30 يونيو.. دبلوماسية الثورة تناغم يفرض ريادة مصر فى المحافل متعددة الأطراف
بذلت الدبلوماسية المصرية خلال عقد كامل الجهود الدؤوبة والتى وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي خارطة الطريق لها ينقضى بينما تمضى القاهرة قدما فى مسيرتها الوطنية تحت راية الجمهورية الجديدة فى تثبيت حضور مصر الفاعل لتعضيد مصالحها القومية والدفاع عن حقوق مواطنيها.
10 سنوات من الإنجازات الدبلوماسية جنت مصر ثمارها ورسخت مقعدها فى صفوف الدول الكبرى والفاعلة على الساحة الدولية والإقليمية سياسيا وإقتصادياً؛ فالسياسة الخارجية التى وضع الرئيس السيسي خطوطها العريضة فى يونيو 2014 نجحت فى تحقيق انطلاقة جديدة لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحورى إقليميا ودوليا واستعادة مكانتها ودورها لصالح الشعب المصرى
شهدت السياسة الخارجية المصرية خلال العشر سنوات نشاطا مكثفا ، ارتكزت في اطارها على الزود عن المصالح الوطنية وتحقيق التوازن والتنوع فى علاقتها مع مختلف دول العالم وفتح آفاق جديدة للتعاون اتساقاً مع مبادىء السياسة المصرية القائمة على تعزيز السلام والاستقرار في المحيط العربى والإقليمى والدولى، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز التضامن، والتمسك بمبادىء القانون الدولى.
وعلى مدى العقد الماضى جنت مصر بقيادة الرئيس السيسي ثمار سياستها الخارجية الجديدة بالحصول على مقعدٍ غير دائم فى مجلس الأمن ورئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، ورئاسة القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ، واختيارها لرئاسة الاتحاد الافريقي وعضويتها في البريكس ، كما توثقت علاقات مصر بدول العالم وقواه الكبرى.
وعكفت مصر خلال العقد الفائت على تعزيز شراكاتها الإستراتيجية مع كافة القوى الدولية الكبرى والبازغة في مختلف أنحاء العالم، وذلك عبر شبكة مُتشعبة من العلاقات المُتنامية، والتي تهدف إلى تعظيم المصالح المصرية مع الأطراف الفاعلة في مختلف دوائر التحرك، سواءً الأمريكية بدول قارتها الشمالية والجنوبية، أو الأوروبية في إطارها الثنائي أو من خلال الاتحاد الأوروبي، وكذا الدول الآسيوية التي تشهد معها العلاقات طفرات متوالية خلال السنوات الماضية ويعكسها توقيع مصر لاتفاقية تجارة حرة مع تجمع الميركوسور أحد أهم التكتلات الاقتصادية في أمريكا الجنوبية، وانضمام مصر عضوًا شريكًا للحوار في منظمة شنغهاي للتعاون في آسيا.
وفي هذا الإطار اكتسبت دعوة مصر التى وجهتها مجموعة "بريكس" اعتبارا من يناير 2024 أهمية كبرى في هذا التوقيت الذى يشهد فيه العالم تغيرات كبيرة ومتسارعة.. دعوة رحب بها الرئيس السيسي حيث قال في بيان واضح إننا نعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها جميعاً علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة، وكذا مع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادي فيما بيننا، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية".
لا تألو الدبلوماسية المصرية جهدا لدفع العلاقات المصرية مع كافة الدوائر فى انحاء العالم بما فى ذلك في الإطار المتعدد الأطراف.. فقد شهدت المشاركة في قمم ومؤتمرات للمنظمات الدولية والإقليمية سواء الجمعية العامة للأمم المتحدة والقمم العربية وقمم الاتحاد الأفريقى وكذلك اجتماعات منظمة التعاون الإسلامى وكذا مجموعة العشرين التى حلت مصر عليها العام الماضى كدولة ضيف الرئاسة الهندية للمجموعة.
وايمانا من البريكس التى تلعب دورا هاما على الساحة العالمية بأهمية ومكانة مصر فانها تحرص على تعزيز التعاون مع ام الدنيا وقلب العالم العربى وبوابة أفريقيا وشريان العالم فضلا عن رؤيتها وتقديرها.
وتحرص مصر على المشاركة في فعاليات "بريكس" التى تعد مجموعة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006 وعقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009، وكان أعضاؤها هم الدول ذوات الاقتصادات الصاعدة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين تحت إسم "بريك " قبل ان تنضم اليها جنوب إفريقيا في عام 2010 ليصبح اسمها "بريكس".
وتجسيداً لمكانة مصر إقليميا ودوليا ودورها المؤثر في القضايا والملفات الاقتصادية الدولية الرئيسة، والمستقبل الواعد الذى ينتظرها مع المشروعات العملاقة التى تشيدها والانطلاقة التنموية الكبيرة التى تشهدها، كانت مصر على موعد جديد لتكون حاضرة فى صفوف الدول الكبرى، فقبل أيام من حلول العام الجارى 2024، جاءت دعوة حكومة البرازيل، الرئيس الحالى لمجموعة العشرين "جى٢٠"، لمصر للمشاركة كدولة ضيف فى كافة اجتماعات المجموعة خلال فترة الرئاسة البرازيلية والتى بدات فى مطلع الشهر الجارى وتستمر لمدة عام.
وتعد المشاركة المصرية في إجتماعات مجموعة العشرين- التى تمثل دولها 80% من الناتج الإجمالى العالمى، و75٪ من حجم التجارة الدولية، و60٪ من سكان العالم- برئاسة البرازيل هى الرابعة من نوعها منذ إنشاء المجموعة، والثانية على التوالى بعد مشاركة مصر في اجتماعات العشرين الدورة الماضية، خلال فترة رئاسة الهند، والتى تكللت بمشاركة رئيس الجمهورية في أعمال قمة المجموعة في دلهى، في سبتمبر الماضى.
المشاركة المصرية فى اجتماعات العشرين - التى تشكل أحد أهم أطر اتخاذ القرار الاقتصادى على المستوى الدولى- تحت الرئاسة البرازيلية تأتى فى مرحلة تواجه فيها المجموعة تحديات متزايدة فى ضوء الازمات الحادة والمتعاقبة التى يواجهها العالم منذ تفشى وباء كورونا مروروا بتداعيات الأزمة الأوكرانية فالكارثة الإنسانية التى يشهدها قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلى الغاشم.
خطى ثابتة مضت بها مصر ولا تزال لتعزيز دورها الريادى في القارة الأفريقية بعد ثورة الثلاثين من يونيو ، حيث وضع الرئيس السيسي عناصر عديدة متكاملة ومتناغمة لضمان اعادة تمركز مصر في قارتها ليس فقط استنادا على التاريخ والجغرافيا بل بترسيخ اسس للتعاون بين مصر والدول الافريقية الشقيقة على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والشعبية والانسانية توظف فيه مصر امكانياتها وعلاقاتها الدولية من اجل النهوض بالقارة الافريقية باسرها وتحقيق التنمية التى ينشهدها شعوبها.
وفي هذا الإطار جنت مصر ثمار جهودها حيث تم إنتخابها بالإجماع خلال إجتماعات قمة الإتحاد الإفريقى الأخيرة عضوا بمجلس السلم والأمن الافريقى اعتبارا من إبريل الماضى ولمدة عامين كممثل عن إقليم شمال إفريقيا وهو ما يعكس تقدير وثقة دول الإقليم وبلدان القارة لجهود مصر وإلتزامها بتعزيز السلم والأمن والإستقرار فى إفريقيا.
وأكدت مصر فى خلال إجتماع المجلس الذى عقد فى أبريل الماضى بتشكيله الجديد على ضرورة تبنى مقاربة شاملة لمعالجة التحديات الأمنية والتنموية فى القارة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتفشى النزاعات المسلحة فى العديد من دول إفريقيا، وشددت على محورية جهود إعادة الإعمار والتنمية في التعامل مع تحديات السلم والأمن فى إفريقيا إتصالا بريادة مصر لملف إحياء وتنشيط سياسة الإتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات وإستضافة القاهرة لمقر مركز الإتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
نجم مصر بزغ أيضا خلال السنوات الـ10، حيث قامت الدبلوماسية المصرية بجهود مكثفة لترسيخ الدور الريادي على الساحة الأممية، وهو ما تُوج بانتخاب مصر لعضوية المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي 1016-2017 بدعم واسع من الجمعية العامة، ما يعكس تقدير المجتمع الدولي لمصر ودورها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وخلال عضويتها في المجلس.. ركزت مصر على دعم القضايا الأفريقية والعربية وقضايا الدول النامية إذ تمثلت أولويات مصر داخل مجلس الأمن في الدفاع عن القضايا العربية، والأفريقية، ومكافحة الإرهاب، وتسوية النزاعات في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وجاءت عضوية مصر في المجلس في ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة، حيث عملت مصر من خلال عضويتها بالمجلس على حماية المصالح العربية، والدفع بحلول بناءة لأزمات القارة الأفريقية والدول العربية..وقد حققت عضوية مصر في مجلس الأمن إنجازات كبيرة عكستها مواقف الوفد المصري تجاه العديد من القضايا المهمة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذي بات يهدد دول العالم كافة.
وبشهادة الجميع حفلت عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن الدولى وعلى مدى عامين بالعديد من الإنجازات التى جسدت مواقف مصر الثابتة ومساعيها المستمرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للذود عن الحقوق والمصالح العربية والأفريقية فى إطار نهج دبلوماسى ثابت تتصدر من خلاله القوى الدولية التى تسعى لحفظ السلم والأمن الدوليين، حيث جاءت تحركات مصر ومبادراتها الدبلوماسية خلال فترة عضويتها فى مجلس الأمن والتى انطلقت فى يناير 2016 خير شاهد على مصداقية سياستها الخارجية إزاء قضايا أمتها العربية وقارتها الافريقية وأثبتت مكانتها على مدى عامين عبر إنجازات فى ظل معارك ضارية شهدتها الجلسات والنقاشات وعمليات التصويت داخل المجلس.
ومنذ اليوم الأول لعضويتها.. حملت مصر رؤى وأفكار ومصالح أفريقيا والعالم العربي التي تمثل قضاياها نحو 90% من القضايا المعروضة على المجلس خلال هذه الفترة والتى شهد خلالها العالم تطورات كبيرة لتتوج مصر إسهاماً متواصلا بصفتها ممثلة للدول العربية والأفريقية ولحركة عدم الانحياز فى المجلس، فضلا عن تعبيرها عن رؤية تلك الدول إزاء قضايا السلم والأمن الدوليين.
وإدراكا منها بأن دور مجلس الأمن لا يقتصر على إدارة النزاعات والصراعات، بل يجب أن يمتد إلى تسويتها، ركزت مصر خلال عضويتها على مفهوم ترابط آليات السلم والأمن بحيث يكون لمجلس الأمن والجمعية العامة ولجانها، ولجنة بناء السلام، كل فى نطاق ولايته واختصاصه، دور فى التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاعات الدولية.
كما تولت مصر في عام 2018 رئاسة مجموعة ال77 والصين بعد ان تم انتخابها على هامش اعمال الجمعية العامة للمم المتحدة تتويجا لجهودها على الساحتين الاقليمية والدولية وذلك للمرة الثالث حيث ترأست مصر المجموعة مرتين فى دورة 1972-1973 ثم دورة 1984 - 1985.
وجاءت رئاسة مصر واستضافتها للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ COP27 الذى يعد الحدث الاكبر المتعلق بالمناخ على الاجندة العالمية بشرم الشيخ لتؤكد نجاح مصر ليس فقط على المستوى المتميز للتنظيم واللوجستيات الخاصة بمؤتمر المناخ، وإنما أيضاً على مستوى قيادة العمل الدولى الجماعى فى مجال المناخ.
إشادات عالمية حظى بها المؤتمر الذى شهد زخما كبيرا في الشق التفاوضي ونقاش حثيث بين الجميع للوصول لاتفاقات مرضية لمختلف أطراف المحور التفاوضي، خاصة في برنامج عمل التخفيف، والهدف العالمي للتكيف ، وتمويل المناخ، وكان من أهم انجازات الشق التفاوضي للمؤتمر المادة السادسة لاتفاق باريس، واعلان صندوق تمويل الخسائر والأضرار، وهي نقاط هامة لدعم الانسانية لتستطيع مواجهة آثار تغير المناخ.
وبعد مرور 10 سنوات على تولى الرئيس السيسي قيادة مصر .. وبرؤية عميقة واضحة وتناغم يجمع بين المرونة والفعالية مضت سفينة الدبلوماسية المصرية وسط الأنواء الاقليمية والدولية لتفرض هيبة الدولة المصرية ليس فقط على المستوى الثنائى بل وعلى المستوى متعدد الأطراف .. وعززت مصر مكانتها إقليميا ودوليا، العربية والأفريقية برصيدها الحضارى وتمركزها الجيوستراتيجى لتصنع اقليماً أفضل وعالماً أفضل من أجل وطن أفضل