العمل الحر عبر الانترنت فرصة إيجاد عمل مناسب للكثير من المصريين
توسع التباطؤ الاقتصادية في مصر والتي شهد تعثر على مدار الأعوام الأخيرة، خاصة في الفترة التي تزامنت مع الجائحة خلال 2020، والتي أعقبها إغلاق اقتصادي تمدد عبر العالم، تسبب فيما يعرف بأزمة سلاسل التوريد وغيرها من الأزمات مثل التضخم الذي ضرب الاقتصاد العالمي. تلى ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا والذي ترتيب عليه سلسلة من العقوبات والأحداث التي دفعت أسعار الطاقة والحبوب إلى مستويات قياسية على مدار أغلب عام 2022.
تمددت تأثيرات تلك الأزمات بشكل أو بآخر على مختلف الدول، وان تركت تلك الأزمات صدى أعمق لدى اقتصادات الدول النامية. حيث عانت مصر من تراجع الاحتياطي النقدي في البلاد خاصة مع بدء دورة تشديد نقدي من قبل أغلب البنوك المركزية حول العالم، الأمر الذي أدى إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق المصرية. تزامن ذلك مع ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب، والتي تمثل أغلب صادرات مصر، بالإضافة لتضرر قطاع السياحة من والذي كان يعتمد بشكل كبير على الوافدين من دول شرق أوروبا مثل روسيا وأوكرانيا.
انعكست تلك الأزمات في صورة أزمات معيشية صعبة في مصر حيث سجل الدولار مستويات قياسية في السوق الموازية، كما ارتفعت نسب البطالة ومعدلات التضخم. على الرغم من الجهد التي تسعى من خلاله الحكومة المصرية وضع حد لبعض تلك الأزمات، مثل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض جديد، بشروط تجتهد الحكومة المصرية في تطبيقها لكن دون أثر ملحوظ إلى حد كبير.
البحث عن بديل من خلال العمل الحر
على الجانب الاخر، دفعت الأزمة الاقتصادية التي انعكست بشكل كبير على المستوى المعيشي في البلاد، الكثير من المواطنين المصريين (يتجاوز حجم الشباب في المرحلة العمرية الأقل من سن الثلاثين حوالي 70 في المئة من الشعب المصري) في البحث عن فرص عمل جيدة او عمل إضافي لزيادة الدخل من خلال شبكة الانترنت، فيما يعرف باسم العمل الحر عبر الانترنت (free lance).
حسب تقرير البنك الدولي (عمل بلا حدود) فإن عدد القوى العاملة عالميًا في هذا المجال تتراوح ما بين نسبة 4 إلى 12 في المئة. وعلى الرغم من توسع اتجاه المصريين خلال السنوات الأخيرة لتلك الاعمال، الا ان عدد العاملين عبر الانترنت في مصر لم يتجاوزوا الواحد في المئة وتحديد سجل حوالي 0.6 في المئة من إجمالي الطلب العالمي الا ان تلك النسبة مرشحة للزيادة.
في العصر الرقمي الحالي، مع توسع استخدام الهاتف المحمول وانتشار التطبيقات ووسائل الربح من خلال الانترنت، ازدادت فرص وأهمية ممارسة العمل الحر عبر الإنترنت. على الرغم من بداية الأمر بشكل تدريجي في صورة إمكانية العمل عن بعد واقتصاد الأعمال المؤقتة، لكن الأمر كسب شعبية أكبر خاصة خلال فترة الجائحة والتي دفعت الكثير للجلوس في المنزل بعيدًا عن صورة العمل التقليدية.
جذب العمل الحرب من خلال الانترنت المزيد من الباحثين عن فرص تحقيق دخل (أساسي أو إضافي). حيث سهّل الإنترنت عملية التسويق والتواصل مع العملاء وإيجاد الفرص لدى الكثير من المهتمين لعرض مهاراتهم وخبراتهم. مع مميزات عديدة من الانصاف ان نقول انها تكاد أن تكون غير متوفرة في مجالات العمل العادية.
أبرز الوظائف في العمل الحر عبر الإنترنت
تتنوع الوظائف من خلال العمل الحر عبر الانترنت، والتي تتباين في أهميتها، ومدى الطلب عليها، وحجم الدخل الذي يمكن تحقيقه من خلالها، وعلى الرغم من النقطة الأخيرة تعتمد بشكل كلي على مدى تطور مهارات وانتشار العامل المستقل، لكن لا يمكن تجاهل مدى الطلب عبر السوق ايضاً.
تتمثل أبرز تلك الوظائف في تطوير وتصميم المواقع الإلكترونية، التصميم الجرافيكي، إدارة وسائط التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي بشكل عام. كذلك تأتي في مركز متقدم مهام تحرير وإنتاج الفيديو، والتدريس عبر الإنترنت. بينما توسع الطلب في الآونة الأخير على تعلم التداول، بالتزامن مع انتشار جاذبية الربح من خلال أسواق المال العالمية. حيث نلاحظ انتشار عبارة أفضل منصات التداول في مصر على قائمة أكثر الأخبار بحثاً عبر موقع غوغل في مصر خلال الآونة الأخيرة.
المرونة والتنوع والانتشار
تتعدد فوائد هذا النوع من الأعمال والتي يمكن إيجازها عبر عدد من العناصر أهمها المرونة، حيث يوفر العمل الحر عبر الإنترنت للعاملين فيه (المستقلون) القدرة على جدولة أعمالهم بما يتناسب مع ظروف حياتهم العادية، ايضاً تسهل من عملية اختيار مشاريعهم الخاصة. يسمح هذا المستوى من المرونة من تمكين هؤلاء المستقلين من تنفيذ مشاريع متعددة في وقت واحد، الأمر الذي يجلب فائدة أخرى بجانب المرونة وهي تنويع مصادر الدخل.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر العمل الحر عبر الإنترنت ميزة كبرى وهي الانتشار عبر السوق العالمية. الإنترنت وسيلة تواصل من الدرجة الأولى، حيث يوفر إمكانية غير عادية للتوسع والانتشار، الأمر الذي يتيح فرصة أكبر لتحقيق دخل أكبر، وكلما زاد حجم الانتشار كلما كانت فرصة الاستفادة أكبر.
علاوة على ذلك، تتوافر بعض الميزات الإضافية والتي سوف نستعرضها في بشكل مجمل، مثل تشجيع على التعلم المستمر وتنمية المهارات، بهدف الحفاظ على القدرة التنافسية. كذلك تحقيق قدر من الاستقرار المالي، خاصة وأن بعض الأعمال قد يوفر دخل حقيقي بشكل أكبر مما يمكن الحصول عليه من خلال الوظائف التقليدية.