النائب الأول للرئيس التنفيذي لشركة روساتوم: الطاقة النووية ركيزة أساسية لكوكب خال من الانبعاثات
قال كيريل كوماروف النائب الأول للرئيس التنفيذي لشركة روساتوم لتطوير الشركات والأعمال الدولية في مواجهة التحديات العالمية الملحة: "لابد من استكشاف مصادر الطاقة المتنوعة واستخدامها على نطاق واسع لما لها من دور مهم في تحريك الاقتصاد العالمي خاصة فيما يخص الحياد الكربوني، وفي سياق المساعي لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، فإنه أصبح لزاما علينا أن ندرك إمكانات وقدرات الطاقة النووية في تشكيل عالم مزدهر صديق للبيئة".
وأشار إلى أنه خلال أعمال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، باتت مسألة الحاجة إلى معالجة تغير المناخ وتحقيق الهدف العالمي المتمثل في خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون وصولاً إلى قيمة الصفر بحلول عام 2050 أمرا جلياً يتطلب بحث جميع الخيارات المتاحة لتحقيق ذلك الهدف.
وقال: على الرغم من تصدر الطاقة المتجددة المشهد بكل جدارة، فإنني مع الرأي بأنه حان الوقت للتأكيد على الدور المهم الذي تلعبه الطاقة النووية منخفضة الانبعاثات في عملية تحول الطاقة لعقود قادمة فالطاقة النووية أصبحت قادرة على صياغة نهج مستدام وفعال نحو مستقبل خال من الانبعاثات من خلال توجيه جزء كبير من استثماراتها السنوية وإدراج الطاقة النووية ضمن تصنيف الطاقة الخضراء ووضع أنظمة إصدار لشهادات استثمارية وطنية، وتطوير تكنولوجيات دورة الوقود المغلقة.
وتابع: يمكننا أن نجزم بأن الطاقة النووية تعد أكثر الحلول الموثوقة والقابلة للانتشار على نطاق واسع بهدف الحد من انبعاث الغازات الدفيئة وهذا ما تترجمه الأرقام. فمحطات الطاقة النووية في روسيا تساهم في الحد من انبعاث أكثر من 100 مليون طن من الغازات الدفيئة سنويًا، وهو ما يمثل 7% من إجمالي الانبعاثات في البلاد، كما أن جميع محطات الطاقة النووية على مستوى العالم تمنع انبعاث أكثر من 1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
تابع كيريل كوماروف: وهنا نرى أن الطاقة النووية يتم إنتاجها من خلال تكنولوجيا أثبتت جدارتها عبر الزمن ويمكنها أن تقدم مساهمة كبيرة في تحقيق قيم انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 خاصة في ظل التوجه للاستثمار بشكل كبير في قطاع الطاقة الكهربائية.
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الاستثمار السنوي في قطاع الطاقة سيتضاعف بين عامي 2023 و2030، مع تخصيص مبلغ مذهل قدره 100 مليار دولار للطاقة النووية.. وبالتالي فإن هذا الاستثمار المالي يؤكد مرة أخرى على أهمية تواجد الطاقة النووية في استراتيجيات التحول الشاملة للطاقة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى الحد من الانبعاثات الضارة، وأداة لا غنى عنها في سبيل التخلص من غازات الدفيئة يمكن لجميع بلدان العالم أن تستغلها كمصدر نظيف وموثوق للطاقة.
وأضاف أنه على الجانب الآخر، اتخذت روسيا خطوات جادة لزيادة الاعتماد على الطاقة النووية؛ حيث قامت بإدراج الطاقة النووية ضمن التصنيف الضريبي الروسي للطاقة الخضراء في نسخته الأولى في 2021 – حدث ذلك حتى قبل استكمال التصنيف الأوروبي للطاقة النووية في 2022 – معلنا أن الطاقة النووية ستكون متاحة من خلال النظام الوطني للشهادات الخضراء، التي سيتم إطلاقها في مطلع عام 2024 وتسخير إمكاناتها لتحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ. وتبين هذه الاجراءات أن الطاقة النووية موضع ترحيب لدعم مزيج الطاقة المتجددة في البلاد ومكافحة تغير المناخ، من خلال توفير هيكلية متوازنة ودمج حقيقي لمصادر الطاقة منخفضة الكربون.
وأكد: واجبنا هو توفير كهرباء مبتكرة ومستدامة وذات انبعاثات منخفضة للكربون، مع التأكيد على أن أحد العوامل الرئيسية لمصادر الطاقة الجديدة هو عامل المرونة. تقدم صناعة الطاقة النووية في الوقت الحاضر حلولًا مختلفة للبلدان والمناطق تبعًا لاحتياجات استهلاك الطاقة والأراضي والميزانية المتاحة لتنفيذ مشروعات الطاقة. بالنسبة للمناطق النائية والمناطق ذات الطلب المحدود على الطاقة أو ذات القدرة المحدودة للشبكات، توفر الطاقة النووية حلا فعالاً من خلال توفير محطات للطاقة النووية ذات قدرات منخفضة.
وقال كيريل كوماروف واستنادًا إلى خبرة تشغيل كاسحات الجليد النووية، قامت شركة روساتوم الحكومية في عام 2020 بتشغيل أول مشروع محطة طاقة نووية عائمة في العالم، والذي يعرف بإسم "أكاديميك لومونوسوف". وبالفعل تُظهر هذه المحطة النووية العائمة قدرات فريدة للاستخدام في المناطق النائية المعزولة عن شبكات الطاقة أو في المناطق التي يصعب الوصول إليها. وقد تم تصميم هذا المفاعل المتنقل لتوفير الكهرباء والطاقة وحتى المياه العذبة للمناطق الساحلية أو المناطق المعزولة، بالاضافة إلى المنشآت الصناعية البحرية.
وأوضح أنه وفقاً لهذه التجربة الفريدة، يجري اليوم العمل على إنشاء جيل جديد من هذا الطراز - مشروع RITM-200. في هذا الاطار تقترح شركة روساتوم مجمعًا مكونًا من أربعة مفاعلات عائمة كحل لتغذية منطقة التعدين بموقع "بايمسك" – أحد المناطق النائية في روسيا - بالطاقة الكهربائية. كما تقوم روساتوم أيضا بتنفيذ مشروع محطات الطاقة النووية البرية الصغيرة، والتي سيتم بناؤها في شمال روسيا في مقاطعة ياقوتيا. وتعد مفاعلات الوحدات الصغيرة SMR بحد ذاتها ابتكار ثوري يُظهر قدرات الطاقة النووية كونها حلاً ممتازًا لتزويد بعض المجمعات الصناعية بالطاقة التي تتطلب مصدرًا ثابتًا للطاقة لا يزيد من بصمتها الكربونية. نحن لا نحدث ثورة في العالم النووي فحسب، بل نسعى لعرض الإمكانات الهائلة للطاقة النووية وضمان جودة الحياة اتساقا بإلتزامنا بمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
وأكد النائب الأول للرئيس التنفيذي لشركة روساتوم لتطوير الشركات والأعمال الدولية أن استراتيجية أعمالنا الشاملة ترتكز على تحسين حياة الأشخاص من خلال تقنيات الطاقة والتكنولوجيا النووية، ولذلك نحن نوائم محفظة منتجاتنا مع الأهداف الـ 17 للتنمية المستدامة المقررة من قبل الأمم المتحدة. لدينا اعتقاداً راسخاً أنه نظراً للحاجة الملحة للحد من تمدد ظاهرة تغير المناخ، فإنه يجب أن تكون جميع مصادر الطاقة النظيفة جزءًا من الجهود المبذولة لتحقيق انبعاثات منخفضة لخدمة الاقتصاد العالمي. وفي هذا الاطار، فإن الطاقة النووية النظيفة ومنخفضة الكربون وهيكلتها بشكل مستدام تكمل مصادر الطاقة المتجددة. وعليه، تعمل شركة روساتوم الحكومية بشكل مستمر على تطوير محفظة منتجاتها لتشمل حلول مختلفة ومستدامة للطاقة النظيفة. وقد قامت روساتوم بتطوير قطاع طاقة الرياح من خلال شركة نوفاويند، بقدرة تشغيلية تصل إلى 1 جيجاواط، مع خطط لزيادة هذه القدرة إلى 1.7 جيجاواط بحلول عام 2027. كما تمتلك الشركة قدرات تقنية وحلولا متكورة في مجال طاقة الهيدروجين وحلول تخزين الطاقة لشبكات الكهرباء وقطاع السيارات الكهربائية.
ر
ولفت النظر إلي أنه نسعى أيضًا لتوسيع رقعة استخدام تقنيات وحلول دورة الوقود النووي المغلقة لضمان التخزين الآمن للنفايات المشعة. ففي مطلع شهر نوفمبر هذا العام، احتفلت محطة بيلويارسك للطاقة النووية بمرور عام على التحول إلى وقود MOX في مفاعل النيوترونات السريع BN-800 والذي يشكل خطوة مهمة نحو دورة وقود نووي مغلقة ومستدامة.
وأشار إلى أنه من الضروري خلال مؤتمر (COP28)؛ حيث يجتمع العالم للحديث عن "المناخ"، أن تصبح الطاقة النووية جزءًا بارزًا من هذا الحديث لاسيما لتعزيز الحوار وتبادل المعرفة حول إستراتيجيات تحول الطاقة. إنني أدعو جميع البلدان الملتزمة بتطوير القطاع النووي إلى تسليط الضوء على الدور الذي تستطيع الطاقة النووية القيام به، بل وتلعبه بالفعل في مكافحة تغير المناخ، من خلال تبديد المفاهيم الخاطئة وتشجيع اتباع نهج لنشر الوعي حول تطور وتطوير الطاقة النووية.
واختتم كيريل كوماروف النائب الأول للرئيس التنفيذي لشركة روساتوم لتطوير الشركات والأعمال الدولية تصريحاته قائلاً إننا نواجه تحديات هائلة، ولكننا معًا نستطيع أن نحدث تغيراً في الوضع الراهن. وهنا ومن منصة مؤتمر (COP28) يتعين علينا الالتقاء والعمل معًا نحو مستقبل أكثر استدامة. بغض النظر عن القومية أو العرق أو الوضع الاقتصادي، فقضية تغير المناخ لا تعرف حدوداً جغرافية بل أنها تؤثر علينا جميعاً، وتشكل أزمة عالمية تتطلب في نفس الوقت استجابة عاجلة وتكاتف على مستوى عالمي. ومن الضروري أن نرفع سقف التوقعات وأن نحدد أهدافًا أكثر طموحًا عند السعي للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. يجب أن نتبنى حلولًا مبتكرة ومستدامة، تتضمن حلول الطاقة النووية النظيفة، لتحقيق أهداف اتفاقية باريس. دعونا نغتنم هذه الفرصة للاستفادة من قدرات الطاقة النووية من أجل كوكب أكثر استدامة وأكثر توافقا مع البيئة.