفرض واقع أسود و أسوء من البؤس الإقتصادي وبؤر الفقر لا يشجع فقط علي التنقل والهجرة الداخلية و الغير نظامية ولكنه سيجعلها هجرة إجبارية تفرضها شروط الطبيعة بدوافع قهرية مالم نعمل علي مواجهته و التخفيف والتكيف من حدة آثارها، خصوصا أنها بيئة خصبة لنمو كل انواع الجرائم بمافيها تنامي العنف و الإرهاب ، ولذلك ينبغي ان نكون علي وعي وإستعداد ولدينا الدراسات والإحصاءات و الخطط والحلول و الخيارات و التنسيق والقدرات والتمويل اللازم لمواجهته دون التوقف عند إدراك حدود و طبيعة وحجم المشكلة والأبحاث فقط .
وشرحت نجم أن إختلاف المصالح الدولية بين الدول أو من قبل كل مجموعة من الدول بناء على المعطيات المتاحة ،لن بحول بأن تلك المصالح يمكن تلتقى في نقاط بعينها يجب إستغلالها وتوظيفها و البناء عليها ، فالدول المصدرة للهجرة تسعى الى ضمان إيجاد حلول تنظم الهجرة وتحمي شعوبها ،عوضا عن ترك مواطنيها يواجهوا مصائرهم من أهوال وهلاك عند الهجرة الغير نظامية ، وهذه يمثل نقطة التقاء مع الدول المتلقية للهجرة التى تحتاج أيضا بتركيبتها السكانية الى قوة شابة عاملة مدربة مع معاناتها من نقص عدد الشباب في هذه المرحلة السنية القادرة علي العمل ،ومن ثم على برامج بناء القدرات مراعاة و إيضاح مثل هذه النقاط وابرازها خلال البرامج التدريبية ، بالإضافة لخلق و تطوير حلول ومفاهيم إبتكارية لاستيعاب ظاهرة الهجرة الغير نظامية وتوظيفها لصالح المهاجر الغير نظامي ودولته و الدول المهاجر إليها .
وأكدت نجم اننا نبدو علي أعتاب مرحلة جديدة غير مسبوقة من الهجرة بسبب التغيير المناخي الذي أصبح أزمة العصر ، وقد حذر ودق البنك الدولي نقوس الخطر بانه بحلول عام 2050، قد يجبر 216 مليون شخص في العالم على الهجرة داخل بلدانهم ، ومن المتوقع ان تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى النزوح و الهجرة الداخلية بينما تصل التقديرات في شمال أفريقيا الي هجرة 19 مليونا شخص بسبب تغير المناخ فقط ، ولذلك علي العالم الأول ان يتساءل كم من هؤلاء التعساء سيسعي للهجرة الغير نظامية نحو أوروبا ، و إنسانيا كم من هؤلاء سيقضي نحبه أثناء هذه الرحلة ، وهم من يضطرون إلى الانتقال من المناطق التي تنعدم فيها مقومات الحياة بشكل متزايد داخل بلدانهم بسبب مشكلات متنامية مثل ندرة المياه، ونقص المحاصيل، وارتفاع منسوب مياه البحر، والعواصف الشديدة، وبالتالي عدم وجود فرصة أو بيئة للعمل .
و اوضحت نجم ان الحلول متكاملة في ذلك أيضا ، فالاستثمار في جمع البيانات والتحليل للتوصل إلى فهم أفضل لاتجاهات ومسارات الهجرة الداخلية الناجمة عن تغيُّر المناخ على مستوى البلدان ، وإحداث تحوُّل في خطط التنمية لتراعي جميع مراحل الهجرة بسبب تغير المناخ ، و لابد و من الضروري دمج المناخ في عملية التنمية ، وبالفعل توجد حلول تكنولوجية جاهزة لمعالجة ٧٠ في المائة من الانبعاثات المضرة بالمناخ بالعالم ، ومن ثم لابد ان تتوافر الجهود ويصبح العالم أكثر يقظة للتحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومنسقة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود ،والتخطيط و التنفيذ قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80% ،مع ملاحظة أن أولئك المرشحون للهجرة القهرية بسبب التغير المناخي هم الذين يسهمون بأقل قدر من التلوث و هم أيضا الفئات الأشدّ فقراً في العالم ، وهو ما يرسي بوضوح ان العدالة تقتضي مساراً للبلدان الصناعية الكبري ذات الأنشطة المسببة للتلوث لتقوم بمسئوليتها مباشرة ودون مماطلة تجاه الدول النامية و الفقيرة وتنميتها وتمويل المشروعات الخضراء بها الصديقة للبيئة للحد من الإنبعاثات الحرارية ،خصوصا ان الدراسات تؤكد ان الاستثمار و التحول إلى الاقتصاد الأخضر قد يوفر فرصًا ووظائف اقتصادية جديدة، إذ أن استثمار دولار واحد، يدرّ، في المتوسط، 4 دولارات من الفوائد ،وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ، ”إن حالة الطوارئ المناخية هي سباقٌ نحن نخسره حاليا ولكنه سباق يمكننا الفوز به“ ، و ما أقره ممثلو الوفود المشاركة في مؤتمر المناخ في مصر "كوب 27" من إنشاء صندوق لتعويض "الخسائر والأضرار" التي تتكبدها الدول النامية جراء التغير المناخي خطوة في الاتجاه الصحيح لكن وتيرة سرعة التحرك لتنفيذه وتفعيله لابد ان ترتقي الي مستوي التحديات .
وأكدت السفيرة ان من حسن الحظ أنه لم يَفُتِ الأوان بعد لوقف نزيف معالجة بعض العوامل الرئيسية التي تتسبب في الهجرة المدفوعة بتغير المناخ ، وإدماج الهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ في التخطيط الذي يتسم ببعد النظر للتنمية الخضراء والقادرة على الصمود ، والاستعداد من أجل كل مرحلة من مراحل الهجرة، من أجل أن تؤدي الهجرة الداخلية بسبب عوامل المناخ كإستراتيجية للتكيف إلى نواتج إنمائية إيجابية ، و الاستثمار في تحسين فهم عوامل الهجرة الداخلية بسبب تغيّر المناخ من أجل إثراء السياسات الموجَّهةً توجيهاً صائبا و دقيقا .
الجدير بالذكر ان السفيرة د. نميرة نجم عقدت إجتماعا بعد المحاضرة في جامعة مالطا مقر المعهد الدولى لسيادة القانون والعدالة مع مديره ستيفن هيل للبحث سبل التعاون بين المرصد الافريقي للهجرة والمعهد لتعزيز برامج بناء القدرات في أفريقيا .