ندوة بثقافة كفر الشيخ عن ”البر والإحسان إلى الوالدين”
نظم قصر ثقافة كفرالشيخ، اليوم الخميس، بالتعاون مع منطقة وعظ كفر الشيخ، الندوة الدينية التثقيفية بعنوان: "البرُّ والإحسان إلى الوالدين حقوق على الأبناء"، حاضر فيها الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، بحضور الدكتور أحمد الشهاوى، مدير عام فرع ثقافة كفر الشيخ، تنفيذًا للحملة الدعوية التي أطلقها مجمع البحوث الإسلامية لتفعيل دور الأزهر في تأصيل وترسيخ القيم الأخلاقية داخل المجتمع.
أكد الدكتور صفوت محمد عمارة، أحد علماء الأزهر الشريف، على أنَّ القيم الأخلاقية عبارة عن مجموعة من المبادىء والقواعد التي تنظم السلوك الإنساني، وتحدد العلاقات بين الناس، ومن أهم هذه القيم الأخلاقية علاقة الأبناء بالوالدين؛ فلقد اتفقت جميع الشرائع السماوية على برِّ الوالدين والإحسان اليهما؛ لأن ذلك هو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، ولقد أوجب اللَّه عزَّ وجلَّ للوالدين حقوقًا على الأبناء، وأهم هذه الحقوق البرُّ والإحسان اليهما؛ فقد قرن اللَّه تعالى بين برُّ الوالدين والإحسان إليهما بالأمر بعبادته وتوحيده وعدم الإشراك به في كل الآيات التي تأمر ببرِّ الوالدين؛ فقال اللَّه تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36].
وأضاف «عمارة»، أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ أوجب للوالدين حقوقًا على أبنائهم، أولها وأهمها «حق الإحسان»؛ فهو حق يفوق بكثير «حق البرّ»؛ لأنه عطاء شامل يقدمه الإنسان لمن كانا سببًا في وجوده ثم ربياه، وسهرا على راحته وعلماه وأنفقا عليه، وقدما له كل عطف وحنان ورعاية من دون انتظار المقابل.
وقال الدكتور صفوت عمارة، إنَّ اللَّه تعالى جعل طاعة الوالدين من طاعته ومعصيتهما من معصيته، والإحسان إليهما ليس منحة عاطفية وإنما هو أمر إلهي صريح في قوله تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24]؛ أي: أحسنوا إلى الوالدين إحسانًا بكل ما تستطيعونه من القول الطيب والأفعال الحسنة التي تدخل السرور إلى قلبيهما، ولا تسمعهما قولًا سيئًا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما دائمًا قولًا لينًا لطيفًا، وألن جانبك وتواضع لهما بتذلّل وخضوع من فرط رحمتك وعطفك عليهما وأدع لهما بالرحمة وقل في دعائك يا رب ارحم والديَّ برحمتك الواسعة، كما أحسنا إليَّ في تربيتهما حالة الصغر.
وأوضح «عمارة»، أنَّ أعظم هدية للوالدين هي برُّهما، ومن المعلوم أنه أعظم الأسباب لدخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف». قيل: من يا رسول الله؟ قال: «من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة» [رواه مسلم]. أي لُصق أنفه بالرَّغام وهو التراب المختلط بِالرمل؛ والمراد به: الذل والخزي، وكررها ثلاثًا؛ فبرّهما عند كبرهما وضعفهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة؛ فمن قصر في ذلك فاته دخولها.
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى تقديم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، الإحسان إلى الوالدين على الجهاد في سبيل اللَّه، وذلك تأكيدًا على حقوقهما؛ فعن عبداللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فاستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك؟». قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد» [رواه البخاري ومسلم]. أي ابذل جهدك في إرضائهما وبرّهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل اللَّه تعالى، وكأنما رعايتهما وبرّهما جهاد في سبيل اللَّه، بل هو أفضل؛ اللهم اجعلنا وإياكم من البارّين بوالديهم.