الكاتبة الصحفية مها عبد الفتاح تكتب .. حلاوة الروح
جمال الروح من الأشياء التى يرزقها الله لعبادة ، فهى أبدية شابة ،متعافية لا تهرم ولا تؤثر فيها السنون ولا تموت، فهي خالدة، عكس جمال المظهرأو شكل الإنسان الخارجي وتقاسيم وجهه وجماله الذى يبذل مع الوقت وتشيخ وتهرم وينتهي بعد انقضاء عمره المكتوب له،لكن الجمال الحقيقي ينبع من جمال الروح بلطفها وأخلاقها وأدبها، وهي جاذبية لا تشترى وإنما هي منحة من الله لمن يستحقها. وهذا بالطبع لا يتنافى ألا يسعى من كانت روحه غير جميلة إلى البحث عن الطرق التي تعيد إلى روحه جمالها.
إننا نرى أنه من بين الكثير يبرز واحد أو واحدة منهم يتفق الجميع على أنها أو أنه يمتلك جمال الروح، ولذا تلتف الأرواح حوله بحثا عن الأنس، بحثا عن السعادة، بحثا عن تذوق طعم الحياة.
لذا ومن هنا نحذر ألا يغتر أحد بجمال المظهر الخارجي مهما بلغ، "، فقد نجد شخصا ظاهره جميل، لكن بمجرد الحديث معة يتضح أنه يحمل روحا غير جميلة أو منفرة أو مريضة وشريرة .
بإمكاننا وبكل سهولة أن نتعرف على من يمتلكون حلاوة الروح ، فهم المتفائلين دائما لا يعرفون التشاؤم إليهم طريقا، يكررون دوما جملة "لعله خير" يمتازون بالصدق فيكسبون بذلك ثقة الآخرين، يجيدون فن الإنصات حين يتحدث الآخرون ،لا يتصيدون عيوب الآخرين، بل على خلاف ذلك تجدهم يتغافلون كثيراًعن أخطاء الغير ويتقبلون اعتذارهم من أول وهلة، يتمتعون بروح الدعابة حرصا منهم على إدخال السرورعلى غيرهم. يمتلكون قدرة كبيرة على حفظ أسرار الآخرين، ما يجعلهم يبوحون له بأسرارهم، نراهم أكثر مصداقية وأكثر راحة غير مزييفين بالأقنعة، تبدو ملامحهم مريحة ، لا يباتون وهم يشحنون صدورهم من الغل أو يلوثونها بالحسد والحقد، كما أنهم يمررون الكثير من المنغصات، ولا يقفون كثيرا عندها، يمتلكون عقل وقلب جميل، هم من يمارسون رياضة التسامح ويتدربون على تمارين الغفران والمشي ما بين حقول السلام، تكون أرواحهم بخفة الفراشات تفوح منهم رائحة الحب، تشتهي لو تطوقهم لتمتزج مسامات روحك بعطرهم. لا يؤرقهم ليل ولا هذيان، يضعون رؤوسهم على وسائد محشوة بريش الأحلام البسيطة يسبحون بنبض قلوبهم يستغفرون من الله ربّ الكون، خشية من أنهم قد جرحوا في نهارهم قلب إنسان من سهو الكلام أو من فعل صار بلا قصدٍ منهم، ينامون كالأطفال في هناء ورغد.
نعم وبحق جمال الروح ينبع من داخل الإنسان فيشع نورا وجمالا على صاحبه لا تكاد تخطئه العين، ومن ثم يجذب هذا النور الناس إليه، حتى لو لم يقدم لهم الكثير من الهدايا .
وبين الحين والأخر يتردد على مسامعنا كثيرا أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح الذي يشع من داخل الإنسان ويصل وميضه إلى الآخرين حتى يستشعر المحيطون تلك الهالة الإيجابية التي تحتضن الجميع، والبعض يجزم بأن جمال الروح يفوق جمال الجسد، فالروح سباقة إلى اختراق جدار القلب وكفيلة بترك البصمة التي لا تغيب.
وإذ إنتقلنا الى الجمال الجسدى فهو نسبى وقابل للتزين ،ومن السهل على من يملك المال والرخاء أن يذهب إلى طبيب التجميل ويختار ما يرغب من جمال الشكل وتغيير تقاسيمه كما يشاء، حتى صار من الممكن على وسائل التجميل في تغير حتى لون البشرة من سمراء إلى بيضاء ومن بيضاء إلى لون آخر؛ لكن ظلَّ ويظلُّ من الصعب على هذا الطبيب الماهر أن يقوم في عملية لتجميل الروح؛ لأن الروح أمرها بيد الله
أقول إن من يملك الرغبة الجامحة في تغيير سلوكه السلبي إلى سلوك إيجابي ويتمرن العزف على سلم الجمال سوف يصل إلى تلك الغاية التى ينشدها جمال الروح التي تتشابة مع الموسقى تنساب إلى المسامع عذبة، لا تهتم بجنسية ولا عرق، بها من السحر؛ ما يجعل صاحبها يحتل القلوب دونما احتلال ويستوطن فيها دونما حرب ولا قتال، فـ الأرض لا تُعمر ولا ينبت بها الزرع، ولا ينتشي الورد بعطره، ولا تنتهي الحرب، إلا حين يحكمها الحب وجمال الروح.