دبلوماسيون: خطاب الرئيس السيسى أمام المنتدى العربى الصينى وجه رسائل دقيقة
"رسائل محددة ودقيقة" وجهها خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزارى العاشر لمنتدى التعاون العربى الصينى، الذى عقد بالعاصمة بكين، بمشاركة الرئيس الصينى شى جين بينج وعدد من القادة العرب، لبحث أوجه العلاقات العربية الصينية وسبل تعزيزها.
وقد أجمع دبلوماسيون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، اليوم الخميس، على أن كلمة الرئيس في منتدى التعاون العربى الصينى ركزت على نقطتين رئيسيتين، الأولى دعوة الأطراف الفاعلية بالمجتمع الدولي مرة أخرى للاضطلاع بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، والثانية أنذرت العالم بأن الأمن المائي هي قضية وجودية ولن نسمح بالعبث بأمن واستقرار دولنا وشعوبنا.
وفي هذا الإطار ، أكد رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، السفير محمد العرابي ، أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام منتدى التعاون العربي الصيني، تطرق إلى قضيتين ملّحتين وهما القضية الفلسطينية والأمن المائي العربي، علاوة على الحديث عن تعزيز العلاقات مع بكين وفتح آفاق أوسع للتعاون.
ولفت وزير الخارجية الأسبق إلى أن كلمة الرئيس السيسي جاءت في توقيت شديد الحساسية والخطورة إذ تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تصعيداً إسرائيلياً غير مسبوق على قطاع غزة، وصل إلى حد ارتكاب جرائم إبادة جماعية و استهداف النازحين في الخيام بمدينة رفح الفلسطينية وكذلك بمنطقة المواصي التي طالب جيش الاحتلال النازحين باللجوء إليها .
وأشار العرابي إلى أن الرئيس السيسي كان حريصاً على وضع الجانب الصيني في الصورة فيما يتعلق بالقضايا الملحة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ويعول على مصداقيتها العرب في دعم قرارات وقف إطلاق النار داخل القطاع ودخول المساعدات الإغاثية لأهل غزة.
وأبرز أن دعوة الرئيس السيسي، في كلمته، لكافة أطراف المجتمع الدولي الفاعلة للاضطلاع بمسئوليتهم لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، تعكس ثبات الموقف المصري الراسخ تجاه التعاطي مع الأوضاع في فلسطين منذ اليوم الأول للحرب، حيث أعلت القاهرة عدة مبادئ يرتكز عليها موقفها الثابت، ومن أهمها ضرورة وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والرهائن، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية تقوم على أساس "حل الدولتين".
ونوه إلى أن الرئيس السيسي نبه في كلمته بضرورة العمل دون إبطاء لوضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية على غزة، والتصدي لمحاولات تهجير الفلسطينيـين من أراضيهم، ومنح الفلسطينيين حقهم المشروع في الحصول على دولتهم المستقلة.
وسلط العرابي الضوء على العلاقات العربية الصينية المتميزة والتي تقوم على مجموعة من الأسس الراسخة، منها الحرص المتبادل على أمن واستقرار ومصالح الشعوب، ورفض الاعتداء على السيادة، مشدداً على أن تلك العلاقات مثلت ركيزة من ركائز الاستقرار الدولي.
من جهته، يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير أيمن مشرفة إن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام المنتدى العربي الصيني بعث بعدة رسائل هامة أولها التأكيد على الموقف المصري الثابت، والمتطابق مع الصين، فيما يخص أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والعمل دون إبطاء على الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة لوضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية.
وشدد مشرفة على أهمية إعادة تأكيد الرئيس السيسي على رفض كل محاولات التهجير القسـري للفلسـطـينيين من أراضــيهم، مذكراً بأن مصر هي من نبهت العالم منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي بمخطط التهجير من أجل تفريغ قطاع غزة من السكان، وتصدت ولازالت لتلك المحاولات التي تهدد السلم والأمن الدوليين.
وسلط الضوء على حديث الرئيس السيسي ايضاً عن أهمية قضية الأمن المائي العربي، إذ إن مصر انخرطت بحسن النية لأكثر من عشر سنوات في مفاوضات مع الجانب الإثيوبي نطراً لأن تلك القضية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب المصري، مثمناً تحذير الرئيس من أننا لن نسمح بكل ما من شأنه العبث بأمن واستقرار دولنا وشعوبنا.
ونبه مشرفة، في هذ الصدد، بأن مصر لن تتوانى وسوف تبذل كل الوسائل للحفاظ على أمنها المائي الذي يعد خط أحمر والمساس به يعني التهديد الوجودي لشعبها.
وأبرز أهمية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين مصر والصين، والتي تحتفل بعامها العاشر بعد أن حققت أهدافها و نجاحات كبيرة على كافة الأصعدة، علاوة على المبادرات الصينية المهمة وعلى رأسها "الحزام والطريقة، وتكاملها مع "رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة" .
وذكر بأن الرئيس السيسي يحرص منذ توليه الرئاسة في العام 2014 على زيارة الصين إدراكاً لأهمية ومكانة تلك الدولة التي تربطها بالعالم العربي علاقات طيبة ومتميزة علاوة على مواقفها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية إذ كانت من أوائل الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية وتدعم حل الدولتين.
ونوه بأن الصين دولة محايدة تحترم القانون الدولي و لديها مواقف متطابقة ومتشابهة مع مصر إزاء العديد من القضايا الدولية والاقليمية، وتحظى باحترام وتقدير من قبل مختلف دول العالم.
بدوره، أوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، أن كلمة الرئيس السيسي أمام المنتدى تناولت في نقاط محددة وسريعة أبرز ما يشغل العالم العربي و منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي: القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال إن الرئيس السيسي ذكر العالم في كلمته بأنه لا يوجد سبيل للوصول إلى السلام والاستقرار الإقليمي والدولي إلا من خلال المعالجة الشاملة لجذور القضية الفلسطينية وذلك عبر الالتزام الجاد والفوري بحل الدولتين، مع التشديد على ضرورة وضع حد للمأساة والكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة من خلال وقف الحرب والقتال فوراً وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وعدم التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم.
وأشار السفير رخا إلى أن الرئيس جدد دعوته للمجتمع الدولي لضرورة الاضطلاع بدوره وتحمل مسؤوليته لوقف الحرب الإسرائيلية وإعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة.
واختتم بأن الرئيس السيسي حرص كذلك في حديثه على التنويه بالتطور الملحوظ الذي حققته الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين على مدار عشر سنوات وما أسفر عنها من ارتقاء بالعلاقات الثنائية بين القاهرة وبكين ما يصب في مصلحة جهود مصر لتحقيق التنمية المستدامة، علاوة على ضرورة تنمية العلاقات بين الصين والعالم العربي في ضوء حرص الجانبين على تعزيز التعاون المشترك بما يحقق أهداف المنتدى لاسيما السياسية والاقتصادية.