تعليقًا على عودة العلاقات السودانية الإيرانية
الدكتورة إيمان الشعراوي: أفريقيا تمثل هدفًا مهمًا لطهران.. وتدخلها في الحرب ”مستبعد”
علقت الدكتورة إيمان الشعراوي، الباحثة المتخصصة في الشأن الافريقي، على عودة العلاقات السودانية الإيرانية، مؤكدة أن ذلك كان متوقعًا بعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية وفتح طهران سفارة لها في المملكة في يونيو الماضي، فضلًا عن اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية للسودان وإيران في يوليو الماضي بعد قطيعة لمدة 7 سنوات والحديث عن إمكانية عودة العلاقات بين الدولتين.
وأضافت الشعراوي، في تصريحات لها، أن عودة العلاقات في هذا التوقيت يحمل أكثر من دلالة، منها ما يتعلق بإستراتيجية إيران التي طرحتها من أجل الانفتاح على الدول والمحيط الجغرافي وسعيها إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السودان، لأهمية موقعها الجيوستراتيجي وأنها دولة معبر بين الدول العربية والأفريقية، وبين أفريقيا شمال وجنوب الصحراء ما من شأنه الإسهام في توسيع نفوذ إيران في أفريقيا، فضلًا عن أنه من المعروف عن إيران استثمارها في الدول التي تشهد صراعات عسكرية ، لأنها ترى في تلك الدول بيئة خصبة لتوسيع نفوذها اعتمادًا على حالة التفكك التي تشهدها.
وفيما يتعلق بالسودان، أوضحت الشعراوي، أن الجيش السوداني بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان يبحث عن داعمين له في الخارج، كما شهدنا زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، إلى روسيا مؤخرا، وذلك في ظل محدودية الجهات الخارجية التي قد يكون لديها رغبة في تقديم الدعم المباشر لأي من أطراف الصراع.
وعن تدخل إيران لدعم إحدى طرفي الحرب في السودان، أوضحت الشعراوي، أنه قد تقدم دعم عسكري محدود للجيش السوداني، ولكن هذا الدعم لن يسفر عنه ترجيح كفته في الحرب، وذلك لعدة أسباب على رأسها عدم رغبة إيران في التدخل في هذا الصراع المعقد بين مكونات المؤسسة العسكري السودانية وما له من تداعيات قبلية وعرقية داخل السودان، فضلًا عن عدم وجود مصلحة مباشرة لإيران في تقديم الدعم لتغليب كفة طرف على الآخر، وذلك على الرغم من وجود خلاف بين إيران ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع بسبب الحرب في اليمن لأنه كان جزء لا يتجزأ من التحالف العربي في اليمن ودوره في مواجهة النفوذ الإيراني هناك.
وأوضحت الشعراوي، أنه في حالة تدخل إيران في هذه الحرب وتقديم دعم لوجستي مكثف للجيش السوداني، فأن ذلك سيحمل تداعيات خطيرة وسيجعل السودان بمثابة أرضية للصراع العالمي، لأنه قد تتدخل دول أخرى لدعم قوات الدعم السريع ردًا على الدعم الإيراني ومواجهة انتشار نفوذهم في دولة السودان التي تحمل موقعًا متميزًا على منطقة البحر الأحمر.
وعن التخوفات من زيادة النفوذ الإيراني في السودان، أوضحت الشعراوي، أن ذلك لن يتم على نفس المستوى خلال فترة حكم الرئيس الأسبق عمر البشير وذلك بسبب معاداته للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فضلًا عن تقديم إيران دعم كبير له لبقائه وحفاظه على السلطة، وهو ما يختلف في الفترة الراهنة لوجود معطيات مختلفة وتوقيع السودان إتفاقية سلام مع إسرائيل، وتحسن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
واختتمت الشعراوي، بالتأكيد على أن القارة الأفريقية تمثل هدفًا مهمًا للسياسة الخارجية الإيرانية لمواجهة الحصار الدولي على خلفية مشروعها النووي، والاستفادة من الموارد الطبيعية التي تتمتع بها القارة الافريقية وعلى رأسها اليورانيوم الذي تحتاج إليه في هذا المشروع، وهو ما يعزز تحركاتها من أجل توسيع رقعة نفوذها في أفريقيا ،مضيفةً أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية عزز من انتشارها ومن بحثها عن إستراتيجية جديدة تستطيع من خلالها التوغل لأفريقيا، بعد الاتهامات الموجهة إليها بإنشاء مراكز دينية طائفية وعلى إثر ذلك في عام 2014، تم إغلاق المراكز الثقافية الايرانية في السودان، لتزايد نشاط هذه المراكز في نشر المذهب الشيعي.