محمد التابعي.. «بارون الصحافة» وأميرها المتوج| صور نادرة
يعد بحق أسطورة الصحافة على مدى نصف قرن وأحد من أبرز من عمل فى بلاط صاحبة الجلالة ومن شرفاء العلم وفرسانه، نال العديد من الألقاب منها "طائر الصحافة المُغرد" و"أسطورة الصحافة المصرية"، وأميرها المتوج، "دونجوان الصحافة"، هو أول صحفى مصرى يُسجن بين عامي 1929 و1933م مرتين، ووصفه صديق عمره وتلميذه مصطفى أمين قائلا:"عاش حياته بالطول والعرض، ذاق الفراق ذاق الفقر واستمتع بحياة الملايين".
عاش التابعي حياته بكل المتناقضات فذاق القهر والحرمان واستمتع بالحياة كأصحاب الملايين، عشق الراقصات والأميرات، نام على مقعد في بدروم بعمارة الشاعر أحمد شوقي بشارع جلال، حيث كانت إدارة مجلة "روز اليوسف" في أيامها الأولى، ونام في الجناح الملكي بفندق"جورج سانك" بباريس، كان يركب الدراجة وينتقل بها من إدارة المجلة إلى المطبعة، وامتلك السيارات من أحدث طراز في زمن كانت السيارة وقفاً على الباشاوات والأغنياء .
ذاق الجوع والحرمان في بداية حياته، ثم بعد سنوات قليلة أصبح يقيم في بيته مآدب ملكية يحضرها الوزراء والعظماء وتغنى فيها أم كلثوم وأسمهان وليلى مراد.
وُلد في 18 مايو 1896م في بورسعيد أثناء تصييف عائلته، وحصل على الابتدائية من المدرسة الأميرية الابتدائية بالمنصورة في 1912م، ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية ثم بمدرسة داخلية في محرم بك بالإسكندرية، وحصل على التوجيهية عام 1917م، والتحق بحقوق القاهرة، وعكف على قراءة الأدب المترجم.
انقطع فترة عن الدراسة وعمل لفترة قصيرة موظفًا في وزارة التموين بالسويس، كما عمل موظفًا في مصلحة السجون، ثم مترجمًا في سكرتارية مجلس النواب بالقاهرة وواصل دراسته من جديد بكلية الحقوق وتخرج فيها عام 1923م.
بدء أولى خطواته في عالم الصحافة بالعمل ناقدًا فنيًا في جريدة "الأجيبسيان جازيت" وكان يوقع مقالاته الفنية بداية بإمضاء (حِندس)، إلا أن باب الشهرة فُتح إليه عندما كتب نقدًا فنيًا لمسرحية "غادة الكاميليا" ونشر المقال في جريدة الأهرام، بعدها بدأ التابعي يكتب في عدة صحف في وقت واحد مثل:(الأهرام والسياسة، وأبو الهول، والنظام، والاجيبسيان جازيت) موقعا بنفس توقيعه "حندس".
دعته فاطمة اليوسف في 1925م للانضمام لمجلتها "روز اليوسف"، إلى جانب العقاد والمازني فوافق على الفور، ثم عهدت إليه بها مع سفرها إلى أمريكا 1928م فحولها من مجلة فنية أدبية إلى مجلة سياسية، وارتفع توزيعها ونادي باعة الصحف عليها باسم التابعي، وظل رئيسُا لتحريرها ست سنوات حقق فيها نجاحًا هائلاً، وكان مقالاً واحدًا للتابعي كفيلاً بتغيير وزارات عتيدة من على كراسي السلطة، واستطاع أن يكون دائرة كبيرة من العلاقات التي تقوم على الصداقة مع كافة نجوم المجتمع من السياسيين ورجال الأدب والثقتافة والفكر والفنانين.
سُجن في 12 مايو عام 1933م، وظل به لمدة أربعة أشهر؛ لاتهامه بسب وقذف وزير العدل آنذاك أحمد باشا على، والنائب العام محمد لبيب عطية باشا.
أصدر محمد التابعي في عام 1934م مجلة "آخر ساعة" التي عمل فيها التوأم مصطفى وعلى أمين، وفى عام 1936م اشترك مع محمود أبوالفتح وكريم ثابت في إصدار جريدة "المصري"، لكنه سرعان ما تركها وباع نصيبه إلى مصطفى النحاس باشا.
أصدر مصطفى وعلى أمين في عام 1944م جريدة أخبار اليوم ووجها الدعوة لمحمد التابعي لكي ينضم إليهما وانضم بالفعل، وما لبث أن تنازل عن امتياز مجلة "آخر ساعة" لمصطفى وعلى أمين، وعمل مديرًا لتحرير "الأخبار" التي صدرت عام 1952م.
وفى بداية الستينيات تم تأميم دور الصحف المصرية ومن بينها دار أخبار اليوم وتحولت إلى مؤسسة واختير محمد التابعي ليكون أول رئيس لمجلس إدارتها، وظل يكتب مقالاته الأسبوعية في أخبار اليوم وآخر ساعة إلى جانب يومياته في الأخبار.
تتلمذ علي يديه العديد من الصحفيين، منهم توأم الصحافة مصطفى وعلى أمين، وكامل الشناوي، وأحمد رجب، وإحسان عبد القدوس وآخرهم كان هيكل، وترك مجموعة من الكتب منها: من أسرار الساسة والسياسة، بعض من عرفت، أسمهان تروي قصتها، ألوان من القصص، عندما نحب، لماذا قُتل؟، جريمة الموسم، رسائل وأسرار، حكايات من الشرق والغرب، 3 قصص في كتاب واحد، ختام القصة، ليلة نام فيها الشيطان، قصة القصة والمؤلف، أحببت قاتلة، صالة النجوم.
تزوج وهو في الستين السيدة هدى حسن القرني وكان فارق السن 28 عاما، وعُرفت بهدى التابعي ورزقا بمحمد وشريفة، وبعد حياة لامعة مفعمة بالعمل والجهد رحل عن عالمنا رائد الصحافة في 24 ديسمبر 1976.