”إيرلندا” تصطف مع فلسطين على خلاف الموقف الأوروبى الداعم للاحتلال
على عكس التيارات السائدة في الاتحاد الأوروبى على مستوى الساسة، اختار الساسة وصناع القرار في إيرلندا، دعم القضية الفلسطينية، وإدانة العنف الإسرائيلي بحق المدنيين في رسائل واضحة، لا تحمل تأويل، أو حتى مسك العصاة من المنتصف، وزادت المطالبات بضرورة وقف إطلاق النيران، ووقف القصف الإسرائيلى على قطاع غزة، على عكس معظم المواقف الأوروبية التي تنحاز بشكل فج للجانب الإسرائيلي.
واختار الساسة الأيرلنديون إدانة القصف الإسرائيلي لغزة بوضوح، إذ وصف رئيس الوزراء ليو فارادكار الهجوم بأنه "اقتراب من الانتقام"، فيما وصفه وزير الخارجية ميشيل مارتن بأنه رد فعل "غير متناسب"، وذهب السياسيون المعارضون إلى أبعد من ذلك بكثير في وصفه بالقتل الجماعي، وارتدى البعض الكوفية الفلسطينية في البرلمان.
مؤيدون ومعارضون لموقف إيرلندا الرافض للهجوم الإسرائيلى على غزة
ووفقا لصحيفة الجارديان، أشاد المعلقون المؤيدون للفلسطينيين بهذه التصريحات الرسمية الإيرلندية، معتبرين أنه يجب أن تكون نموذجا لبقية أوروبا حول كيفية إدانة الهجوم الغاشم لآلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
المؤيدون لكيان الاحتلال الصهيوني على الناحية الأخرى، هاجموا ردود أيرلندا، ووصفوها بأنها ضيقة الأفق وإنكار لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد أن قتلت حركة حماس أكثر من 1200 شخص واختطفت أكثر من 240 في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
وزير تراث الاحتلال طالب الفلسطينين الذهاب لإيرلندا
التصريحات الرسمية للقادة في إيرلندا، دفعت وزير التراث الإسرائيلي صاحب الأراء المتطرفة، عميحاي إلياهو، لحث الفلسطينيين على الذهاب إلى أيرلندا أو الصحراء، وهو الاقتراح الذى تبرأت الحكومة الإسرائيلية منه، إلا أن تصريحه سلط الضوء على تصور مفاده أن أيرلندا دولة "مختلفة وشاذة" عن التيار السائد في الاتحاد الأوروبي
وضمت شوارع إيرلندا، العديد من مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء أيرلندا وحاولت أحزاب المعارضة إجبار الحكومة على إحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية وطرد السفيرة الإسرائيلية دانا إرليخ، إلا أنها فشلت، ووقع أكثر من 600 أكاديمي على رسالة تحث الجامعات على قطع علاقاتها المؤسسية مع المؤسسات الإسرائيلية.
الجالية اليهودية ضعيفة التأثير في المجتمع الإيرلندى
ومن جهته قال نيال هولوهان، الدبلوماسي المتقاعد الذي كان يقيم في رام الله في الفترة من 2002 إلى 2006 كممثل للحكومة الأيرلندية لدى السلطة الفلسطينية، إن التعاطف مع الفلسطينيين متجذر في تاريخ أيرلندا، وقال :"نشعر أننا وقعنا ضحية على مر القرون إنه جزء من نفسيتنا، ويؤكد على أننا يجب أن نقف إلى جانب المستضعفين".
ويزعم هولوهان أن هناك عاملاً يؤثر على النظر الإيرلندية للقضية الفلسطينية، وهو متمثل في مجتمعها الذي يضم نحو 2500 يهودي، فقط بالكاد يمثلون 0.05% ، وبالتالي تأثير أقل على المجتمع، على عكس الجاليات اليهودية الكبيرة والمؤثرة في بريطانيا وفرنسا، وقال: "لقد منحنا يدًا أكثر حرية لاتخاذ ما نعتبره موقفًا متوافق بشكل أكبر مع مبادئنا".
وقال هولوهان إن أيرلندا تسعى جاهدة لدفع الاتحاد الأوروبي نحو موقف "أكثر عدلا" لكنها تتجنب التحركات المنفردة، وأشار إلى أن فرنسا وأعضاء آخرين رددوا دعوتها لوقف إطلاق النار، متابعا :"نريد أن نبقى ضمن الإجماع الأوروبى".
ومن ناحيتها قالت جين أولمير، أستاذة التاريخ في كلية ترينيتي في دبلن ومؤلفة كتاب "صنع الإمبراطورية: أيرلندا والإمبريالية والعالم الحديث المبكر"، إن أيرلندا كانت أقدم مستعمرة بريطانية ونموذجًا لفلسطين، لقد شكل هذا بلا شك كيفية تعامل الناس من أيرلندا مع صراعات ما بعد الاستعمار".
رئيس وزراء إيرلندا يتهم فون دير لاين بالافتقار للتوازن
وكانت أيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تؤيد إقامة الدولة الفلسطينية، في عام 1980، والدولة الأولى التي نددت علنا بالمفوض المجري، أوليفر فارهيلي، بعد أن أعلن من جانب واحد على وسائل التواصل الاجتماعي عن تعليق كل التمويل للفلسطينيين، الشهر الماضى، فيما اتهم ليو فارادكار، رئيس وزراء إيرلندا، أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية المؤيدة لإسرائيل، بـ"الافتقار إلى التوازن".