الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : الحكومة والتيار الكهربائى والغضب الشعبى
ساد في الاونة الأخيرة سخط وغضب شعبي كبير في مختلف قري ومدن الجمهورية ، بعد لجوء الحكومة بقطع التيار الكهربائى على مستوى محافظات الجمهورية لتخفيف الاحمال ، والذى صاحبة تلف العديد من الأجهزة الكهربائية الخاصة بهم سواء الثلاجة أو التكييف أو الغسالة أوالمروحة والتلفزبون وغيرهم ، نتيجة تغير التيار الكهربائي بين الجهد المرتفع والمنخفض بين حيناً وآخر وخاصة في حالة عودة التيار الكهربائي بعد الانقطاع ، فضلاً عن الغضب الشعبى فى ظل موجة الحر الشديدة التي لا تتحملها الاسرالمصرية،والتي وصلت في بعض الأماكن الى 50 درجة مئوية مع إرتفاع درجات الرطوبة ،وخوف كبار السن ومن يقطنون في أدوار سكنية مرتفعة من أستخدام المصاعد، وتوقف العديد من الخدمات الالكترونية التى يستخدومنها.
أمام الغضب الشعبى من تصرفات الحكومة جاءتنى رسالة من شيخ السياسيين وعميدهم ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل ، والمنسق العام للائتلاف الوطني للأحزاب السياسية المصرية على الواتس يؤكد من خلالها إن انقطاع الكهرباء المتكرر فى كل أنحاء الجمهورية شهادة فشل كبيرة لوزارة الكهرباء وتؤكد ضرورة التغيير وضخ دماء جديدة برؤية جديدة وإخلاص شديد للوطن والمواطن .. التغيير بات مطلب جماهيرى !!
من هنا نؤكد إنة لايمكن أبدا أن نصف تصرفات الحكومة بقطع التيار الكهربائى بصفة يومية عن محافظات الجمهورية بالحكمة والرشاد، لأنها بتلك التصرفات ،تتجنى على حق المواطن في الحياة الكريمة وتوفير سبل الراحة للمواطنين.
سياسية الحكومة التي تبتغى منها التوفير ربما يكون نتائجها عكسية تماما عما تريده الحكومة، فالتجارب السابقة على مدى سنوات من انقطاع الكهرباء في مصر حدثت بعدها الآثار العكسية التي أضرت بالاقتصاد المصري بمليارات من الجنيهات ، وربما تكون هذه الأضرار قد كلفت الحكومة أضعاف ما وفرته، وهنا نحاول أن نرصد أهم هذه الآثار السلبية لانقطاع الكهرباء وأضرارها على الاقتصاد الوطني.
القطاع الصحى ومؤسساتة المنتشرة على مستوى الجمهورية ، فضلا عن المراكز الطبية والعيادات الخاصة التى تواجة العديد من الازمات التى تحمل الخطورة على حياة المرضى خاصة الاقسام التى تعمل فى مجملها على أجهزة الغسيل الكلوى والعناية المركزة والحضانات، وعمليات الليزر، والعمليات الجراحية الصغرى والكبرى .
الإضرار بالزراعة وجفاف الترع وزيادة أسعار المحاصيل قد يفاجأ البعض إذا ما علموا بأن انقطاع الكهرباء يؤثر سلبا على الزراعة أو تدفق سريان المياه في الترع، نتيجة توقف ماكينات الري الكبيرة التي تغذى الترع التي تعمل بالكهرباء، وحينما يتم قطع التيار الكهربائي تجف هذه الترع ويقل ضخ مياه الشرب، ولا يعنى جفاف الترع والقنوات المغذية للأراضي الزراعية سوى أن المحاصيل تتأثر بالسلب، وهو ما يؤدى تلقائيا إلى نقص المحصول وبالتالي إلى زيادة الأسعار، ليعيش المواطن مكتويا بانقطاع التيار الكهربائي مرة بعد مرة بأستمرار زيادة الأسعار التي الهبت جوب المصريين،أيضاً إهدار العملة الصعبة في استيراد المولدات والمراوح والكشافات التي تعمل بالشحن وهو ما يعمق الفجوة بين مواردنا من العملات الصعبة وما نستهلكه منها ، ولهذا لا تحتاج مصر بابا إضافيا لتستنفذ فيها رصيدها من العملات الصعبة، لكن أزمة انقطاع الكهرباء بشكل مستمر أجبرت المصريين على التكيف مع هذه الظاهرة
ومن الاثار السلبية على إنقطاع الكهرباء تلف الأجهزة الكهربائية وإهدار أموال الأسرة في تصليحها أو استبدالها ، ولذلك يعتبر الكثير من الاقتصاديين أن رفاهية الشعب ليست ترفا حكومياً أو منه لكنها أساس من أسس النهضة الاقتصادية فكلما زادت السيولة النقدية في أيدي الناس انتعشت حركة البيع والشراء ونمى السوق، لكن للأسف ما يحدث الآن بسبب انقطاع الكهرباء المستمر يستنزف أموال الأسرة المصرية عبثا، فتكرار انقطاع الكهرباء يؤدى إلى تلف الأجهزة الكهربائية ما يؤدى إلى إحدى النتيجتين الضارتين بالاقتصاد المصري، الأولى هي أن يتم استنزاف أموال الأسرة المصرية في مصاريف إصلاح هذه الأجهزة، والثانية أن تتلف هذه الأجهزة تماما فيتم استبدالها بأخرى، ما يبدد أموال الأسرة من ناحية ومن ناحية أخرى يستنزف رصيد مصر من العملات الصعبة التي سنستورد لها بديلا للأجهزة التالفة، وهو ما يقلل فرص ادخار الأموال واستثمارها سواء عن طريق الأفراد أو المؤسسات.
أنة مع إنقطاع التيار الكهربائى تتعطل المصانع والورش التي لا تملك السيولة المالية المناسبة لشراء مولدات كهربائية تغنيها مصائب انقطاع الكهرباء ولهذا تتعطل الكثير من الورش المصانع الصغيرة والمتوسطة كما تتعطل أفرع الشركات المرتبطة إليكترونيا بالفرع الرئيس كما في حالة فروع شركات الاتصالات،
وبناء على هذه “العطلة” يخسر السوق المصري عدد ساعات إضافية تزيد من حالة الركود ويفشل أصحاب المصانع والورش في تسليم بضائعهم والانتهاء من أعمالهم في الوقت المحدد، وهو ما يزيد أيضا من حالة الركود لأن ما يقرب من ربع ساعات العمل يضيع في انتظار عودة الكهرباء.
وللأسف لا تعلم الحكومة بقطعها للتيار الكهربائى بأنها تدمر السياحة وهروب سياحة “العائلات” العربية من مصر فمن الصعب أن يأتي سائح لكي يستمتع ويجد التيار الكهربائي مقطوعا ويعيش بلا تكييف أو مصعد أو حتى مياه.
ولا تعلم الحومة بقطعها للتيار الكهربائى بأنه تعطل حركة البيع والشراء في المنشآت المعتمدة على الأنظمة الإليكترونية بين فروعها وبعضها البعض أو بين فروعها والمركز الرئيسي، بل أن كل شركات الاتصالات ومعظم محلات الملابس ذات الماركات العالمية ومعظم الصيدليات الكبيرة وشركات البريد السريع والتحويلات المالية وغيرها من المؤسسات التجارية العاملة في مصر أصبحت تعتمد على هذا النظام بما ييسر التعامل على المواطنين ويخدم نظام المحاسبات المالية والضرائبية، لكن للأسف بدلا من أن تصبح هذه الظاهرة الجديدة خدمة مضافة إلى الجمهور أصبحت بفعل انقطاع الكهرباء المتكرر وبالا على الجمهور، فعند انقطاع التيار الكهربائي تتعطل كل أجهزة الكمبيوتر وتفقد الاتصال مع المقرات الرئيسية، فيقطع العملاء بين نارين الأولى هي الانتظار وخصم أكثر من ساعة من أعمارهم في انتظار الكهرباء أو ترك الفرع الذي ذهبوا إليه من أجل الذهاب إلى فرع آخر، وهو ما يهدر الوقت ويكلف الدولة الكثير في الضغط على المرافق واستهلاك الوقود اللازم للتنقل.
وللأسف لاتعلم الحكومة بقطع التيار الكهربائى بإنها تصدر صورة سلبية عن البنية الأساسية المصرية أمام المستثمرين الأجانب تخيل أنك مستثمر أجنبي، وأنك أتيت إلى مصر من أجل بحث فرص الاستثمار ومشاهدة الوضع على أرض الواقع، وحينما وصلت إلى الفندق الذي تريد الإقامة فيه اضطررت إلى الانتظار حتى يتمكن عامل الاستقبال من تسجيل بياناتك، وبعد انتظار ساعة كاملة والانتهاء من إجراءات التسجيل والصعود إلى الغرفة للراحة فوجت بعد ساعة أو ساعتين بأن أجهزة التكييف توقفت وأن حرارة الغرفة ارتفعت بشكل لا مثيل له، ويتكرر الأمر في كل شبر تتخطاه قدمك في مصر، حتى حينما تريد أن ترى صورة جوية لمصر في الليل فبدلا من أن تجد ذلك المشهد التقليدي لأنوار القاهرة وفى منتصفها النيل مبهرا ستجد مدينة يحتلها الظلام نصفها بالتناوب مع النصف الآخر، فكيف أن كنت تنوى مثلا أن تستثمر في مجال السياحة أن تأمن على أموالك، أو لو كنت تريد أن تستثمر في مجال الصناعة أن تغامر ببناء مصانع وصرف مرتبات وأن تعلم أن نصف وقتك سيذهب سدى، حاول مرة أخرى أن تقلب الموقف ولتتخيل نفسك مسئولا حكوميا للتفاوض مع المستثمرين، فهل ستقوى ظاهرة انقطاع الكهرباء موقفك التفاوضى مع المستثمرين أم ستضعفه؟.
اننا هنا نحذر من فقدان الثقة في مؤسسات الدولة لإن من أهم عوامل النهضة أن يكون الشعب قادرا على الحلم، ولا تقوى الشعوب على الأحلام إلا حينما تثق في حكومتها، وبدون هذه الثقة يصبح الحديث عن “النهضة” مجرد شعارات بالية، وكلام على ورق، وتصبح الدعوة للمشاركة المجتمعية دافعا للسخرية بدلا من المشاركة.
في عالم الاقتصاد إن لم تتقدم خطوة إلى الأمام فهذا معناه أنك تتراجع خطوة إلى الخلف لأن كل من حولك يتقدمون وأنت في مكانك متصلبا، وبالطبع إن تراجعت خطوة فهذا معناه أنك تتراجع خطوات ، ويبدو للأسف أن حكومتنا الغراء لا تعترف بهذه القاعدة بدليل أنها اختارت آت تضر بالزراعة وأن تستنزف مواردها من الاحتياطي وأن تضر بالسياحة وتساهم في هروب سياحة العائلات العربية و شيوع فقدان الثقة في مؤسسات الدولة وتصدير صورة سلبية عن البنية الأساسية المصرية أمام المستثمرين الأجانب وتعطيل حركة البيع والشراء في المنشآت المعتمدة على الأنظمة الإليكترونية من أجل أن توفر بضعة ملايين بقطع الكهرباء التي رضي الشعب المصري بزيادة أسعارها ولم يعترض .
نقول بصوت الشعب ، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء، ونقول ايضاً بصوت الشعب الراحمون يرحمهم الرحمن
كاتب المقال الكاتب الصحفى صالح شلبى رئيس مجلس إدارةورئيس تحرير موقع وقناة بوابة الدولة الاخبارية ونائب رئيس شعبة المحرريين بمجلسى النواب والشيوخ
مقالات قد تهمك
الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب .. الحكماء والقباج
الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب .. ” أبن مين فى مصر ”
الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب .. رسالتى الى وزير المالية القرارات الخاطئة تاريخ مـن الندم أضغط هنا
الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب ..وزارة التضامن تعزف سيمفونية وطنية في حب مصر أضغط هنا