”معلومات الوزراء” يوضح تحديات تواجهها السيدات فى قطاع التجارة الإلكترونية
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في تحليل جديد له الضوء على موضوع المساواة الرقمية بين الجنسين في مجال التجارة الإلكترونية، وسبل وآليات تقليل هذه الفجوة، بالإضافة إلى استعراض أبرز الفرص التي تخلقها التجارة الإليكترونية للمرأة، والتحديات التي تواجهها السيدات في قطاع التجارة الإليكترونية.
أشار المركز إلى أن التجارة الإلكترونية ظهرت مع شيوع الإنترنت في تسعينيات القرن الماضي، ونمت بسرعة كبيرة منذ ذلك الحين مع تقدم التكنولوجيا وزيادة التكامل الاقتصادي العالمي، وعلى الرغم من اعتبار فيروس "كورونا" جائحة عالمية أثرت بالسلب على الكثير من المؤشرات الاقتصادية، وتسببت في ركود العديد من القطاعات الاقتصادية، إلا أنها تعد نقطة إيجابية في مجال الرقمنة، وتعزيز نمو التجارة الإلكترونية في العديد من الاقتصادات، وقد شهدت إحصاءات التجارة الإلكترونية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه لا تزال هناك فجوة بين الجنسين في التجارة الإلكترونية؛ حيث لا تزال النساء يواجهن فجوات كبيرة في الوصول إلى الإنترنت والهواتف المحمولة؛ مما يحد من قدرتهن على العمل في مجالات التجارة الإلكترونية أو المنافسة كرائدات أعمال في هذا المجال.
وأوضح المركز أنه على الرغم من أن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 تهدف إلى تعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إلا أنه ما زالت هناك فجوة رقمية للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين الجنسين؛ حيث ترتبط التجارة الإلكترونية ارتباطًا وثيقًا بتوافر الإنترنت، والقدرة على تحمل تكاليفه، والمهارات اللازمة لاستخدامه؛ مما أدى إلى ظهور فجوة بين الجنسين في التجارة الإلكترونية خاصة في الدول النامية.
فقد وصلت الفجوة بين الجنسين في استخدام الإنترنت في الدول النامية 13٪ (43٪ من الرجال و30٪ فقط من النساء)، بينما لا تتعدى هذه النسبة 1% في الدول المتقدمة، وذلك وفقًا لبيانات منظمة الأونكتاد 2023 (United Nations Conference on Trade and Development)، كذلك لم تقتصر الفجوة في انتهاج التجارة الإلكترونية بين النساء في الدول المتقدمة والدول النامية، ولكن أيضًا في النساء اللائي يعشن في نفس البلد أو المنطقة، فقد تبين وجود فجوة بينهن متمثلة في اختلاف المهارات، والمستويات التعليمية، والقدرة على تنظيم المشروعات والمواقع، وأيضًا إمكانية الوصول إلى الموارد الإنتاجية.
وعن الفرص التي تخلقها التجارة الإلكترونية للمرأة، ذكر المركز أنها تقدم فرصًا واعدة للتمكين الاقتصادي للمرأة؛ حيث تؤثر التجارة عبر الإنترنت تأثيرًا إيجابيًّا على سبل عيش المرأة من خلال دعم نمو الأعمال والتنويع، ولا سيما في أعقاب جائحة "COVID-19". فيمكن أن تساعد التجارة الإلكترونية الشركات الصغيرة المملوكة للنساء في البلدان النامية في تقليل رأس المال اللازم لبدء العمليات التجارية، كذلك يمكن أن تساعد التجارة الإلكترونية أيضًا في زيادة أعداد العملاء من خلال إتاحة الوصول إلى أسواق بعيدة، كما توفر منصات التجارة الإلكترونية نظامًا بيئيًّا للخدمات، بما في ذلك أدوات التسويق، وخدمات الدفع، والخدمات اللوجستية، وهو ما يسهم في تقليل الحواجز أمام النساء للدخول في الأسواق وخاصة بالنسبة للشركات الصغيرة، كما يساعد في التغلب على التحديات التي يفرضها التسليم في الميل الأخير "عملية نقل البضائع من أماكن تخزينها إلى العميل".
علاوة على ذلك، يمكن أن توفر التجارة عبر الإنترنت مزيدًا من المرونة في الوقت مقارنة بالتجارة التقليدية، وتعد التجارة الإلكترونية ذات قيمة خاصة للنساء اللائي يعانين من ضيق الوقت بسبب مهام الأسرة، والرعاية غير مدفوعة الأجر؛ مما يجعل العمل من المنزل يروق للمرأة؛ لأنه يسمح لها بدمج العمل بأجر مع المسؤوليات المنزلية، ونظرًا لأن المؤسسات التي تقودها النساء في المتوسط لديها رأس مال محدود، فإن التجارة الإلكترونية توفر فرصة لدخول الأسواق والقطاعات عالية القيمة التي ترتبط عادةً برأس مال كبير.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعزز التجارة الإلكترونية اقتصاد الخدمات، عن طريق تعزيز المعرفة ومهارات الوصول إلى المعلومات حول فرص ريادة الأعمال للنساء، كذلك يمكن للحلول الرقمية إلغاء الحاجة إلى التفاعلات وجهًا لوجه من أجل إجراء معاملة؛ مما يساعد النساء في التغلب على قيود التنقل والتمييز، وتقليل التعرض للعنف، لذا يعد فهم كيفية استخدام النساء أو عدم استخدامهن للتقنيات الرقمية حاليًّا أمرًا ضروريًّا بالنسبة لهن؛ لكي يصبحن مشاركات متساويات في اقتصاد يتزايد فيه التحول الرقمي.
وعن التحديات التي تواجهها السيدات في قطاع التجارة الإليكترونية فقد أوضح التحليل أنه بصرف النظر عن المستويات المنخفضة للوصول إلى الإنترنت واستخداماته التي من الممكن أن تعوق المرأة في انتهاج التجارة الإلكترونية، فقد تواجه المرأة معوقات أخرى تشمل افتقار الوصول إلى التمويل، وقلة المعرفة بمتطلبات السوق، وخيارات الدفع الإلكتروني، وشبكات الأعمال المحدودة، وانخفاض مهارات تنظيم المشروعات، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الأعمال التجارية الإلكترونية الخاصة بالنساء أصغر حجمًا وأقل ربحية من تلك التي يديرها الرجال، وتقتصر الأعمال التجارية الخاصة بالمرأة على القطاعات ذات القيمة المضافة المنخفضة.
كذلك تعد تحديات الاتصال، وانخفاض مستوى المعرفة الرقمية من بين العوائق الرئيسة التي تواجه المرأة والتي تحتاج إلى معالجة؛ لضمان استفادة المرأة من التجارة الإلكترونية. فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن 24٪ فقط من الفتيات في أفريقيا يستخدمن الإنترنت مقارنة بـ 35٪ من السكان الذكور.
وأضاف التحليل أن التمويل يعد أيضاً من أهم وأكبر التحديات والعوائق أمام سيدات الأعمال في التجارة الإلكترونية، حيث تقدر مؤسسة التمويل الدولية أن الفجوة التمويلية لرائدات الأعمال في الاقتصادات النامية بنحو 1.7 تريليون دولار، كذلك أظهرت نتائج الأبحاث حول التجارة الإلكترونية أن أكثر من 80٪ من الشركات المملوكة للنساء على منصة "جوميا" في كينيا وساحل العاج ونيجيريا - على سبيل المثال - كانت مشروعات صغيرة، وتعتمد الغالبية على المدخرات الشخصية لبدء أعمالها وليست في صورة خدمات إقراض، فعادة ما تنضم النساء إلى المنصة؛ لتوسيع عمل تجاري قائم، ويعتمدن في الغالب على العائلة والأصدقاء كمصدر للتمويل بعد بدء التشغيل.
وعلى الرغم من الفرص التي توفرها التجارة الإلكترونية للنساء، فإن رائدات الأعمال لا تزال أقل تمثيلًا في الاقتصاد الرقمي من الرجال، وتُترجم هذه الفجوة إلى فرص اقتصادية ضائعة، حيث يمكن أن تضيف المرأة أكثر من 300 مليار دولار إلى أسواق التجارة الإلكترونية وحدها في أفريقيا وجنوب شرق آسيا بين عامي 2025 و2030.
وأوضح تحليل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار آليات تقليل الفجوة بين الجنسين في التجارة الإليكترونية، مشيراً إلى أنها تتمثل فيها يلي:
أولًا: تعزيز إمكانية الوصول إلى الإنترنت على قدم المساواة، فعلى الرغم من أننا محاطون بالتكنولوجيا في الوقت الحاضر، وأصبح الوصول إلى الإنترنت أسهل من أي وقت مضى، فإن الفجوة بين الجنسين في استخدام الإنترنت من الذكور والإناث لا تزال قائمة، وذلك وفقًا لآخر تقرير تم إصداره عن منظمة الأونكتاد 2023 بعنوان (E-COMMERCE FROM A GENDER AND DEVELOPMENT PERSPECTIVE)، لذا يعد تسهيل فرص الوصول إلى الإنترنت للنساء هو الخطوة التمكينية الأولى لتشجيع النساء على أن يصبحن جزءً من صناعة التجارة الإلكترونية.
ثانيًا: يجب على الحكومات اتخاذ خطوات لتحسين الاتصال الرقمي، والتأكد من أن الوصول إلى الإنترنت أصبح بأسعار معقولة، حيث يعد الوصول إلى الإنترنت في العديد من البلدان النامية باهظ التكلفة؛ مما يجعل من الصعب على رائدات الأعمال العمل في الفضاء الرقمي، ولذا يجب على الحكومات العمل مع شركاء من القطاع الخاص لتوسيع تغطية النطاق العريض في المناطق المحرومة، وتعزيز السياسات التي تشجع على زيادة المنافسة في قطاع الاتصالات.
ثالثًا: إتاحة التدريبات وتقديم الدعم للمرأة، حيث يجب على الحكومات ومالكي المنصات التجارية دعم المرأة بالتدريبات لتطوير وتحديث المهارات الفنية لديهم.
رابعًا: فصل بيانات التجارة الخاصة بالجنسين عن بعضها، حتى يمكن استكشاف نقاط الضعف التي تتطلب تحسينًا، كذلك سيساعد في التعرف على رائدات الأعمال في عالم التجارة الإلكترونية.
خامسًا: الإلهام وتشجيع المرأة بإبراز أفضل رائدات الأعمال الأخريات، حتى يتمكن من البحث عنهن والاستلهام منهن، كذلك يساعد النساء في التغلب على التردد والبدء بأفكارهن في التجارة الإلكترونية.
سادسًا: معالجة الحواجز أمام رائدات الأعمال، وتشمل محدودية الوصول إلى الموارد، والصعوبات في الحصول على الائتمان، والموانع الثقافية.
وقد أكد المركز في تحليله أن تمكين المزيد من رائدات الأعمال والاستفادة من الاقتصاد الرقمي المتنامي، وكسر الحواجز والازدهار في الأسواق العالمية، يعد أمرًا بالغ الأهمية لتسخير الفرص الرقمية لتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية، بحيث يمكن من خلال الاستثمار في مشاركة المرأة في الاقتصاد الرقمي إنشاء اقتصاد عالمي أكثر شمولًا وإنصافًا يعود بالفائدة على الجميع.