عبدالرحمن سمير يكتب...لا يُفتی ومالك فی المدينة ؟
مقولة تاريخية شهيرة قيلت في المدينة المنورة تعبر عن المكانة العلمية والفقهية التى اكتسبها الإمام مالك رغم حداثة سنه فى ذلك الوقت . وفى تلك الحادثة التى ضعفها الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية وقال إن المقولة صحيحة لكن قصة المرأتين موضوعة على الامام مالك وهذه القصة تحكى أن امرأة توفيت وجاءت المغسلة لتقوم بتغسيلها فطعنت فى شرف تلك المرأة المتوفاة فالتصقت يدها بجسد المرأة واحتار العلماء ماذا يفعلون ايقطعون يد المغسلة ام يقطعون جزء من جسد المرأة المتوفاة وهنا سألوا الإمام مالك فذهب وسأل المغسلة ماذا قالت فحكت له انها طعنت فى شرف تلك المرأة الميته فافتى بجلدها لأنها قذفت محصنة وعند تمام الثمانين جلدة زال التصاق يد المغسلة بجسم المرأة المتوفاه وهنا قيل لايُفتی ومالك فی المدينة .وكما أوردنا أن هذه القصة موضوعة ولم تحدث إلا أن المقولة الشهيرة صحيحة . وكان الإمام مالك يتصدى للإفتاء فى عصره لانه الافضل والأعلم فى المدينة .وهذا هو مدخل مقالى من يتصدى للإفتاء ؟ من يتولى المناصب القيادية ؟ من يتصدى للعمل العام ؟ للاسف فى مصر مائة مليون مدرب يختارون تشكيلة الفريق ويوبخون اللاعبين ويرسمون خطة اللعب ويعرفون ما لا يعرفه المدرب .وعندنا فى مصر الكل يقوم بدور المفتى وهو لا يفقه شيئا فى أمور الدين رغم المقولة الشهيرة( من قال لا أعلم فقد أفتى ).فى بلدى مائة مليون خبير عسكري واستراتيجي يدلون بدلوهم فى الأمور العسكرية ويحركون الجيوش والطائرات والدبابات والمدفعية وهم يرتشفون كوب القهوة أو الشاى .فى مصر مائة مليون محلل سياسي واقتصادي يرسمون الخطط المستقبلية والأهداف السياسية والاقتصادية .فى مصر الكل نقاد فنيون يكتبون السيناريو والحوار ويقتلون المجرم وينتصرون للبطل .وفى مصر مائة مليون طبيب يشخصون الداء ويصفون العلاج . فى مصر مائة مليون رئيس جمهورية يقولون كان عليه أن يفعل كذا ولا يفعل هذا وكأنهم على علم ببواطن الأمور وكل المعلومات لديهم .فى مصر الكل مهندسون متخصصون لا يخطئون.. آفة هذا الزمن الذى نعيش فيه أن المواطن المصري أصبح يعرف فى كل شىء و فى كل التخصصات وكل الاعمال لا يوجد شيء لا يعرفه ولا توجد معلومة لا يدركها .الشعب المصري للاسف رغم عظمته وعبقريته على مدار السنين والأهرامات والمعابد الفرعونية والحضارة القديمة خير شاهد على ذلك إلا أنه أصبح كما يقولون ابو العريف الذى يفهم ويحلل ويخطط وينظّر ويُفتى . هنا السؤال الذی يطرح نفسه من يتولی الإفتاء فی امور الدين انه الأزهر الشريف ودار الإفتاء وليس كل من هب ودب . من يصف العلاج هو الطبيب وليس ای انسان اخر ومن يضع الخطط الحربية والعسكرية هم رجال الجيش المحترفون وليس المواطنون علی المقاهی والكافيهات .من يضع تشكيل الفريق انه المدرب وليس الجماهير ومن يقوم بتحكيم المباراة انه الحكم وليس الجمهور . من يزرع الارض انه الفلاح لانه اعلم بارضه .اذا وضعنا كل انسان فی مكانه المناسب وتركناه يعمل تغير وجه الوطن الی الافضل . واذا تركنا الفهلوة والتنصح والتفلسف وفهمنا بوعى فكرة التخصص كل فى مجاله زاد الانتاج وتقدم الوطن .