المفتى: الانتصار في غزوة بدر لم يأتِ من قبيل خوارق العادات
قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، أن المتأمل في قرون التاريخ المتعاقبة يجد أن أغلب ملاحم المسلمين وانتصاراتهم قد وقعت في شهر رمضان المبارك، ابتداء من معركة بدر الكبرى في السابع عشر من رمضان للعام الثاني من الهجرة النبوية والتي تُعَدُّ مَعلمًا عريقًا ودستورًا مستقيمًا، انبثقت عنه قيم البذل والتضحية في أبهى صورها؛ حيث أثبت صدر الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم عمليًّا أنهم أهل للعطاءِ والفداء.
وأردف: والملاحظ أن الانتصار في ملحمة بدر الكبرى لم يأتِ من قبيل خوارق العادات، بل كان فيه التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة، مع مراعاة الأخلاق والقيم؛ كالصدق والتواضع والوفاء بالعهد والعفو، والمساواة.
وشدد مفتي الجمهورية على أن الحرب في الإسلام حرب في غاية النقاء والطهر والسمو، وهذا الأمر واضح تمام الوضوح في جانبي التنظير والتطبيق في دين الإسلام وعند المسلمين.
وأضاف: وما كان هذا التوفيق الإلهي والنجاح الباهر للمسلمين على الأعداء الطامعين في مقدرات المسلمين ومكتسباتهم والمهددين لاستقلالهم وأمانهم واطمئنانهم إلا بأنهم تحلَّوا بالعزيمة الصادقة والإرادة القوية والمحافظة على أنفسهم من الانحدار في الاستعباد للشهوات والانسياق وراء المغريات، وهي سماتٌ مكتسبةٌ من الصوم الذي يشترط في أدائه أن يكونَ إيمانًا واحتسابًا مع إقامة واجبات هذه الشعيرة الإيمانية وسُننها وآدابها، وهذه الضوابط والآداب تورِّث التعلق بالله تعالى ومراقبته على الدوام، وتَبُثُّ لدى الصائمين التحقق بأسباب القوة وعلو الهمة والانتصار على شهوات النفس، ورغم أن المعارك عنوان الحرب والقتال، لكن هذه المعركة الخالدة تؤكد كغيرها أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة على التعايش والميل إلى السلام والالتزام بالقيم والأخلاق وبذل البر والمعروف دون تمييز أو تفرقة، فقد تحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ألوان العذاب وصبروا على الإيذاء قبل هذه المعركة بخمس عشرة سنة.