30 يونيو.. إرادة شعب ومسيرة وطن.. آفاق جديدة لعلاقات مصر بالدول الآسيوية
مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، لقد مضى عهد التبعية فى تلك العلاقات التى ستحدد من الآن فصاعدا طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى.
وتعد مصر نقطة توازن الاستقرار في الشرق الأوسط، ممر عبور تجارة العالم الدولية، مركز الإشعاع الديني في العالم الإسلامي بأزهرها الشريف وعلمائه الأجلاء، ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية كمبادئ أساسية لسياساتها الخارجية في المرحلة المقبلة.
كلمات جاءت على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطاب التنصيب 2014، رسم معها ثوابت السياسة الخارجية للجمهورية الجديدة في مرحلة ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو.
الرئيس السيسي أكد في ذات الخطاب أن علاقاتنا الدولية المقبلة ستكون علاقات ديمقراطية متوازنة ومتنوعة لا بديل فيها لطرف عن آخر، فمصر تستطيع الآن أن ترى كافة جهات العالم، مصر الجديدة ستكون منفتحة على الجميع لن تنحصر في اتجاه ولن تكتفى بتوجه.
نسق ثابت للسياسة الخارجية المصرية منذ 2014 مع تسلم الرئيس السيسي مقاليد الحكم في البلاد؛ ودبلوماسية ترتكز على تنويع التحركات انطلاقا من مبادئ الاحترام المتبادل والندية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها واستقلالها مع التشديد على تماسك المؤسسات الوطنية للدول للحيلولة دون تهاويها ونشر الفوضى بها لاسيما في المحيط الإقليمي، تواصله مصر على مدى أكثر من عشرة سنوات.
وجدد الرئيس السيسي التأكيد، من قلب العاصمة الإدارية الجديدة في كلمته بمناسبة أدائه اليمين الدستورية بمجلس النواب في أبريل الماضي، أن على صعيد علاقات مصر الخارجية تأتي أولوية حماية وصون أمن مصر القومي في محيط إقليمي ودولي مضطرب ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف في عالم جديد تتشكل ملامحه وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.
ومن هذا المنطلق تكللت جهود القيادة السياسية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية وأجهزة ومؤسسات الدولة منذ نحو عقد من الزمن- في إقامة علاقات متوازنة مع كافة الدول ووشائج تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية مع كافة البلدان حول العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا- بنجاح كبير استعادت من خلاله مصر مكانتها الدولية والإقليمية.
استقرار راسخ وتنمية شاملة في إطار الجمهورية الجديدة انعكس بالتبعية في تحركات واعية لسياستها الخارجية التي باتت واضحة الملامح في توجهاتها، وزادت من ثقتها في تحركاتها الدولية والإقليمية في منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية.
تنوع وتعميق للعلاقات مع مختلف دول العالم كان عنوانا لسياسة مصر الخارجية منذ 2014، وكانت الدائرة الآسيوية محط اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ الفترة الرئاسية الأولى، وشهد التوجه نحو آسيا دفعة قوية، كما تم فتح آفاق لعلاقات جديدة بدول آسيوية لم يقوم بزيارتها أي رئيس مصري من قبل، وكذلك عودة الزيارات التي انقطعت لدول آسيوية عظمى، وتجسد ذلك في جولات الرئيس الآسيوية وزياراته الرسمية إلى كل من "سنغافورة والصين وإندونيسيا ودول كازاخستان واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام"، والتي استهدفت الاستفادة جميعها من خبرات وتجارب هذه الدول في المجالات التنموية والتعليم والصناعة وتنمية الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات، وأثمرت عن توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في هذه المجالات.
ويؤكد وزير الخارجية سامح شكري، خلال جلسة السياسة الخارجية والأمن القوم في إطار مؤتمر (حكاية وطن 2023)، "أنه كان من الأهمية أن تصيغ الدولة لسياسة خارجية تتسق مع رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتحدد هذه الخصائص في التوازن والتنوع في العلاقات وتجنيب الاستقطاب، ودعم الاستقرار الإقليمي والدولي، مركزية الدور للمواطن في السياسة الخارجية والاهتمام بالبعد الاقتصادي والتنموي، استباقية تتعامل مع التحديات البازغة وسياسات ذات أدوات حثيثة تواكب متطلبات العصر" .
وأوضح شكري أن هذه لم تكن هي العناصر الوحيدة، وإنما كان من الضروري لمواجهة التحديات المرتبطة بالأوضاع السابقة لـ 2014 أن تكون هناك رؤية وعزيمة وإرادة، بالإضافة إلى ذلك خاصية استأثرته على المستوى الشخصي في إصرار الرئيس السيسي بأن ترتكز السياسة الخارجية المصرية على مبادئ إنسانية وأخلاقية؛ مستمدة من تراث هذا الوطن الحضاري والديني، مبادئ للتعاون لتحقيق الاستقرار ليس فقط لمصر ولكن لمحيطها الإقليمي والدولي، وعدم التآمر والعمل على الخير وأيضا عدم زعزعة استقرار الآخرين من أجل تحقيق مصالح ذاتية".
وقال وزير الخارجية: إنه تم الاعتماد بشكل رئيسي على دبلوماسية القمة التي فتحت آفاقا جديدة وبنت علاقات تتسم بالاحترام المتبادل والثقة لما قدمه الرئيس السيسي من جهد وطرح رؤية تتسم بالتوازن والاهتمام بأن تكون العلاقات مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل ومراعاة الظروف المحيطة بكافة الشركاء.. مع الارتقاء بالعلاقات إلى شراكات استراتيجية كاملة لمجموعة من الدول المؤثرة مثل الصين وروسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية؛ مضيفا أن تحقيق التوازن والتنوع في سياسة مصر الخارجية، يتطلب تعزيز العلاقات الثنائية مع الشركاء، من خلال تكثيف التواصل على المستوى الثنائي لبناء الثقة وتعظيم المصالح المتبادلة، والاعتماد على دبلوماسية القمة لفتح آفاق جديدة للتعاون وبناء العلاقات.
وفي هذا الإطار جاء حرص مصر خلال الأعوام العشرة من حكم الرئيس السيسي على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى وتلك البازغة بهدف تعظيم المصالح الوطنية مع الأطراف الدولية الفاعلة كافة، فشهدت العلاقات المصرية الآسيوية زخما كبيرا خلال العقد الماضي تنفيذًا لرؤية القيادة السياسية المصرية نحو زيادة أواصر التعاون "المصري - الآسيوي" وتعميق العلاقات مع الدول الآسيوية من خلال تحقيق أقصى استفادة من خبرات العديد من الدول الآسيوية الرائدة.
زخم في العلاقات مع آسيا عكسته وتيرة عالية تمثلت في تبادل الزيارات رفيعة المستوى على المستوى الرئاسي أو على المستويات الوزارية وكبار المسئولين بغية تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والعديد من الدول الآسيوية والمنظمات الإقليمية الآسيوية.
ويؤكد الخبراء السياسيون أن التعاون في المجالات الفنية والتقنية يعد أحد أهم ركائز العلاقات المصرية مع الدول الآسيوية، لاسيما في قطاعات التعليم والتعليم العالي والصحة وبناء القدرات والتكنولوجيا والبحث العلمي والتبادل الثقافي والسياحة والبنية التحتية والاستثمار والتجارة.
ويشيرون إلى أن أهمية تلك العلاقات تتمثل في المردود الإيجابي العائد على المصلحة الوطنية، وفيما يحققه التعاون مع الدول الآسيوية من رفع كفاءة البنية التحتية المصرية، وزيادة قدرات الكوادر الوطنية، فضلًا عن زيادة الاستثمارات الخارجية والمساهمة الفعالة نحو إنجاح رؤية التكامل الاقتصادي الوطني وكذلك العمل على تنفيذ خطة التنمية 2030.
كما يعكس المستوى الرفيع للزيارات المتبادلة واللقاءات والاجتماعات التي عُقدت على مدار العقد الأخير بخلاف الاتصالات تنامي إدراك الدول الآسيوية لأهمية تعزيز العلاقات مع مصر في جميع المجالات، فشهدت تلك الفترة الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى شراكات استراتيجية كاملة مع عدد الدول المؤثرة مثل الصين وروسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية؛ كما دخلت مصر مع شركائها في آسيا في علاقات جديدة على أساس تبادل المصالح وتحويل ذلك التعاون من علاقة بين حكومات فقط إلى علاقة تستوعب قوى المجتمع الاقتصادي ككل وفي مقدمته رجال الأعمال.
البعد الاقتصادي ودعم الاقتصاد المصري وتهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية؛ احتل أيضا صدارة اهتمامات القيادة السياسية، من خلال توظيف تحركات السياسة الخارجية المصرية لخدمة الاقتصاد وعملية التنمية في إطار ما يطلق عليه دبلوماسية التنمية، حيث كان أحد أهم أهداف زيارات الرئيس السيسي الخارجية الاستفادة من التجارب الاقتصادية الناجحة، وتبادل الخبرات والتدريب مع دول العالم كافة خدمة لأغراض التنمية الداخلية التي تسير حالياً بخطى سريعة في كل المجالات.
وفى الإطار، كانت السنوات العشر الماضية شاهدة على تعضيد التعاون بين مصر والهند، التي احتفلت بمرور نحو 77 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
زخم في العلاقات الثنائية أسهمت فيه الزيارتان التي قام بهما الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند في أكتوبر 2015 وفي سبتمبر 2016، ومع مطلع العام الفائت 2023 وخلال زيارته التاريخية إلى نيودلهي.. وتأكيد الرئيس السيسي عزم مصر والهند على الارتقاء بعلاقتهما الثنائية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المتبادل في مختلف القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك.
الرئيس السيسي أشار كذلك إلى أن تكامل قدرات مصر والهند يمكنه أن ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الدولية المستجدة بما في ذلك أزمتا الطاقة والغذاء.
ويشير المحرر الدبلوماسي لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أنه وخلال زيارة دولة الهند، والتي حل فيها الرئيس السيسي كضيف رئيس في الاحتفالات بيوم الجمهورية في السادس والعشرين من شهر يناير الماضي بدعوة من رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، شهدت العلاقات مرحلة جديدة، حيث أعلن الارتقاء بها لمستوى "الشراكة الاستراتيجية حيث أصدر الجانبان بيانا مشتركا من 38 بندا يتضمن التأكيد على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مُستوى (الشراكة الاستراتيجية) التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقة".
وجاء في البيان أنه تلبيةً لدعوة رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، زار الرئيس عبدالفتاح السيسي، الهند خلال الفترة من 24 إلى 26 يناير 2023.
وأشار البيان إلى أن هذه الزيارة تعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الهند لعلاقاتها مع مصر، حيثُ يحل الرئيس السيسي بالهند كضيف الشرف في احتفالها بـ "يوم الجمهورية" يوم 26 يناير 2023. وتُعَد زيارة الدولة هذه هي الثانية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى الهند، حيثُ يرافقه خلالها وفد رفيع المُستوى يضم وزير الخارجية ووزير الكهرباء والطاقة المُتجددة ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك عددا من كبار مسئولي الحكومة المصرية.
ووفقا للبيان المشترك الصادر حينها.. أقيمت لرئيس الجمهورية مراسم الاستقبال الرسمية في ساحة القصر الرئاسي "راشتراباتي بهافان" في نيودلهي يوم 25 يناير 2023، وزار ضريح المهاتما غاندي في راج غات. وأقامت رئيسة جمهورية الهند دروبادي مورمو، مأدبة عشاء على شرف الرئيس. كما استقبل رئيس الجمهورية كلًا من نائب رئيسة جمهورية الهند جاجديب دانكار، ووزير خارجية جمهورية الهند الدكتور سوبرامانيام جايشانكار.
وعقد الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مُحادثات مُنفردة ومُوسعة بحضور وفدي البلدين في أجواء من الصداقة والتفاهم، حيثُ تبادل الوفدان وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك.
وأعرب الزعيمان عن تقديرهما للتعاون المُثمر بين الجانبين على المُستوى الثنائي وفي المحافل الدولية.. كما أشار الزعيمان إلى أهمية توقيت هذه الزيارة، إذ تحتفل الدولتان الصديقتان بالذكرى الخامسة والسبعين على تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وفي ضوء تطور العلاقات الثنائية بين البلدين وإمكانية نموها في المُستقبل، قرر الزعيمان الارتقاء بعلاقاتهما إلى مُستوى "الشراكة الاستراتيجية" التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والطاقة والاقتصادية. ويسعى الجانبان من خلال ذلك إلى تعظيم المصالح المُشتركة وتعزيز الدعم المُتبادل للتَّغَلُّب على الصعوبات الناجمة عن مُختلف الأزمات والتحديات المُتتالية التي يواجهها العالم. وقد استعرض الزعيمان وضع العلاقات الثنائية القائمة على ركائز تَهْدِف لتوثيق التعاون السياسي والأمني، وتعميق المُشاركة الاقتصادية، وتقوية التعاون العلمي والأكاديمي، فضلًا عن توسيع الاتصالات الثقافية والشعبية.
وتقديرًا للبادرة الودية التي قامت بها الهند بدعوة مصر للمُشاركة كضيف في اجتماعات وقمة مجموعة العشرين، عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ثقته في أن هذا المحفل سينجح في تحقيق أهدافه خلال الرئاسة الهندية. واتفق الزعيمان على العمل سَوِيًّا بشكل وثيق خلال فترة رئاسة الهند لمجموعة العشرين، وأكدا مجددًا أن مصالح وأولويات "الجنوب العالمي" يجب أن تحظى باهتمام وتركيز في المُنتديات العالمية الرئيسية، بما في ذلك مجموعة العشرين.
وشارك الرئيس السيسي في فعالية اقتصادية ألقى خلالها كلمة رئيسية، ودعا مُجتمع الأعمال الهندي لاستكشاف فرص الأعمال الجديدة والناشئة في مصر، لا سيما من خلال الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والبتروكيماويات والطاقة والزراعة والرعاية الصحية والتعليم وتنمية المهارات وتكنولوجيا المعلومات.
وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، أكدت الدولتان- في البيان المشترك- التزامهما بالتعددية، ومبادئ ميثاق الأمم المُتحدة، والقانون الدولي، والقيم التأسيسية لحركة عدم الانحياز، واحترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول. واتفق الجانبان على العمل معًا لتعزيز وحماية هذه المبادئ الأساسية من خلال إجراء المُشاورات والتنسيق المُنتظم على المستويين الثنائي والمُتعدد الأطراف، مع الأخذ في الاعتبار الحساسيات الثقافية والاجتماعية لجميع الدول.
وبشأن التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار.. أعرب الزعيمان عن تقديرهما للمُشاركة الاقتصادية الثنائية القوية، وأعربا عن ارتياحهما للمُستوى الحالي للتجارة الثنائية التي سجلت رقمًا قياسيًّا قدره 7.26 مليارات دولار أمريكي في العام المالي 2021-2022، وذلك على الرغم من التحديات التي مثلتها جائحة فيروس كورونا. كما أعربا عن ثقتهما في إمكانية تحقيق هدف وصول حجم التجارة الثنائية إلى 12 مليار دولار أمريكي في غضون السنوات الخمس المُقبلة، وذلك من خلال تنويع سلة التجارة والتركيز على القيمة المُضافة.
كما رحب الزعيمان بتوسيع الاستثمارات الهندية في مصر، والتي تزيد حاليًّا على 3.15 مليارات دولار أمريكي، واتفقا على تشجيع الشركات في دولتيهما على استكشاف الفرص الاقتصادية والاستثمارية الناشئة في الدولة الأخرى.
ورحبت مصر في البيان ذاته بتدفق المزيد من الاستثمارات الهندية وتعِد بتقديم الحوافز والتسهيلات وفقًا للوائح والأطر المعمول بها.
من جانبها، تؤكد الهند دعمها لهذا النهج من خلال تشجيع شركاتها – التي لديها القدرة على تأسيس استثمارات خارجية – للاستفادة من الفرص الاستثمارية المُتاحة في مصر. وفي هذا السياق، يدرس الجانب المصري إمكانية تخصيص مساحة أرض خاصة للصناعات الهندية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على أن يقوم الجانب الهندي بإعداد الخطة الرئيسية لتفعيل ذلك.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات بناء القدرات وتبادل الخبرات في المجالات التنموية في ضوء نجاح التجربة المصرية في تنمية المناطق الريفية في إطار مشروع "حياة كريمة"، وكذلك تجربة الهند في استخدام التكنولوجيا لمُكافحة الفقر.
ومع الالتزام باللوائح والمعايير التجارية المعمول بها في كل من الدولتين وكذا مبادئ التنافسية والشفافية، أكد الجانبان عزمهما على التعاون في تجارة السلع الاستراتيجية والمطلوبة لتحقيق الأمن الغذائي بحيثُ تستطيع الدولتان احتواء تداعيات أزمة الغذاء العالمية.
وفيما يتعلق بمُكافحة التطرف والإرهاب، أعرب السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن قلقهما من انتشار الإرهاب في جميع أنحاء العالم، واتفقا على أنه يُشكل أحد أخطر التهديدات الأمنية للإنسانية.
وأدان الزعيمان استخدام الإرهاب كأداة للسياسة الخارجية، داعين إلى عدم التسامح مُطلقًا مع الإرهاب وجميع من يشجعونه ويدعمونه ويمولونه أو من يوفرون ملاذات للإرهابيين والجماعات الإرهابية، مهما كانت دوافعهم، وشددا على الحاجة إلى قيام المُجتمع الدولي بتنسيق العمل بهدف القضاء على الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود. وكررا إدانتهما لكافة جهود استخدام الدين – من قِبَل دول أو جماعات – لتبرير أو دعم أو رعاية الإرهاب ضد دول أخرى. ودعا الزعيمان جميع الدول إلى العمل على اجتثاث الشبكات الإرهابية وملاذاتها الآمنة والقضاء على بنيتها التحتية وقنوات تمويلها ومنع تحركات الإرهابيين عبر الحدود.
وكرر الزعيمان عزمهما المُشترك على تعزيز قيم السلام والتسامح والشمولية وبذل جهود مُتضافرة لمُكافحة الإرهاب والأيديولوجيات التي تحض على العنف والتطرف. وشددا على الحاجة إلى نهج شامل لمُكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على أن يشتمل – من بين أمور أخرى – على منع استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من قِبَل المراكز الدينية لزرع التطرف بين الشباب وتجنيد الكوادر الإرهابية. واتفقا على الحاجة إلى عقد اللجنة المُشتركة حول مُكافحة الإرهاب على نحو مُنتظم لتبادل المعلومات وأفضل المُمارسات. واتفق الجانبان أيضًا على تعزيز التفاعُل بين مجلسي الأمن القومي في الدولتين.
وفي إطار الروابط القوية بين البلدين.. قام رئيس الوزراء الهندي بزيارة مصر، في يونيو من العام الماضي، حيث قام البلدان خلال تلك الزيارة بتوقيع اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية".. وخلال الزيارة ذاتها قام الرئيس السيسي بمنح رئيس الوزراء مودي خلال زيارته إلى مصر "قلادة النيل" في إشارة إلى استمرار الصداقة الهندية-المصرية لسنوات مقبلة.
وقام الرئيس السيسي أيضا بزيارة إلى الهند، حيث شارك في قمة العشرين التي عقدت بنيودلهي، في سبتمبر الماضي.
التعاون مع الصين شهد كذلك طفرة في العلاقات الثنائية في ظل الجمهورية الجديدة، حيث احتفل البلدان بمرور عشرة أعوام على تدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما في عام 2014 طفرة تعكسها وتيرة الزيارات رفيعة المستوى بين مسئولي البلدين والاتصالات المتبادلة بين الزعيمين وكذا حجم الاستثمارات والمشروعات المشتركة.
العلاقات الوثيقة بين البلدين شدد عليها الرئيس السيسي ونظيره الصيني شي جين بينج- خلال زيارة الدولة الأخيرة التي قام بها الرئيس السيسي في مايو الماضي- إلى بكين تلبية لدعوة من نظيره الصيني، حيث أجرى الزعيمان محادثات رسمية حول مجمل العلاقات وتطويرها في كافة المجالات وتعزيز التنسيق بين القاهرة وبكين في الأطر المتعددة الأطراف وتبادلا الآراء حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وأشاد الرئيسان- في البيان المشترك الصادر خلال هذه الزيارة بشأن تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة- بالتطور الملحوظ في علاقات البلدين في كافة المجالات، والتي شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة في أعقاب تدشين علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما في عام 2014، وأكدا أهمية استثمار الذكرى العاشرة لتدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة للترفيع والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية لآفاق أرحب من خلال العمل على زيادة وتكثيف الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين الحكومتين والأجهزة التشريعية والحكومات المحلية للبلدين، وبما يُدعم مصالح البلدين ويلبي تطلعات وطموحات شعبيهما الصديقين، ويرتقى بمستوى العلاقات بين البلدين نحو هدف بناء مجتمع المستقبل المشترك في العصر الجديد، ويدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة بين البلدين إلى مستويات جديدة.
كما أعرب الرئيسان عن ارتياحهما للنتائج المثمرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، والتي أسهمت في تعزيز التنمية والازدهار في البلدين، حيث شاركت الصين في العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى في مصر لاسيما في مجالات البنية التحتية والنقل والسكك الحديدية وبناء السفن والإنشاءات والاستثمارات وعلوم الفضاء، بما في ذلك المشاركة في بناء حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتدشين القطار الكهربائي للعاشر من رمضان، والاستثمارات الصينية بالمنطقة الصناعية "تيدا المصرية-الصينية" بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وإطلاق القمر الصناعي المصري "مصر سات-2"، فضلاً عن تعزيز التعاون المالي وتمديد الاتفاقية بشأن مبادلة العملات المحلية ونجاح مصر في إصدار سندات "الباندا" في الصين، وزيادة التنسيق في المحافل الاقتصادية الدولية بما في ذلك انضمام مصر للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية واستضافتها للاجتماع السنوي للبنك في عام 2023، وكذلك الانضمام لبنك التنمية الجديد رسمياً في عام 2023، والانضمام لعضوية تجمع "البريكس" في عام 2024.
وبمناسبة الذكرى العاشرة لإطلاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، فقد أعلن الرئيسان عبد الفتاح السيسي وشي جين بينج عن تدشين "عام الشراكة المصرية-الصينية" والذي سيشهد العديد من الفعاليات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بهدف دفع وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات.
كما ثمن الرئيسان توقيع البلدين على البرنامج التنفيذي للشراكة الاستراتيجية الشاملة للأعوام الخمسة المقبلة (2024-2028) في يناير 2024، والذي يُمثل خارطة طريق لتطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى مستوى أعلى تأسيساً على ما تحقق من إنجازات ملموسة خلال السنوات الماضية.
شراكة استراتيجية تربط كذلك بين مصر واليابان لتتوج الطفرة الكبيرة التي يشهدها التعاون بين القاهرة وطوكيو منذ عام 2014؛ حيث اتفق الجانبان خلال مباحثات القمة التي جرت بين الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا بالقاهرة، في العام الماضي، على ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية كتتويج لمسيرة ممتدة من الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين الصديقين.
تحركات دبلوماسية تواصلها مصر بقيادة السيسي منذ أكثر من عشر سنوات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لتعظيم روابطها بكافة الدول وتعزيز شركاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى وتلك الصاعدة لتعزيز مصالحها وصون أمنها القومي.. وفي مسار جمهوريتها الجديدة تجني مصر يوماً تلو الآخر الثمار، وتبلور مقومات القوة الشاملة للدولة، وتعيد تعريف عناصرها الجوهرية مُوجِّهةً إياها لصالح تحقيق طموحات شعبها العظيم في التنمية والازدهار بالتوازي مع الحفاظ على الأمن القومي الإقليمي والقاري والاستقرار والسلام في ربوع العالم.