في ندوة بجنيف.. ”جسور إنترناشيونال” يناقش حقوق الإنسان في العالم الرقمي
نظم مركز "جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية"، منذ قليل ندوة دولية في مقر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، بالتعاون مع "المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان"، حيث تناول المشاركون في الندوة مختلف الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في ظل العالم الرقمي، كما حرصوا على استشراف مختلف التحديات المعنية بمنظومة حقوق الإنسان وتشريعاتها في ظل تنامي صور وتأثيرات العالم الرقمي على تمتع الإنسان بحقوقه وحرياته.
شارك في الندوة التي جاءت على هامش انعقاد الدورة الـ 54 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، نخبة من الخبراء الدوليين والإقليمين المعنيين بحقوق الإنسان والعالم الرقمي، كما شهدت الندوة حضوراً واسعاً من المعنيين بحقوق الإنسان والمختصين بقضايا العدالة الرقمية والعالم الرقمي، إضافة لرؤساء المنظمات غير الحكومية وعدد من المعنيين والمؤثرين وقادة الفكر والرأي البارزين في قضايا حقوق الإنسان والعالم الرقمي، ونخبة من الإعلاميين والحقوقيين العاملين في مجال حقوق الإنسان من المشاركين في أعمال الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان.
وأكد رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان، أيمن نصري، على أهمية الندوة في تعزيز احترام حقوق الإنسان في المستقبل، وإبراز العمل الريادي الذي يقوم به مركز جسور إنترناشيونال والمنتدى العربي الأوربي، والمتمثل في تركيز الاهتمام الدولي على القضايا النوعية المعنية بحقوق الإنسان، وإثارة الاهتمام الدولي حول القضايا الحقوقية التي تحيط بها الكثير من التحديات والمعوقات الواسعة، في سعي منها لتعزيز الاستجابة الدولية المتعلقة باحترام وتعزيز حقوق الإنسان في المستقبل، وتسليط الضوء على جملة التحديات والمعوقات التي تسهم في تعزيز الانتهاكات الإنسانية بالعالم الرقمي، وتؤدي إلى تراجع تمتع المدنيين بحقوقهم وحرياتهم التي تكفلها التشريعات الدولية، وحث المجتمع الدولي على ابداء مزيداً من التضافر الدولي المعني بتطوير منظومة التشريعات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في العالم الرقمي.
من جانبه، أكد رئيس مركز "جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية"، محمد الحمادي، على أهمية اختيار موضوع الندوة في ضوء الاستراتيجية التي يحرص المركز على انتهاجها في تناول مختلف القضايا الحقوقية التوعية التي تؤثر على المنظومة الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان، وبما يسهم في تعزيز دور وتأثير المركز على عملية صناعة واتخاذ القرارات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتأتي استكمالاً لدور ومسئولية مؤسسات المجتمع المدني المنظمات غير الحكومية بتعزيز الوعي الدولي والمجتمعي بقضايا حقوق الإنسان في العالم الرقمي، وتسليط الضوء على ما يواجهه الإنسان من تحديات ومخاطر مرتبطة بالتمتع بحقوقه وحرياته الأساسية، وبما يسهم في ترشيد القرارات التي تتخذها الدول والحكومات والهيئات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في ظل العالم الرقمي.
وقال "الحمادي" إن السبيل الوحيد لتعزيز احترام وتعزيز حقوق الإنسان في ظل العالم الرقمي، هو من خلال تضافر كافة الجهود الدولية "أصحاب المصلحة" للعمل على إصدار "إعلان الحقوق والمبادئ الإنسانية الرقمية"، يضع الأسس والضوابط المتعلقة بالقيم والمبادئ المعنية بحقوق الإنسان في العالم الرقمي.
وشدد على أهمية الانطلاق في هذا المشروع لما يمثله من وضع أسس قانونية وتشريعية يمكن الاعتماد عليها في تنظيم وتأطير الجانب القانون للحقوق الرقمية في المستقبل، مؤكداً على أهمية المشاركة الفاعلة لجميع الأطراف المعنية والمنظمات غير الحكومية أيضا، وتعزيز الامتثال الدولي لدعم الجهود الدولية المتعلقة بالالتزام بنهج قائم على احترام وتعزيز حقوق الإنسان في العالم الرقمي، لمحوريته الأساسية في ضمان استمرار تتمتع المدنيين بحقوقهم وحرياتهم بشكل عادل ومتساوي في المستقبل.
وكشف "الحمادي" عن أهمية العمل على اعتماد تعريف دقيق ومتوافق عليه للتعبير عن "حقوق الإنسان في العالم الرقمي"، مؤكداً على ضرورة الاسترشاد بتعريف المفوضية السامية لحقوق الإنسان في هذا المجال، والمتمثل في "أنها حقوق الإنسان التي تنطبق في المجال الرقمي والتي ترتبط بالتكنولوجيا والمعلوماتية ارتباطاً وثيقاً وتمكن الأشخاص من استخدام الانترنت والتكنولوجيا، والتي تستلزم العمل على ترجمتها إلى مجموعة من القوانين والمبادئ التي تهدف إلى حماية حقوق الأفراد والمجتمعات في البيئة الرقمية.
وشدد على أهمية التركيز على حقوق الإنسان الرقمية في الوقت الحاضر والمستقبل، حيث إنه وبحكم ما تفرض التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، فإن العالم الرقمي أو الافتراضي أصبح هو العالم الواقعي الذي ندير من خلال كافة تعاملاتنا، وننجز من خلاله كافة تفاعلاتنا الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وهو ما مثل تحدياً حقيقياً للمجتمعات الإنسانية من حيث رصد الانتهاكات ومعالجتها، وهو ما يعزز أهمية العمل الدولي المشترك بما يعزز من المنظومة الدولية لحقوق الإنسان بالعالم.
وأكد رئيس مركز "جسور انترناشيونال للإعلام والتنمية" على أهمية الجهود التي تبذلها الهيئات الدولية وعلى رأسها جهود الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وما يبدونه من حرص على تأكيد الالتزام بحماية الحقوق الرقمية وحماية الخصوصية على وجه التحديد، والتي أصبحت واحدة من أبرز التحديات التي يواجهها العالم في إطار سعيه لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، حيث يتم انتهاك الخصوصية من قبل الدول والشركات الكبرى والعديد من الجهات التي تسعى إلى الاستفادة من تلك المعلومات لأغراض تجارية أو سياسية.
وأشار "الحمادي" إلى أهمية تضافر جهود المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني في تعزيز تلك الجهود والبناء عليها، لاسيما ما يتعلق بالعمل على تعزيز الحق في الخصوصية في العالم الرقمي، وحماية الصحفيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان، وكفالة الحق في حرية التعبير بالعالم الرقمي، وكفالة حق الوصول الحر إلى الانترنت والسعي لمعالجة الفجوة الرقمية بين الدول والمجتمعات الإنسانية، وتحقيق الأمان الرقمي ومكافحة التمييز على الانترنت، ومكافحة كافة الانتهاكات الرقمية وتعزيز التوعية والتعليم بالعالمي الرقمين، وبما يعزز التزام الدول والشركات وكافة أصحاب المصلحة بمقاربة قائمة على نهج إنساني تسهم في معالجة التأثيرات السلبية للعالم الرقمي على حقوق الإنسان، وتضع الضوابط القانونية والأخلاقية التي يجب أن تأطر الشراكة الواسعة في مجال التقنيات الرقمية المتقدمة، وتسهم في حماية وتعزيز كافة الحقوق الإنسانية.
ودعا إلى تعزيز الجهود الدولية في إطار تطوير التشريعات التي تكفل حقوق الإنسان في العالم الرقمي، كما دعا إلى ضرورة إصدار إعلان عالمي لحقوق الإنسان الرقمية على قرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتفل العالم بالذكرى الخامسة والسبعين لإصداره، لاسيما وأن الحاجة ملحة لمثل هذا الإعلان في ظل التطور السريع الذي يشهده العالم على صعيد التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، والذي مع الأسف الشديد لا تواكبه عملية موازية للتطورات المتعلقة بالتشريعات والسياسات الدولية والوطنية المعنية بحقوق الإنسان في العالم الرقمي، تسهم في تعزيز الحماية الدولية لحقوق الإنسان في المستقبل.
وتحدث مدير العلاقات الدولية في مؤسسة ستوب كلير روبورتس، الدكتور عثمان نور، عن أهمية ومحورية حقوق الإنسان في العصر الرقمي، لاسيما فيما يتعلق بجمع البيانات والمعلومات على نطاق واسع من قبل الدول والأحزاب السياسية والشركات الكبرى، وإساءة استخدامها.
واستعرض "نور"، أهمية التكنولوجيا الرقمية في تعزيز حقوق الإنسان والتنمية، والدفاع مباشرةً عن حقوق الإنسان وتعزيزها والتصدي لكافة الانتهاكات بالعالم، مسلطا الضوء على الجانب المظلم للثورة الرقمية كونها قضية عالمية أساسيّة من قضايا حقوق الإنسان، وفوائدها الواضحة لا تلغي أبداً مخاطرها الجلية التي لا لبس فيها.
وأكد على أهمية تعزيز الرقابة على الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، وتشديد عملية إدارتها والإشراف عليها وضرورة التأكيد على قيم المساواة والعدالة في التمتع بحقوق الإنسان في العالم الرقمي، وهو ما أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.
وشدد مدير العلاقات الدولية بمؤسسة ستوب كلير روبورتس، على ما يمثله التطور الرقمي من تحديات تعيق حرية التعبير وتحرض على الكراهية والعنف عبر الإنترنت، وقد تفشت المضايقات وحملات الترهيب عبر الإنترنت، ونشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
من جانبها، سلطت المحامية والناشطة الحقوقية، باولا فوداكاوسكا، الضوء على العديد من المواضيع الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان في العالم الرقمي، مع التركيز على أهمية تحقيق العدالة الرقمية، والارتباط المحتمل للقضايا التي تمثل تهديداً حقيقياً لحقوق الإنسان كالأسلحة المستقلة في العالم الرقمي، واستعراض جملة التحديات والفرص التي توفرها العدالة الرقمية، واستكشاف الجوانب المختلفة للتغير التكنولوجي داخل قطاع العدالة الرقمية.
وقدمت العديد من النماذج والدراسات المتعلقة بالعديد من الدول لتوضيح التطبيقات العملية والدروس المستفادة من تجارب الدول في مواجهة وإدارة تحدياتها المعنية بحقوق الإنسان في العالم الرقمي.
واستعرضت فوداكاوسكا، العديد من مجالات التنمية المحتملة المرتبطة بحقوق الإنسان وسيادة القانون، بما في ذلك جوانب مثل إمكانية الوصول إلى العدالة والنهج الذي يركز على الفرد.