كاظم الساهر: أتمنى أن يعيش كل الأطفال والأديان فى سلام
التقى النجم كاظم الساهر بجمهور ضخم احتشد داخل قاعة الاحتفالات بمركز إكسبو الشارقة، في جلسة حوارية استمرت ما يقرب من الساعة، وأدارتها الإعلامية البحرينية، ندى الشيبانى، وتطرقت إلى موضوعات مختلفة في حياة النجم العراقى، الذي اشتهر بغناء وتلحين القصائد الشعرية.ضمن فعاليات الدورة الـ42 لمعرض الشارقة الدولى للكتاب
وتحدث كاظم الساهر في بداية الجلسة عن أهمية القراءة وكيف تؤثر في شخصية الإنسان ومستقبله والفرص المتاحة أمامه في الحياة، مؤكدًا أن استضافته- للحديث مع جمهوره من المحبين للقراءة وعالم الكتب في معرض الكتاب الدولى وأنه جزء من هذا الحدث الثقافى الكبير- تُشعره بالمسؤولية والثقة فيه، مؤكدًا أن من واجب أي شخص أن يتسلح بالثقافة حول عمله والمجالات الأخرى.
وعن علاقته بالكتاب، حكى كاظم الساهر: «من أكثر المواقف التي عرفت بعدها ما تفعله القراءة بالإنسان يوم أن جلست أنا وصديقى (ثائر) مع أصدقاء أخيه، وكانوا أكبر سنًّا بقليل منّا، وقتها كانوا يتحدثون عن الحزب الشيوعى وماركس، ولم أفهم شيئًا مما يتكلمون عنه، وحز في نفسى كونى أجلس وسطهم، ولا يشعرون بوجودى، ولا أستطيع حتى مشاركتهم، وبعدها قرأت عن الموضوعات التي كانوا يتحدثون عنها، وفى لقائى الثانى معهم، شاركتهم الحديث، ووجدت أنهم يسمعوننى، ووقتها عرفت أن الإنسان بدون قراءة يظل صغيرًا، وأننى كموسيقى لو لم أقرأ فسأظل محدود القدرات».
الفنان كاظم الساهر
وحكى النجم العراقى عن طفولته وعلاقته بأمه، قائلًا: «أسهمت أمى في بناء شخصيتى بشكل كبير، وتأثرت بها جدًّا، وكنت أنظر لها وأسال نفسى كيف تقوم بكل هذا المجهود وتتحمل مسؤولية 10 أطفال في بيت صغير جدًّا؛ فبيتنا كانت مساحته 70 مترًا، ولم نكن حتى نملك مروحة، وكنت أُهَوِّى لأبى بالصينية، ورغم ذلك سلحنا والدانا بالقيم، ووضعا داخلنا أسسًا قوية، وعلمنا كيف نكون مسؤولين، وما أنا فيه أدين لهما به، ولوطنى، وجمهورى، وحتى للجيران، الذين أسهموا في تربيتنا وكانوا أهلًا لنا».
وحول الأوضاع في غزة، قال كاظم الساهر إن لديه العديد من الأغانى الوطنية، لكنه منذ اليوم الأول وهو يريد تقديم أغنية تحمل رسالة إلى العالم كله بأن الحرب يجب أن تتوقف، وأضاف: «الفنان يمتلك موقفًا إنسانيًّا وضميرًا حيًّا بالتأكيد، حيث لا نستطيع أن نقف متفرجين، وحتى لو شعرت أن لمسة ما سيكون لها أثر فسأقوم بها».
وأشار «كاظم» إلى أنه تم بالتعاون مع جمعية الأمم المتحدة للموسيقى الكلاسيكية بإدارة بريندا فونجوفا تنفيذ أأغنية من ألحانه، وتعاون مع شاعر إنجليزى لترجمة الكلمات التي كتبها، وهى بعنوان «أوقفوا النارHold your fire»، وأضاف «الساهر»، ضاحكًا: «يبدو أنى أصبحت أحب تعذيب الشعراء العاملين معى؛ فحتى الآن كتبنا الأغنية 7 مرات، وبالفعل انتهينا من تلحينها، وبعد انتهاء الندوة، سأسافر إلى نيويورك للتسجيل، ونتمنى أن تصل رسالتنا من خلالها إلى العالم، كما أن على الشباب من كل الديانات الضغط على حكوماتهم بكل الطرق لإيقاف الحرب».
وأضاف: «لقد عشت سنوات الحرب في العراق، وأتمنى أن يعيش كل الأطفال والأديان في سلام، لا نريد لأحد الموت أو الظلم».
كاظم ونزار قبانى
وحول أثر القراءة في العائلة، أكد «الساهر» أن تأثيرها يطول الجميع، مشيرًا إلى أن الأطفال عندما يقرأون يذهبون إلى عوالم وأفكار وثقافات مختلفة، فيزداد وعيهم واحترامهم للرأى الآخر، وتُفتح لهم آفاقٌ جديدة في الحياة ومستقبل من فرص العمل.
وأضاف: «أيضًا لكسر الروتين في المنزل، فإن القراءة واكتساب الأفكار، ومن ثَمَّ الجلوس في حوار مع العائلة، ستسهم في صنع متعة وقصة جميلة تأخذنا إلى عالم آخر، كما أن القراءة للإنسان الذي يعانى مشكلة عاطفية تشكّل داعمًا وصديقًا له، فعندما يمر الإنسان بمشكلة، ولا يجد شخصًا يعطيه التوجيهات الصحيحة، فإن الكتاب يمنحه الراحة والطمأنينة، بالإضافة إلى أفكار ووسائل جديدة لحل أي أزمة».
في سؤال حول وصول الفن العربى إلى الجمهور من غير العرب، قال «الساهر»: «إننا نقدم القصائد على أصولها، لهذا فالجمهور العربى هو المتلقى الأول لها، وموسيقانا صعبة على الجمهور من غير العرب».
وأكد «كاظم» أن لديه مشكلة، فجمهوره مثقف، ويقرأ الشعر، ويحاسبونه على أي كلمة قد تُنطق خطأً، وهو من خلال تجربته على مدار 35 عام، يقدم خلالها القصائد يجد أن الناس لا يبتعدون عن الشعر، بل يريدون المزيد، وتحدّث حول قصيدة «الحياة»، مشيرًا إلى أنه كتبها كرسالة، وألقى جزءًا منها على مسامع الحضور.
وحكى «كاظم» كيف أنه يكتب الشعر منذ كان عمره 12 عامًا، وكان متأثرًا بشكل كبير بنزار قبانى، وقال: «كنت أتوسل لأخى الكبير حتى يعطينى دواوين (نزار) لأقرأها»، مؤكدًا أن «نزار» موهبة عظيمة، وأن علاقتهما كانت شديدة الخصوصية، وأنه عند غناء بعض القصائد كان يخجل من أن يطلب منه تغيير كلمة لتتماشى مع الغناء، لكن الشاعر الكبير كان يدرك بحاسّته ما يريده «كاظم»، خاصة أنه عندما يتوتر يحرك أصابعه، فكان يخبره بأنه هو شخصيًّا شاعر، ويجب ألّا يخجل، و»كان يعود لى خلال فترة قصيرة، ويقول: سجّل هذا البيت الجميل، لم يقل سجل هذا السطر، بل البيت الجميل، لقد كان متعاونًا وعظيمًا جدًّا، وهكذا العظماء يكونون دائمًا بسطاء».
وأشار إلى أن نزار قبانى كان يحب الشاعر كريم العراقى، ويُوصيه بأن يتمسك بعلاقته به، وكان يحترمه جدًّا، و»كريم» هو مَن فرض هذا الاحترام، فقد كان يقرأ بشكل واسع، وأضاف «الساهر» أن العراق ولّادة للشعراء الرائعين، الذين يكتبون أشعارًا في غاية الجمال.
وتطرق إلى أنه خلال السنوات الماضية، تعرض لأزمة نفسية كبيرة، إذ فقد أشخاصًا أعزاء جدًّا، ووصل إلى مرحلة كره نفسه ووجوده، و»أحيانًا كنت أريد أن أصرخ على المسرح.. ولم يُخرجنى من هذه الحالة سوى القراءة وأصدقائى، فهم مَن أعادوا لى الأمل والحياة