الكاتب الصحفي صبري حافظ يكتب .. انهيار إسرائيل
الشعور بوقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية يتزايد يومًا بعد يوم على خلفية تمديد الهدنة لمدة يومين مؤخرًا، ووجود رغبة من الطرفين فى هدنة دائمة بعد خمسين يوما من القتال الضارى أنهك الجميع، ووضع الجانب الإسرائيلى فى زاوية ضيقة داخليًا وخارجيًا.
ورغم أن قادة إسرائيل وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء يهدد بحملة عسكرية بعد الهدنة تُجهز على حماس نهائيًا، إلا أن الشواهد تؤكد صعوبة تحقيقه لأسباب عدة، فى ظل استياء الرأى العام الإسرائيلى والشعور بخسارة إسرائيل للمعركة وفرض حماس والفصائل شروطها وتحرك قادتها العسكريين داخل غزة على الأرض وتحتها بأريحية بعد خمسين يومًا من رمى قذائف وراجمات تشيب لها النواصى، وإجراءات تبادل الأسرى بيسر ومرونة رغم صعوبة مهامها من حيث التواصل والحركة وضبط المواعيد والرقابة وخلافه دون حدوث أى أزمة للفصائل، وهى دلائل تؤكد على عِظم التخطيط والثقة والقدرة على المناورة مع وجود أقمار صناعية ومسيرات ترصد كل كبيرة وصغيرة لإسرائيل وحليفتها أمريكا، وهو نفس التخطيط والعظمة فى اختيار التوقيت وتحقيق أهداف العملية الخاطفة يوم السابع من أكتوبر باحترافية تكشف ما يدور فى غزة بأيدٍ وأعين وفكر واعٍ يختلف عن سنوات مضت بعد أن وصلت حماس وشركاؤها من الفصائل لمرحلة النضج.
والدهشة زادت مع تحرك قواد حماس بقيادة يحى السنوار فى الأنفاق وجلوسه مع الأسرى بداية المعركة وطمأنتهم وأنهم سيعودون إلى أُسرهم فى سلام.
إسرائيل تعرف تبعات كل ذلك، وآلة الحرب وحدها لا تكفى التى فشلت فيها رغم عدم التكافؤ بين الطرفين ويكفى الفصائل أنها دون طيران حربى يؤلم الطرف الآخر، أو دِفاعات أرضية تقلل الخسائر والضربات فى الأرواح والممتلكات، معتمدة على صواريخ بدائية وتراهن على إيمانها بربها ثم نفسها، وتساءل الكثيرون ماذا كان سيحدث لو واجهت إسرائيل حربا مع جيش منظم يمتلك أساطيل جوية وبحرية وقوات مشاة احترافية؟!.
والضغوط الأكثر إيلامًا شعور الجندى الإسرائيلى بعدم الثقة فى قواده خاصة رئيس الوزراء الذى لا يهمه سوى استمرار المعركة حتى لا توضع رقبته تحت المقصلة ويحاكم بتهم «نكسة» 7 أكتوبر وما خلفته من قتلى وأسرى وفساد،وتصريحات علانية من الكبار والصغار فى المستوطنات والمدن بأن نتنياهو وراء انهيار إسرائيل، والخشية من تمرد بعض فصائل الجيش، وما حدث قبل الهدنة لنصف سرية بضباطها وجنودها بسبب إقالة قائد سرية ونائبه لانسحابهما من الميدان لعدم وجود دعم وغطاء جوى وانحياز اللواء لقائد الكتيبة، بجانب تخلف ألفى جندى احتياط بصفوف الجيش الإسرائيلى عن الخدمة العسكرية خلال الحرب، واستدعاء الكثير من الاحتياطى ما تسبب فى خسائر اقتصادية فادحة.
تحليلات سياسية واقعية تؤكد أن الجيش لن يستطيع الاستمرار أكثر من شهر فى حال العودة للقتال لكل هذه الأسباب، وجُلّ الدول المؤيدة لإسرائيل فى بداية الحرب غيرت وجهتها وآخرها إسبانيا وبلجيكا، وتوحدت الرؤى العالمية باستغلال الهدنة لحل سلمى دائم وإقامة الدولتين وهو تغيير فى مواقف دول عدة كانت بين رافضة أو مترددة حتى إسرائيل باتت تؤمن بداخلها بهذا التوجه قبل التعجيل بانهيارها.!
كاتب المقال الكاتب الصحفى صبرى حافظ مدير تحرير جريدة الوفد.