عبدالرحمن سمير يكتب..من الخنساء إلى وائل دحدوح !
مقاربة قد تبدو بعيدة جدا لكن أرى جوانب مشتركة تجمع مجموعة من البشر غيرت الأحداث المفاجئة حياتهم وقلبتها رأسا على عقب .فإذا تأملنا حياة الشاعرة العربية تماضر بنت عمرو المعروفة بالخنساء والتى كانت شاعرة كبيرة فى الجاهلية وكيف اخذت تبكى موت أخيها صخر وترثيه بأبيات شعرية حزينة والتى قالت فيها : يذكرنى طلوع الشمس صخرا واذكره لكل غروب شمس ولولا كثرة الباكين حولى على إخوانهم لقتلت نفسى .ثم يأتى الإسلام وتسلم الخنساء ويحسن إسلامها وتحضر معركة القادسية بين المسلمين والفرس ويكون فى المعركة أولادها الأربعة وتحمسهم أمهم المسلمة العظيمة وتقول لهم أقبلوا على عدوكم مستبسلين ولا تتراجعوا ويستشهد أبناؤها الأربعة ويبلغها خبر استشهادهم ويحدث التحول العجيب المدهش، المرأة التى بكت أخاها كثيرا؛ وكادت تقتل نفسها حزنا عليه يبلغها خبر استشهاد اولادها الأربعة فتقول بكل ثبات ورابطة جأش تُحسد عليها (الحمدلله الذى شرفنى باستشهادهم وأتمنى أن يجمعنى الله بهم فى مستقر رحمته). وائل دحدوح صحفى فلسطيني يعمل مراسلا لقناة الجزيرة ورغم صعوبة عمله إلا أنه حتى أحداث السابع من أكتوبر كان مراسلا محترفا مثله مثل باقى صحفى الجزيرة تمر عليه اوقات عصيبة بحكم عمله فى الأراضى المحتلة وفى كثير من الأحيان يتعرض لأخطار المهنة من قصف العدو الإسرائيلي لمناطق فى غزة .لكن فجاه يصبح وائل دحدوح أيقونة لكل صحفى فى العالم .يصبح أيقونة فى الصبر وقوة التحمل ورابطة جأش غير عادية .فجاة يصبح أيقونة لكل عربى ومسلم وإنساني فى هذا العالم. تحول دراماتيكي فى حياة وائل دحدوح ، تأتى أحداث السابع من أكتوبر ويواصل دحدوح عمله الصحفى تحت وابل القصف الهمجي من المحتل الإسرائيلي ليفقد افرادا من أسرته ويقول كلمة ستظل عالقة في اذهان الضمير العالمی(بينتقموا منا فى أولادنا . معلش) ورغم ألم الفراق وصعوبته واحساسه بالعجز عن حماية أسرته يستمر دحدوح فى عمله مخاطرا بحياته متحملا الصعوبات والآلام ثم يشهد أصعب لحظات يشعر بها أى أب ووالد و هو مقتل ابنه المراسل الصحفي (حمزة ) أثناء عمله كمراسل فى غزة باستهداف صاروخ لسيارته واستشهاده . ويودعه للمرة الأخيرة وتذرف الدموع منه وهو يحتضنه إلى مثواه الأخير .لكنه يذهل الجميع بثباته وقوة صبره وإيمانه ويكمل عمله الصحفى ونقل الحقيقة حقيقة هذا المحتل الإسرائيلي المجرم الذى يستمر في القتل والتدمير . شخصية وائل دحدوح والخنساء غيرتهما الأحداث المفاجئة تغييرا جذريا وشاملا . فالخنساء غيرها اعتناقها الإسلام ودحدوح غيرته أحداث السابع من أكتوبر للأبد