إسلام الغزولي: التعاون الدولي ضرورة لمواجهة جرائم الملكية الفكرية الرقمية في ضوء الذكاء الإصطناعي.
قال إسلام الغزولي المحامي بالنقض رئيس الهيئة الاستشارية للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، إن مصطلح الملكية الفكرية أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل العصر الرقمي الذي نمر به اليوم، مشيرًا إلى أن الملكية الفكرية تمثل أحد أهم الأصول الاقتصادية قيمة، للأفراد والشركات على حد سواء في العالم اليوم، وقد ادى التقدم في ميدان الذكاء الاصطناعي إلى زيادة جرائم الملكية الفكرية الرقمية وتغيير شكلها المتعارف عليه، مما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
وأضاف "الغزولي"، خلال كلمته بالمؤتمر العربي الثاني للقانون الجنائي ( الضمانات والحقوق)، أنه وفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، تقدر قيمة التجارة العالمية للسلع المزيفة والمقلدة بحوالي 509 مليار دولار أمريكي من حجم التجارة العالمية.
وأشار إلى أنه من الضروري تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم وضمان حماية حقوق الملكية الفكرية على مستوى عالمي في ضوء قدرة الذكاء الإصطناعي على إنشاء محتوى جديد، وهذا يثير قضايا حول من يكون المالك الفعلي لهذا المحتوى ومكان حدوث الجريمة. ومن هو الفاعل ..... الشخص أو الشركة التي تملك النظام الذكي، أم النظام نفسه.
وأوضح أن جرائم الملكية الفكرية تؤثر بشكل كبير على الشركات والاقتصاديات الدولية فالشركات تخسر الإيرادات والأرباح بسبب القرصنة والتقليد، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف وتقليل الاستثمار في البحث والتطوير وتقليل الحوافز للابتكار، كما تؤدي جرائم الملكية الفكرية الرقمية إلى تقويض الثقة في السوق، وتجعل الجمهور يفقد الثقة في العلامات التجارية والشركات التي تقدم هذه المنتجات والخدمات، إضافة إلى ذلك، فإن الحكومات أيضا تخسر تحقيق النمو الاقتصادي والإيرادات من الضرائب وتتكبد تكاليف إضافية لمكافحة هذه الجرائم.
ونوه بأن التوقف أمام جرائم الملكية الفكرية الرقمية وكيف يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي عليها يعد أمرا مهما خاصة في ضوء التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حيث يمكن ارتكاب الجرائم باستخدام التكنولوجيا الذكية مثل الاحتيال الإلكتروني، والتسلل الإلكتروني، والاستنساخ الرقمي للهويات، والتجسس بإستخدام التقنيات المتقدمة مثل توليد الصور الوهمية والصوت الوهمي والتي يمكن أن تستخدم لخداع الأفراد واختراق أنظمة الأمان.
وذكر أنه على الرغم من أن هناك العديد من المنظمات والاتفاقيات التي تعمل على حماية الملكية الفكرية ومكافحة الجرائم المتعلقة بها والتي منها منظمة التجارة العالمية (WTO) تعمل على تطبيق اتفاقية التجارة ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية (TRIPS)، التي تحدد القواعد الدولية لحماية الملكية الفكرية. واتفاقية برن لحماية الأعمال الأدبية والفنية. ومعاهدة التعاون بشأن البراءات (PCT). ومعاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الدولية. ومعاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية.
ولفت إلى أن بعض الدول قد أصدرت تشريعات محددة لمعالجة جرائم الملكية الفكرية الرقمية. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يعتبر قانون الألفية الرقمية لحقوق الطبع والنشر (DMCA)، وقال إنه في الاتحاد الأوروبي، يتم تنظيم حقوق الملكية الفكرية على مستوى الاتحاد ومستوى الدول الأعضاء من خلال عدة تشريعات واتفاقيات تهدف إلى حماية حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الجريمة الرقمية.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الصين لديها تاريخ طويل من مشاكل مع حقوق الملكية الفكرية، وكانت هناك مخاوف مستمرة من قبل الشركات الدولية إلا أن الحكومة الصينية قد اتخذت خطوات لتحسين تنفيذ حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الجريمة الرقمية. وعلى سبيل المثال، تم تحديث قوانين حقوق الطبع والنشر والبراءات والعلامات التجارية لجعلها أكثر صرامة وتم تشديد العقوبات لمن ينتهكون حقوق الملكية الفكرية. كما تم تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة السيبرانية وانتهاك حقوق الملكية الفكرية.
وأشار إلى أن أحد إشكاليات لمواجهة تلك الجرائم ترتبط بالطبيعة القانونية لتلك الجرائم وتأثيرها على الاختصاص القضائي لجرائم الملكية الفكرية الرقمية.
ولفت إلى أن الطبيعة العالمية لشبكة لإنترنت والتي لا تعرف حدوداً جغرافية، وبالتالي يمكن أن يكون من الصعب تحديد مكان حدوث الجريمة حيث يمكن أن يتم نشر المحتوى المقرصن من دولة معينة، ولكن يتم تحميله واستخدامه في دولة أخرى.
وأوضح أن الطبيعة الرقمية للأدلة ففي كثير من الأحيان، يكون الدليل في جرائم الملكية الفكرية الرقمية مما يعيق تحديد مكان وجود هذه الأدلة وتحديد الاختصاص القضائي الذي يجب أن ينظر في القضية.
وأكد أن التطور التكنولوجي وبالأخص الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يؤدي إلى ظهور أنواع جديدة من جرائم الملكية الفكرية التي لم يتم التعامل معها من قبل النظام القضائي.
وقال إسلام الغزولي المحامي بالنقض أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثير كبير على الملكية الفكرية، ولكنه يثير أيضاً قضايا قانونية وأخلاقية جديدة تحتاج إلى التنظيم والتوجيه.
وأوضح أن هناك عدد من الإجراءات والخطوات التي يمكن اتخاذها لمعالجة هذه التحديات، منها تطوير التشريعات المتعلقة بالملكية الفكرية وضمان تنفيذها بشكل فعال وسياسات تنظيم إستخدام التكنولوجيا الذكية ومن الضروري والمفيد أن تكون هذه التشريعات مرنة بما يكفي لمواجهة التطورات التكنولوجية المستقبلية، ولا مناص من أن تكون العقوبات لارتكاب جرائم الملكية الفكرية كافية لردع الجريمة.
وأكد على تعزيز التعاون الدولي لتعمل البلدان معًا لتطوير تشريعات دولية موحدة لمكافحة جرائم الملكية الفكرية الرقمية وكذا تنظم استخدام التكنولوجيا الذكية ومعالجة تحدياتها. حيث يجب تبادل المعلومات والموارد بين الدول لضمان تقديم الجناة إلى العدالة، إضافة إلى تعزيز التعاون القضائي وتبادل المعلومات والأدلة والمساعدة القضائية لضمان أن يتم متابعة ومحاكمة الجرائم بشكل فعال.
وطالب بتطبيق معايير الأمان والخصوصية حيث يجب على الشركات والمطورين تكثيف جهودهم لتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي آمنة وتعزيز الأمان وحماية البيانات الشخصية
وشدد على ضرورة زيادة الوعي والتثقيف بين الجمهور حول لحماية الملكية الفكرية والتعريف بالتأثيرات السلبية لجرائم الملكية الفكرية خاصة المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وكيفية حماية أنفسهم وبياناتهم الشخصية بشكل عامة ولابتكاراتهم وأفكارهم خاصة.
وأكد على أهمية تنمية تقنيات التحقق الرقمي المتقدمة للحد من ارتكاب الجرائم.
وأردف: وتماشيا مع ما تم ذكره يمكن استخدام التكنولوجيا لمكافحة جرائم الملكية الفكرية الرقمية من خلال استخدام الأنظمة الأمنية والتكنولوجيا الرقمية لتتبع ومنع نشر المحتوى المقرصن مع تشجيع البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول مبتكرة تساهم في حل التحديات المرتبطة بهذا المجال.