الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب.. ” العلم نورن ” فى وزارة الكهرباء !!
زف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خبرا سارا عظيما لا مثيل له لشعب مصر، وهو أن الحكومة المبجلة التي يترأسها، بارك الله لها، استجابت - بكل حنان ورعاية وعطف، ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها العالم أجمع - للعديد من الطلبات المقدمة من جانب نواب البرلمان، والمواطنين، بشأن تغيير مواعيد تخفيف أحمال الكهرباء خلال الفترة الحالية، وعدم انقطاع الكهرباء ليلاً، وذلك بالنظر لبدء أعمال امتحانات منتصف العام، حيث سيتم ضغط الفترة الخاصة بتخفيف الأحمال لتكون من 11 صباحاً وحتى الخامسة مساءً، على أن تعلن الوزارة جداول تخفيف الأحمال لكل منطقة (ساعتين لكل منطقة)، بحيث تنتهي فترة التخفيف في الخامسة مساءً .
الله الله على روعة وجمال تلك البشرى، فقد قدمت الحكومة بها للشعب المصري كل ما يحتاجه من عناية ورعاية واهتمام ، خاصة وأن الشعب المصري كان يعاني الأمرين من غلاء الأسعار ورفعها بصورة مبالغ فيها من قبل تلك الحكومة، وقد بدأ العام الجديد فارتفعت أسعار تذاكر المترو وباقات النت والمحمول وبعض السلع والخدمات الأخرى الخ، كما يئن الشعب ويعاني الأمرين من عدم توافر غرف الرعاية بالمستشفيات وارتفاع أسعار الأدوية الخ ، فكان الحل العبقري من الحكومة الذي يتلخص في عدم قطع الكهرباء ليلا ولكن قطعها نهارا !!
وطبعا في قطع الكهرباء نهارا من الفوائد ما لا يخفى على اللبيب، فالطالب الذي يريد أن يتفوق ينبغي له أن يذاكر ليلا لأن من طلب العلا سهر الليالي؛ لذلك كان القرار بعدم قطع الكهرباء ليلا حتى يستطيع الطالب المجتهد أن يذاكر ليلا ويتفوق، أما ذلك الطالب الكسول أو الذي يريد ان يذاكر نهار فعنده سطح منزله أو الشارع ليذاكر في نور الله وليس نور الحكومة، فهو لا يطلب العلا – من وجهة نظر الحكومة – لأن من طلب العلا سهر الليالي وأن وزارة الكهرباء ترفع شعار " العلم نورن " . كما أن في الليل يحلو السهر ولا يحلو السهر في النهار، والحكومة تريد السهر الجميل للمواطن والراحة، فقررت قطع الكهرباء نهارا وليس ليلا، أما العيادات والمستشفيات والحالات الطارئة من ولادة وغيرها التي قد تحدث نهارا وتحتاج كهرباء، فهناك عدة بدائل أما أن تضبط هذه الحالات حالاتها وتوفق أوضاعها مع انقطاع الكهرباء، فالحامل التي جاءها مخاض الولادة ينبغي أن تتحمل إلى ان تأتي الكهرباء ليتعود جنينها المولود على النظام الذي سيسير عليه في تلك الحياة الجميلة التي تهديها الحكومة للمواطنين، أو تعتمد العيادات والمستشفيات والأماكن التي تحتاج الكهرباء على المولدات وهذا أمر غير مستحب، وطبعا لن يتأتى سوى للأثرياء فقط الذين ينعمون بالكهرباء في كل الحالات .
الغريب في الأمر أن تلك الحكومة كانت قد أعلنت في بداية قطعها للكهرباء عن أسباب ذلك القطع، حيث ذكر المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن انقطاع الكهرباء في مصر أمر مؤقت، وسوف ينتهي سريعًا، فسبب انقطاع الكهرباء ارتفاع معدل درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية مقارنة بالأعوام السابقة، بالإضافة إلى زيادة استهلاك معدلات الغاز في مصر، والتي ارتفعت بنسبة 18% مقارنة بالعام الماضي. وعندما تتحسن ظروف الطقس وتقل درجات الحرارة لن تنقطع الكهرباء. وها نحن في أشد البرودة ورغم ذلك يزف إلينا رئيس الوزراء أن الكهرباء ستظل تنقطع لمدة ساعتين يوميا لكن ليس ليلا وإنما نهارا ! وقد أكد البعض أن سبب قطع التيار ليس درجة الحرارة ولكن لأن الحكومة تستهدف تخفيض استهلاك الغاز الطبيعى بنسبة 25%، وهو ما يوفر كميات من الغاز لتصديرها للخارج فى ظل ارتفاع السعر العالمى، مما يوفر العملة الأجنبية للدولة المصرية التي تستفيد من العملة الأجنبية في سداد فوائد الديون التي كبلت الحكومة بها مصر دون داع ملح سوى تدبيش الترع وإنشاء طرق وكباري وقطار سريع وعاصمة إدارية الخ من مشروعات كان من الممكن أن يتم تأجيلها حتى لا تتورط مصر في الاستدانة وتضطر لبيع الشركات الناجحة والأرضي للمستثمرين الأجانب مع قطع الكهرباء لسداد فوائد الديون .
وقد صرح مصدر مسئول في نهاية سبتمبر 2023 في مؤتمر حكاية وطن أن وزير البترول هو الذي يبيع تصديرا كمية الغاز التي تؤدي لقطع التيار عن المصريين، حيث تتحصل الوزارة يوميا على 300 مليون دولار عائد تصدير كمية الغاز للخارج بما يعني 108 مليار جنيه سنويا، ولا يوجد من يسدد للدولة هذا المبلغ؛ لذلك ستظل تقطع التيار عن المصريين من أجل ذلك العائد الذي يستغل لسداد فوائد الديون طبعا .
ونحن هنا نهدي فشل الحكومة - التي تتعامل مع مصر كأنها عزبة خاصة ورثتها عن آبائها وأجدادها فتقطع التيار وقتما تريد بسبب سوء تقديرها في تكبيل مصر بالديون وحتى تسدد هذه الديون على حساب المصريين الذين لم يطالبوا بتلك الديون ولم يؤخذ لهم رأي فيها – للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يقينا لن يرضيه ذلك الفشل، وسيلغي قطع التيار ساعتين يوميا على الشعب المصري، وليس مستبعدا أن يقيل تلك الحكومة الفاشلة التي لا تجد حلا لتسديد ديونها الخارجية سوى زيادة أسعار ما تقدمه للمواطنين مع فرض ضرائب على كل شيء، وقطع التيار عن المصريين في بجاحة منقطعة النظير .
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد مدير تحريرموقع بوابة الدولة الاخبارية والمتخصص فى الشئون الاقتصادية والمالية