الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب ... تشابه الأسماء .. محنة يومية يتعرض لها الأبرياء
بعد ظهر يوم الأحد الماضى الموافق ١٤ إبريل ٢٠٢٤ إستقل رجل يُدعى محمد صلاح الدين مرسى ( ٥٧ سنة ) مقاول نقاشة ويقيم بحى الشرابية سيارة ميكروباص من محطة شادر السمك بشارع بورسعيد متجها لقضاء بعض إحتياجات عمله من باب الشعرية ، وعند منتصف كوبرى غمرة إستوقف السيارة عدد من أفراد قسم شرطة الظاهر والذين قاموا بالكشف على بطاقات الرقم القومى لركاب السيارة ووجدوا أن " محمد صلاح " صادر ضده حكم غيابى لمدة شهر فى مشاجرة بحى المقطم منذ ٤ سنوات ، حاول الرجل أن يقنع رجال الشرطة أنه من المؤكد أن هناك سوء تفاهم حيث لم يسبق له أن تشاجر مع أحد ولم تطأ قدمه حى المقطم مطلقا ولكن رجال الشرطة اقتادوه إلى القسم وتم وضعه فى غرفة الحجز وهى غرفة صغيرة لا تسع أكثر من عشرة ولكن كان نزلائها يتجاوزن الخمسون فردا معظمهم من المسجلين خطر ومعتادى الإجرام.
حين علم أهل محمد صلاح بالأمر توجهوا إلى القسم وتحدثوا مع عدد من المسئولين محاولين توضيح أن الأمر لن يخرج عن كونه تشابه فى الأسماء ولكن دون جدوى حيث أصر المسئولون على إستمرار إحتجازه لحين توجهه إلى النيابة فى اليوم التالى لعمل معارضة على الحكم.
قضى الرجل ساعات عصيبة وسط عدد من الخارجين على القانون الذين مارسوا معه كل وسائل وفنون البلطجة والإجرام ذاق خلالها مرارة الذل والهوان.
وفى صباح اليوم التالى وفى تمام الساعة العاشرة قام مسئولى القسم بترحيل الرجل إلى محكمة زينهم حيث تم عرضه على نيابة المقطم والتى أكدت أن الحكم صادر ضد رجل يحمل نفس الاسم ولكنه مسئول بإحدى الشركات.
وهنا لنا وقفة مع ذلك القاضى الذى أصدر حكما ضد متهم لا توجد عنه أى معلومات سوى الإسم الثلاثى متجاهلا أى بيانات أخرى مثل الرقم القومى والعنوان غير مدركا تكرار الأسماء وما يمكن أن يتسبب ذلك فى تعرض أبرياء لمواقف مأساوية صعبة.
وجاء قرار النيابة بالإفراج عن محمد صلاح " البرىء " ، وقد يظن البعض أن الأمر إنتهى وأن الرجل سيعود إلى منزله بعد أن يقدم له المسئولون الورود إعتذارا على هذا الموقف العصيب غير المقصود محاولين إرضائه وليس مستبعدا ونحن فى دولة من المفترض أنها تراعى حقوق المواطن وتحافظ على آدميته وكرامته أن يتقدم المتسببون عن هذا الأذى والضرر الذى تعرض له الرجل بتقديم تلغرافات تتضمن كلمات تحمل كل معانى الإعتذار وأيضا الشكر على تحمل سوء معاملة أفراد أمن القسم وغير مستبعد أن تتم دعوته لحفل عمرو دياب بشرم الشيخ بمناسبة عيد شم النسيم حتى ينسى الرجل تلك الليلة السوداء .. ولكن شيئا من هذا لم يحدث فبدلا من الإفراج عنه من سراى النيابة تمت اعادته إلى القسم مرة أخرى بعد هذا " الكعب الداير " بحجة أنه قد يكون مطلوب على ذمة قضايا أخرى كما لو كان الرجل " ملطشة " لكل من صدر ضده حكم غيابى!!.
بالفعل عاد صلاح إلى قسم الظاهر ورفضوا الإفراج عنه بلا أى داع مؤكدين أنه لابد من حضوره أمام رئيس مباحث القسم فيما يسمى ب " العرض " .. وعادت مأساة الرجل مرة جديدة مع الحجز المتضخم بالبشر والذى لا يتحمل قيد أنملة وعاش نحو ثمانية ساعات جديدة مع محترفى الإجرام والبلطجية وتجار المخدرات والنشالين خاصة وأن العرض هذا تأخر نظرا لأن رئيس المباحث كان فى خدمة مباراة الأهلى والزمالك ومع ساعات اليوم الجديد تنفس الرجل الصعداء وتم الإفراج عنه دون أن يتم عرضه على رئيس مباحث القسم !!.
التشابه فى الأسماء أمر يحدث كثيرا فى ظل التقدم المزعوم الذى تتشدق به الحكومة فى قاعدة البيانات و الإعتماد على التكنولوجيا الحديثة ، وإهدار كرامة المواطن أمر مرفوض تماما من حكومة جائت بعد العديد من المراحل الثورية التى قدمنا فيها الغالى والنفيس من أجل الإطاحة بكل الأنظمة الفاسدة والفاشية التى سعت إلى السيطرة على مقدرات الوطن الغالى ، ولقد آن أوان التحرر من كل القيود التى تحول دون تعرض أى مواطن لمختلف أنواع الظلم ، والتطهر من كل مظاهر التخلف التى تتمثل فى تعرض الأبرياء للمهانة فى الوقت الذى يذوق فيه الجناة طعم الراحة والهناء .. إنتبهوا أيها السادة
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والاقتصادى