الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب .. ” يوم الشهيد ” يستقبل شهر الإنتصارات
بداية كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم اعاده الله عليكم وعلينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات ذلك الشهر الفضيل الذى سطرت فيه الأمة الإسلامية أعظم ملاحم النضال ورفعت فيه رايات النصر ضد الطغاة أعداء الأمة والأوطان العربية.
ونحن نستعد بعد ساعات لإستقبال هذا الشهر الكريم تمر علينا اليوم ذكرى عظيمة مجيدة ستظل خالدة تاريخ الوطن وهى " يوم الشهيد " ونحن فى هذه المناسبة الوطنية الجليلة نقف حدادا على روح كل شهيد قدم حياته فداء للوطن بعد عزفت دمائه الذكية الطاهرة أنشودة الحرية.
وقد يتسائل البعض عن سبب إختيار هذا اليوم التاسع من مارس من كل للإحتفال بيوم الشهيد فذلك اليوم هو اليوم الذى أستشهد الفريق محمد عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة وصاحب التمثال والميدان الشهير بقلب القاهرة بميدان التحرير .. وإلى تفاصيل تلك الحكاية التى تعد ملحمة وطنية سطرت نفسها بأحرف من ذهب فى دفتر أحوال تاريخ مصر.
هو محمد عبدالمنعم محمد رياض عبدالله، ولد فى قرية سبرباى مركز طنطا محافظة الغربية، فى الثانى والعشرين من أكتوبر عام 1919، وكان والده القائمقام محمد رياض عبدالله ضابطا أيضًا، وتولى قيادة بلوكات الطلبة بالكلية الحربية المصرية، وكان إخوته جميعًا بنات وبنين من المتفوقين والعلماء، وبعد حصوله على التوجيهية من مدرسة الخديو إسماعيل التحق بكلية الطب ومكث فيها عامين، ولكن دماء العسكرية المصرية السارية فى خلاياه جعلته يتركها ويلتحق بالكلية الحربية ليتخرج عام 1938 وينال شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944، وكان ترتيبه الأول، وفى إنجلترا أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز عامى 1945 و1946 وأجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وانتسب فى مسيرته المعرفية والعلمية لكلية العلوم لدراسة الرياضة البحتة، وكلية التجارة ليدرس الاقتصاد، ثم حصل على زمالة كلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية عام 1966.
ولم يتوقف عبدالمنعم رياض عن التحصيل العلمى والعسكرى طيلة السنوات منذ تخرجه، ولقب بـ«الجنرال الذهبى» بعد أن حصل على تقدير امتياز بعد إتمام دورة تكتيكية تعبوية فى الأكاديمية العسكرية السوفيتية العليا عام 1959.
وقد رقى عام 1966الى رتبة فريق، وعين قائدًا لمركز القيادة المتقدم فى عمان، وعين بعد نشوب حرب 1967 قائدًا عامًا للجبهة الأردنية، ثم فى يونيو عام 1967 اختير رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وبدأ مع وزير الحربية والقائد العام الجديد للقوات المسلحة الفريق أول محمد فوزى إعادة بنائها وتنظيمها، ومنذ توليه مهمته كرئيس للأركان واشتعال حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيونى توالت المعارك البطولية ضد العدو، مثل معركة رأس العش التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد أواخر يونيو 1967، ثم تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967 وغيرهما، وفى يوم 9 مارس 1969 توجه الفريق رياض إلى الجبهة الأمامية ليشرف عمليًا على تنفيذ الخطة المصرية لتدمير خط بارليف بعد أن انطلقت نيران الجيش المصرى الباسل على طول خط الجبهة يوم 8 مارس 1969، واتجه الرجل إلى أكثر المواقع تقدمًا ليرى عن قرب نتائج المعركة ويشارك جنوده، ولم يكن الموقع الذى وصل إليه يبعد إلا بمائتين وخمسين مترًا من مرمى النيران الصهيونية، وهو الموقع رقم 6 الذى كان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو، واشتعلت المعركة وانهالت نيران العدو على الموقع والقائد يقود المعركة بنفسه لنحو ساعة ونصف الساعة، ولتنفجر إحدى دانات المدفعية المعادية بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها، وليستشهد نتيجة إصابته من الشظايا وتفريغ الهواء.
وكانت جنازة الشهيد الفريق محمد عبدالمنعم رياض بدورها صفحة أخرى خالدة فى مسيرة شعب مصر، حيث تقدمها الرئيس جمال عبدالناصر ومضت الملايين تشيعه، وقد وصلت أنباء الى الزعيم جمال عبد الناصر بأنه سوف يتم استهدافه خلال مشاركته فى تشييع جثمان الشهيد العظيم ورد الزعيم بنظرة صارمة وبغير كلام ، ومضى يتقدم الموكب البطولى إلى نهاية التشييع ليوّدع واحدا من أبطال الوطن بكل شجاعة وبسالة.