جهاد الدينارى تكتب: افتتاح المسرح التجريبى نجح بامتياز رغم كيد المتصيدين.. و”تشارلى” خير بداية
على الرغم من الانتقادات اللاذعة التى وجهت إلى مهرجان المسرح التجريبى لدورته الـ30 قبل حتى انطلاقه، فبمجرد الإعلان عن تكريم الفنانة ليلى علوى على اعتبارها رمزا للفن المصرى بشكل عام، ضمن مجموعة من كوادر المسرح وعمالقته، انطلقت السهام مصوبة نحو إدارة المهرجان متخذين من تكريم نجمة بحجم ليلى علوى لها تاريخ فنى كبير على مستوى السينما والتليفزيون والمسرح، سلاح لشن حملات مضادة للدورة 30 على السوشيال ميديا متوقعين تراجع الدورة وانصراف القائمين عليها عما يهم ويخص المسرح، دون حتى انتظار انطلاق الافتتاح ربما يحمل شكلا ومضمونا فنيا ومسرحيا يليق باسم مصر ويعلن عن مهرجان دولى بمعنى الكلمة، وهذا ما حدث تماما أمس، فانهارت هذه التوقعات الكيدية وسقطت أهداف هذه الحملات التشويهية وردت إدارة المهرجان بالفعل ليس بالكلام على السوشيال ميديا.
فبمساندة الدولة ودعم وزارة الثقافة الدائم للفعاليات الفنية والثقافية، قدم فريق عمل المهرجان بقيادة دكتور سامح مهران رئيس المهرجان واحدا من أفضل حفلات الافتتاح لدورات المسرح التجريبى التى شاهدتها، على كافة المستويات.
بداية من التنظيم واختيار المكرمين من عمالقة المسرح من كل بلاد العالم، حيث كان لتكريم المخرج المسرحى الكبير ناصر عبد المنعم والمخرج الذى أحدث طفرة فى المسرح المصرى خالد جلال ومهندس الديكور المبدع حازم شبل أثر عظيم على الحضور المقدرين لدور المسرح والمسرحيين فى تطوير الوعى وتحسين الذوق العام.
مرورا بتقديم الدكتور مدحت العدل لحفل الافتتاح، حيث أعطى نكهة خاصة وحضورا بديعا وأضفى أجواء حماسية لم نرها من قبل.
فضلا عن الأسماء الكبيرة التى تضمنتها لجنة التحكيم الخاصة بالمهرجان، المخرج المسرحى القدير عصام السيد رئيس اللجنة، والفنان أحمد كمال، والمخرج السورى جهاد سعد، والناقدة الرومانية رالوكا رادوليسكو. وجايلز فورمان وأسيموى ديبوراه كاوى أحد أهم مدربى التمثيل فى أمريكا، فضلا عن اختيار أسماء كبيرة أيضا للجنة العليا على رأسهم الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب السابق ورئيس قسم الدراما والنقد المسرحى كلية آداب عين شمس الحالى، ودكتور محمد الخطيب وغيرهم من أساتذة المسرح.
لكن لم يكتف الحفل ولا إدارة المهرجان باختيار هذه الأسماء الكبيرة فى عالم المسرح وحسب، إنما استكمل سلسلة اختياراته الموفقة جدا من وجهة نظرى بعرض تشارلى الذى كان خير بداية لانطلاق المهرجان، فالعرض أعادنا إلى زمن المسرح الهادف البديع على مستوى الفكرة وأسلوب العرض، فقدم المؤلف دكتور مدحت العدل وأحمد البوهى مخرج العرض ملحمة فنية مكتملة العناصر بداية من التمثيل الحقيقى إلى حد الصدق الذى قاده النجم مُحمد فهيم بدور تشارلى شابلن والفنان أيمن الشيوى الذى لعب دور ممثل المكتب الفيدرالى والفنانة نور قدرى التى لعبت دور والدة تشارلى شابلن وغيرهم من الممثلين الذين قدموا أدوارهم بحرفية عالية.
أيضا الأداء الغنائى الراقص الذى أتقنه الممثلين إلى حد الاحتراف فقد تشاهد محمد فهيم يتلاعب بعضلاته بانسيابية مطلقة وينطلق فى فضاء المسرح بخفة متقنة على الرغم من عدم احترافه للرقص والأداء الحركى من قبل، إلا أن عمر باتريك مصمم الرقص الشاب كان وراء هذا الأداء المبهر، والديكور الذى يتبدل بخفة لا نراها عادة إلا فى العروض الأوروبية، من تصميم الفنان حازم شبل.
والملابس الملائمة لهذه الحقبة التاريخية والتى أخذتنا فى رحلة عبر الزمن إلى مرحلة السينما الصامتة وتنقلت بين الأزمنة إلى أن وصلت إلى عام ١٩٧٢، كما صممت بشكل يسمح للممثل بتغيرها بسهولة على المسرح دون أن ينصرف المشاهد عن فعل الفرجة، فأبدعت المصممة ريم العدل كعادتها فى الأعمال الفنية التى صممت أزيائها مؤخرا.
والحقيقة عرض تشارلى يستحق مقال نقدى منفصل يسرد تفاصيله الفنية بشكل علمى متخصص، ويبرز جماليات العرض ونقاط القوة التى جعلته نموذجا للعروض المسرحية الهامة والهادفة والممتعة.
لذلك كان اختيار تشارلى كبداية لانطلاق الدورة الـ30 للمسرح التجريبى اختيار موفق وذكى توج ليلة الافتتاح واستكمل نجاحها، ورفع سقف طموحاتنا وتوقعاتنا فى هذه الدورة التى ننتظر منها نجاح يفوق نجاح البداية.